الصراط المستقيم

السيرة (44)الهجرة- هجرة الصحابة إلى المدينة “يثرب” (2)

بقلم الدكتور/ محمد النجار

لم تكن هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم واصحابه هربا من الأذى الذي يتعرض له هو واصحابه ، وانما هي دعوة حق تحملها رجال مؤمنون ونساء مؤمنات ، وأيدها الله سبحانه تعالى ،فكانت الهجرة طلبا لنصرة الدين وليست هجرة هرب وهي حدث يؤرخ لميلاد أمة عظيمة وحضارة خالدة وهي حضارة الإسلام ، عكس هجرة بني إسرائيل التي كانت هجرة هرب خوفا من فرعون. فالهجرة النبوية ليست فرارا بالدين ولم تكن هروبا من قتال ولا خوفا من مواجهة كفار قريش ولكنها هجرة بأمر رباني للإنتقال بالدين إلى أرض جديدة خصبة إيمانيآ تنهض فيها دعوة الله.

كيف تم تحديد دار الهجرة؟

لم يحدد النبي صلى الله عليه وسلم المكان الذي سيتم الهجرة إليه من تلقاء نفسه ،وانما كان التحديد من الله سبحانه وتعالى ، وقد وردت أحاديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم حددت مكان الهجرة نختار منها ما يلى
قال الزهري: عن عروة، عن عائشة، قالت : قال رسول الله – وهو يومئذ بمكة – للمسلمين: ((قد أريت دار هجرتكم، أريت سبخة ذات نخل بين لابتين)).
فهاجر من هاجر قبل المدينة حين ذكر ذلك رسول الله ، ورجع إلى المدينة من كان هاجر إلى أرض الحبشة من المسلمين. رواه البخاري
وقال أبو موسى: عن النبي : ((رأيت في المنام أني أهاجر من مكة إلى أرض بها نخل فذهب وهلي إلى أنها اليمامة أو هجر، فإذا هي المدينة ” يثرب”)) .
وهذا الحديث قد أسنده البخاري في مواضع أُخر بطوله.
ورواه مسلم .

الهجرة حدث يفصل بين عهدين :

عهد بناء الإنسان المسلم والإصلاح الفردي، وترسيخ العقيدة بمكة.
عهد الإصلاح الجماعي والتشريع الإسلامي وإقامة دولة الإسلام بالمدينة.
وقد إذن النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه بالهجