الصراط المستقيم

السيرة النبوية (38) دروس حصار النبي وأصحابه

بقلم / الدكتور محمد النجار

ذكرنا في الحلقة (37) محاصرة المشركين للنبي واصحابه وعشيرته مسلمهم وكافرهم ثلاث سنوات في شِعب أبي طالب، وقد سخر الله شابا  لم يكن مسلما  استثار المروءة في اربعة شباب من مكة ،وتم فكهم للحصار العصيب ، كما كان الحصار تربية ودروس عملية أرادها الله للمؤمنين لتهيئتهم لفتح طريق الدعوة الاسلامية ومواجهة الطغاة والجبابرة ونشر الاسلام والسلام والعدل والحرية  الى يوم الدين .

 ونستعرض في الحلقة (38) الدروس المستفادة من هذه الحادثة :  

  1. كانت تلك القطيعة التي احدثتها النفس الوثنية الخانقة سببا  في ذيوع الاسلام ، وامر دعوة محمد صلى الله عليه وسلم . فقد رأى العرب مقاطعة قريش لذؤابتها من بني هاشم ،وهم يجيئون الى مكة المكرمة حاجين ومعتمرين ومتجرين يغشون الاسواق ويجدون سادة العرب ممنوعين من غشيانها ، والدعوة قائمة على قدم وساق ، فلابد ان يسألوا  لِمَ كان هذا ، وان يتعرفوا دعوة الحق ، وما ينادي به محمد عليه الصلاة والسلام ، فتصل الى اسماعهم ، فمنهم من يؤمن ، ومنهم من يستمر في ضلاله. ولذلك كانت هذه المقاطعة سببا في تسامع العرب بالاسلام ودعوته ، وان تصل الدعوة المحمدية  الى القبائل في اماكنهم ، فمن اهتدى فقد اهتدى لنفسه ، ودعا  غيره  بالهداية ، ومن لم يؤمن تحدث مع غيره بما كفر به ، فتكون الدعوة  قد عَلِمَ بها من ارتضاها ، ومن لم يرتضها ، لقد حملها جميعهم ، ورب حامل فقه  لا فقه له ، ورب حامل  فقه الى من هو أفقه منه   .

      لقد سخطت القبائل العربية على قريش في حصارها القاسي ثلاث سنوات على بني هاشم وبني عبدالمطلب ، مما أثار تعاطف هذه القبائل مع بني هاشم وبني عبدالمطلب ودخلت كثير من القبائل الاسلام بعد هذا الحصار

  1. يحاول البعض اظهار رسالة النبي صلى الله عليه وسلم على انها ثورة يسار من الفقراء ضد الأغنياء  المترفين . كيف يتفق ذلك وقد عُرض على النبي اغراءات المُلْك والمال والزعامة ليتخلى عن دعوته للاسلام، وقد رفض النبي كل تلك الاغراءات ، وفي نفس الوقت لم يعترض عليه اصحابه ولم يضغطوا عليه رغم ماتعرضوا له من حصار وتجويع وألم. 

     فهل يطمح اصحاب الثورات اليسارية لأكثر من الحكم في ايديهم  والمال في جيوبهم ؟

     إنه الايمان بالرسالة السماوية التي تحقق العدل بين جميع البشر والحرية لكل انسان والنصرة لكل مستضعف مظلوم ، ومن الطبيعي ان ينكرها  كل طاغية وظالم ومستبد .

  1. تضامن مشركي بني هاشم وبني عبدالمطلب مع النبي صلى الله عليه وسلم وحمايتهم له هو أثرٌ من اثار القبلية أو القومية وهو عرف من اعراف الجاهلية ، وهذا درس يستفيد منه المسلم حيث يسعه الاستفادة من قوانين الكفر التي قد تخدم الدعوة .

(على ان يكون ذلك مبنيا على فتوى صحيحة من اهلها   ) .

  1. لقد فتحت المقاطعة الاقتصادية والاجتماعية وما تناقلته الاخبار  من تجويع وعزلة  للنبي واصحابه وصبره  عليها ، فتحت عيون كل ابناء الجزيرة العربية لبحث اسباب تلك المأساة وصبر اهلها عليها ، فكانت اعظم دعاية اعلامية لهذه الدعوة الاسلامية ،وكان لها اعظم الاثر في اسلام كثير من ابناء القبائل العربية  .
  2. لم يستطع ابو طالب ان يقاوم هذا التحالف الباغي إلا بالحرب السياسية من جهة  ، ومحاولة  تفتيت هذا التحالف ، فعمل قصيدته اللامية المشهورة  وفي بدايتها :

     ولما رأيتُ القومَ  لا وُدَّ  عندهم … وقد قطعوا  كلَّ العُرا  والوسائلِ

     وقــــــد حالفوا  قوما  علينا  أظنــةً … يعضـون  غيظا خَلْفَنا  بالأناملِ

وكان لهذه القصيدة  أثرٌ  خطيرٌ  زلزل اوضاع مكة ، واستطاعت ان تحرك كامن العصبية عند اقارب بني هاشم ، حيث ائتمروا  سرا  ، ودعوا  الى نقض الصحيفة   .

  1. درس المقاطعة ضد النبي صلى الله عليه وسلم منذ بعثته ، نستفيد منه من  أن أي بلد مسلم يحاول تطبيق شرع الله يجب ان يضع في اعتباره انه سيتعرض للمقاطعة والحصار من اعداء الأمة في الداخل والخارج ، وعليه ان يضع في مخططاته كيفية مواجهة هؤلاء والتعامل معهم بحذر وحكمة ، وضرورة حشد طاقات الامة بكاملها  لكيفية مواجهة الحصار ، والصمود والتحدي لكل المخططات الدولية والاقليمية والداخلية التي تؤيد الباطل وتقف معه ، وكيفية الخروج من تلك الأزمات وهي أقوى داخليا وخارجيا ، اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا ، فإن أحفاد قريش من الكفار لازالوا  يعملون ضد دعوة الاسلام واتباعه المسلمين.
  2. ينبغي على قائد الأمة ان يكون على معرفة كاملة بالنظام الدولي وطبيعة الدول وحكامها وشعوبها ومعرفة مدى تحقيق العدالة  عندهم ومدى استقلال القضاة والقضاء حتى إذا ما احتاج الي الدعم الخارجي في حال أي حصار على دولته يكون لديه المعرفة الكاملة في امكانيات كيفية دفع الحصار ومساندة الدول الاخرى له ولشعبه والخروج من الحصار أقوى عزيمة واعظم قوة .
  3. بذلت قريش كثير من المال والجهد لمحاصرة النبي صلى الله عليه وسلم ودعوته والضغط على الاجساد والبطون، وفرضت مقاطعة شرسة وكرست كل حلفاءها معها .

     ولهذا يجب  أن ندرك أن الأعــــداء يـبـذلون الكثير من المال للصد عن سـبـيل الله ونشر باطلهم ، ومع ذلك  لم ينالوا من  القلوب المؤمنة سبيلاً وإن كانوا نالوا من اجسادهم وآلامهم.

     وما زال الأعداء ينفقون بسخاء للتضييق عل المسلمين في دعوتهم ، ونشر الكفر والإلحاد وتشجيع الرزيلة والفجور والإباحية عن طريق المؤسـســات الإعلامية والمؤسسات التنصيرية والمؤسسات الفكرية وغيرها،  وكل ذلك ليصدوا الناس عــــن الحق :

     (( إنَّ الَذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ والَّذِينَ كَفَرُوا إلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ )) [الأنفال: 36].

     وإذا كان أهـــل الباطـل ينفقون  الكثير من المال من أجل باطلهم وفجورهم ، فكيف بالمسلمين الموسرين المسلمين يمـسـكــون عن الإنفاق لنشر  دعوة الحق ، ومواساة اخوانهم المسلمين من الفقراء و المعوزين ؟ فعلينا السعي والبذل لنصرة دعوة الاسلام واتباعها في كل مكان :

     ((هَا أَنتُمْ هَؤُلاءِ تُـدْعَــــوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ ومَن يَبْخَلْ فَإنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ واللَّهُ الغَنِيُّ وأَنتُمُ الفُقَرَاءُ وإن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ)) [محمد: 38].

  1. لم تقتصر معاهدة قريش واضرارها وأذاهــا على النبي صلى الله عليه وسلم  واصحابه فقط ، بل شملت كل من يقف أو يتعاطف معهم  أو يدافع عنهم أو أي صلة تربطهم بهم سواء كانت علانية أو سرا .

     ولهذا ينبغي  على عموم المسلمين  أن يتجمعوا  ويترابطوا  خلف  علمائهم ودعاتهم المخلصين ،  يناصرونهم و يؤازرونهـــم ، وان تكون صلتهم بالمجتمع الدولي قائمة على المصالح المشتركة والسلم العالمي .  كما ينبغي العلماء والدعاة  إلى الله تقوية صِلاتهم بجمهور المسلمين حتى يكونوا يدا واحدة ، وصفـــاً واحــداً ، لا مكان فيه للاختراق من الاعداء في الداخل او الخارج.

             ((واعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً ولا تَفَرَّقُوا )) [آل عمران: 103] .

  1. إن المتأمل في بنود الوثيقة أو الاتفاقية أو المعاهدة الخاصة بالحصار والمقاطعة ، يجد ان قريشا قد احكمت البنود بعناية شديدة وعميقة ولم تدع ثغرة  يمكن النفاذ من خلالها ، مما يؤكد أنها وُضعت بعد مداولات ومشاورات على نطاق واسع ، وشاركت في وضعها عقول مفكرة ، امتزجت معها خبرات عديدة وحبكها ذكاء مفرط  .   ولم تكن مجرد رد  فعل قريش على تحالف بني هاشم وبني المطلب لحماية النبي صلى الله عليه وسلم
  2. لماذا كان بند النهي والمنع عن الزواج أو التزويج من بني هاشم وبني المطلب ، لأن الزواج فيه تواصل ، وتزاور ، وتآلف ،  وتآزر  ،ولو بقي متاحا  لهم ، حتما سيؤدي الى افشال الحصار.
  3. ولماذا كان بند عدم مجالستهم ومخالطتهم والحديث معهم ؟ ذلك لتفويت أي فرصة في التحادث مع المحاصرين ، وعدم اعطاءهم فرصة لعرض آراءهم ووجهات نظرهم ، فقد يستطيع المحاصرون مسلمهم وكافرهم اقناع أهل الصحيفة او جزءا منهم بضرورة فك الحصار  لأن المسلمين بما لديهم من وحي نازل من السماء على رسوله صلى الله عليه وسلم وبما لديهم من حق يمتلكون الأدلة عليه  بما يستطيعوا به اقناع الاخرين ، لذلك اقفلت قريش هذا الباب عليهم.
  4. أما بند عدم الدخول بيوتهم ، فإنهم يدركون ان دخول البيوت والاطلاع على مدى الفقر والحاجة نتيجة ذلك الحصار ، ورؤية الاطفال يبكون جوعا والمرضى يتألمون ولا يجدون علاجا ، قد يؤثر  انسانيا في قلوب البعض بما يخلق جو من التعاطف  مع المُحَاصَرين فيضغطون على زعماء قريش لفك الحصار ورفع المعاناة عنهم .
  5. ولماذا كان (بند النهي عن البيع والشراء منهم )، لأن البيع والشراء يمثلان العنصرين الاساسين في تبادل المنافع في الحياة الاقتصادية ، وهما شريان الحياة ، والطرف الأقوى في البيع والشراء  هو الذي  يتحكم في القرار السياسي والاقتصادي والعسكري الخاص به وكذلك التحكم في الخصم  والضغط عليه والسعي لاستسلامه  لشروطه ، وكان من بنود المعاهدة التي تزيد المعاناة الاقتصادية انهم( منعوا  المسلمين من التعامل مع التجار القادمين من خارج مكة) ،كما كانوا يغالون في الاسعار على المسلمين حتى لايستطيعون شراء ضرورياتهم ، كما يتصل بهذا بند آخر وهو البند الذي ينص (( لا يدعوا  شيئا من اسباب الرزق  يصل اليهم))  ويهدف الى تفويت الفرصة على مَنْ يحاول الاحتيال بإهداء الطعام لهم بدلا من البيع ، وحتى لا تكون عملية الإهداء وسيلة أو ذريعة لإيصال الطعام اليهم تحت أي مسمى لتخفيف الحصار .

 ولقد ورد في الكتب الصحيحة ان المُحَاصَرين في شعب ابي طالب اضطروا أن يأكلوا ورق الشجر والجلود من شدة الجوع  لعدم وجود أي طعام يدفعون به شبح الموت جوعا.

  1. اما تعليق الصحيفة في جوف الكعبة ، فيهدف الى إضفاء صفة قدسية لهذه المعاهدة الشرسة ، وإعطاء انطباع بضرورة الالتزام بها دينيا .

     وقد رأينا حروبا كثيرة قتلت ملايين البشر واستباحت الحُرمات باسم الدين وتحت راية الحروب المقدسة نذكر منها ما يلي  :   

 

1)   سلسلة  الحروب الصليبية و الصراعات العسكرية ذات الطابع الدينى التى خاضتها الكثير من دول أوروبا  المسيحية ضد المشرق ، ففى نوفمبر  عام 1095ميلادي ، ناشد البابا  «أوربان الثانى»  رجال الدين وأمراء أوروبا بشن الحرب على المسلمين لتخليص الأرض المقدسة من سيطرتهم إرضاء للمسيح.  ولحث الشعوب على المشاركة فيما أُطلق عليه ما سُمي بالحرب المقدسة ،  أشاع  البابوات آنذاك اقتراب يوم القيامة، وانتهاء الحياة الدنيا، وقد ربطوا ذلك بمرور ألف سنة على مجيء المسيح عليه السلام.

2)   إبادة الهنود الحمر :

صورة ارشيفية لمجازر الهنود الحمر

لقد حفظ لنا التاريخ شهادة سجلها المطران (لاس كازاس)  وهو شاهد عيان على إبادة وحشية ارتكبها المسيحيون الأوروبيون ضد الهنود الحمر تحت اسم وثنيتهم، وقد سجل المطران  ((لاس كازاس)) شهادته حين رأى ما يمارسه قومه المسيحيون من قتل للبشر وتدمير للقرى وإحراق لها باسم الدين.  فقد  كتب رسالة  مطولة شرح فيها كل ما رأته عيناه ووعاه قلبه، وقد حُفظت  هذه الرسالة وطُبعت  وترجمت إلى العربية بعنوان «المسيحية والسيف». وهي شهادة واحد منهم لا يستطيع ان يطعن فيها أي مسيحي لأنها شهادة حق مكتوبة بيد أحدهم  من ابناء جلدتهم ودينهم .

ومما رصده  المطران لاس كازاس مشاهد مؤلمة وصورا يقول: ((كانوا يدخلون على القرى فلا يتركون طفلا ولا حاملا ولا امرأة تلد إلا ويبقرون بطونهم ويقطعون أوصالهم كما يقطعون الخراف فى الحظيرة، وكانوا يراهنون على من يشق رجلا بطعنة سكين، أو يقطع رأسه أو يدلق أحشاءه بضربة سيف، كانوا ينزعون الرضع من أمهاتهم ويمسكونهم من أقدامهم ويربطون رؤوسهم بالصخور، أو يلقون بهم فى الأنهار ضاحكين ساخري)).

يقول المؤرخ  الفرنسي الشهير ((مارسيل باتييون)):

إن مؤلف كتابنا (برتولومي دي لاس كازاس) أهم شخصية في تاريخ القارة الامريكية بعد مكتشفها ” كريستوف كولمبوس” ، وانما ربما كان الشخصية التاريخية الوحيدة التي تستأهل الاهتمام في  عصر  اجتياح المسيحين الاسبان لهذه البلاد. ولولا هذا المطران الكاهن الثائر على مسيحية  عصره وما ارتكتبه من فظائع  ومذابح  في القارة الاميريكية لضاع جزء كبير من تاريخ البشرية   .

     كانت بشاعة لاتضاهيها  أي اساليب وحشية  في تاريخ البشرية يتم ارتكابها باسم الحرب المقدسة وباسم المسيح عل ، ولازالت مثل هذه الاساليب البشعة يشهدها العالم من خلال وسائل الاعلام الدولية وما أحداث البوسنة ببعيد وسنذكرها أدناه.

 

3)   حرب الكاثوليك والبروتستانت (حرب الثلاثين عاما).

حب الثلاثين عاماً، هى حرب قامت بين الكاثوليك والبروتستانت خلال القرن ال 17  فى ألمانيا، استمرت هذه الحرب ثلاثين عاما وانتهت بأوبئة ومجاعات وتدمير شامل بكل النواحى عام 1648م.

 فقد بدأت ((الكنيسة الكاثوليكية)) بما يسمى ((الحرب الدينية المقدسة ضد البروتستانية))، حيث أبادت 40%  من شعوب أوروبا الذين ينتمون للبروتستانت، وأبادت ما يقرب من نصف سكان ألمانيا تحديداً، وكان السبب الأصلي فى اندلاع هذه الحرب هى حركة الإصلاح البروتستانتية، التى قام بها الراهب الكاثوليكى «مارتن لوثر» عندما انتقد الكاثوليكية ورفض أفكارها التى يرى أنها تنافى المنطق كما يرى.

4)   الهولوكوست

حسب الرويات المسيحية الصهيونية ، فقد بلغت كراهية هتلر لليهود ذروتها، لما يقوم به اليهود من اشاعتهم العداوات والفتن بين الشعوب وخيانتهم للقادة والشعوب والاوطان التي يعيشون فيها ، مما دفعه إلى القيام بما يعرف بـ((الهولوكوست)) لينتقم منهم ويشفى غليله فيهم ، حيث أقام لهم أفراناً خاصة لحرقهم في افران بالإضافة للحجرات الخاصة الممتلئة بالغاز السام.

5)   الهولوكوست الاسرائيلي ضد الفلسطينيين

ضحايا مجزرة دير ياسين ( الارشيف)

 لقد ارتكب اليهود جرائم  ضد الفلسطينين أبشع من ا لجرائم التي يقولون عنها من هتلر لهم ، ويؤكد العديد من المؤرخين أن اليهود ارتكبوا فى إسرائيل حملات مكثفة من العنف والإرهاب والمجازر. نذكر منها باختصار :

   مذبحة بلدة الشيخ، حيث اقتحمت عصابات الهاغاناه قرية بلدة الشيخ «يطلق عليها اليوم اسم تل غنان» ولاحقت المواطنين العزل، وقد أدت المذبحة إلى مصرع العديد من النساء والأطفال حيث بلغت حصيلة المذبحة نحو 600 شهيد وجدت جثث غالبيتهم داخل منازل القرية.

   مذبحة دير ياسين : داهمت عصابات شتيرن والأرغون والهاغاناه قرية دير ياسين الواقعة غربى مدينة القدس «تقوم على أنقاضها اليوم مستعمرة إسرائيلية تسمى جفعات شاؤول» فى الساعة الثانية فجرا، وقد شرع أفراد العصابات الإسرائيلية بقتل كل من وقع فى مرمى أسلحتهم، وبعد ذلك أخذوا بإلقاء القنابل داخل منازل القرية لتدميرها على من فيها، حيث كانت الأوامر الصادرة لهم تقضى بتدمير كل بيوت القرية العربية، فى الوقت ذاته سار خلف رجال المتفجرات أفراد من الأرغون وشتيرن فقتلوا كل من بقى حيا داخل المنازل المدمرة.

   وغيرها كثير لايسمح المجال لذكره ، وسنفرد له صفحات في بحث منفصل بإذن الله.

 

6)   مذابح البوسنة والهرسك :

صورة ارشيفية لمذابح مسلمي البوسنة

شهدت  مدينة  (سربرنيتسا)   مجزرة في ربوع  البوسنة والهرسك سنة 1995 على أيدى القوات المسيحية الصربية ، حيث ذبحوا الاطفال والشيوخ والنساء ، بل بقروا بطون النساء الحوامل وارتكبوا  المجازر ، وراح ضحيتها حوالى 8 آلاف شخص ونزح عشرات الآلاف من المدنيين المسلمين من المنطقة، تعتبر هذه المجزرة من أفظع المجازر الجماعية التى شهدتها القارة الأوروبية منذ الحرب العالمية الثانية ، وكل هذا تحت سمع وبصر  الدول الاوربية. 

لقد قامت القوات الصربية  مدعومة بأوامر مباشرة من أعضاء هيئة الأركان الرئيسية لجيش جمهورية صربيا- من القادة العسكريين والسياسيين- بعمليات التطهير العرقي الممنهجة ضد المسلمين البوسنيين والمعروفين باسم «البوشنياق»، و ويندى الجبين أن تلك المجازر قد حدثت على  مسمع ومرأى من الفرقة الهولندية التي كانت تابعة لقوات حفظ السلام الأممية دون أن تفعل أي شئ  لإنقاذ النساء والاطفال والشيوخ المدنيين،  والأعجب من ذلك أن تلك القوات الهولندية كانت قد طلبت من المسلمين البوسنيين تسليم أسلحتهم في مقابل ضمان أمن الارواح والممتلكات ،  ولم يتحقق لهم سوى القتل والتدمير وانتهاك الحرمات بعد ان سلموا اسلحتهم للقوات الهولندية.

       بهذا أختم  الحلقة (38) ونلتقي معكم الاسبوع القادم بإذن الله في الحلقة  (39) مع فقه السيرة وظلال النبوة مع ملاحظة  احتفاظي بالمراجع لعدم امكانية نشرها في الجريدة في الوقت الحاضر..

اسأل الله ان يكتب لنا ولكم الاجر ” صدقة جارية” عن نشر سيرة وفقه أعظم نبي ورسول صلى الله عليه وسلم وان يجمعنا به صحبة في الفردوس الاعلى من الجنة .

د. محمد  أحمد النجار
 الثلاثاء 18ذوالقعدة 1439هـ
31 يوليو 2018

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.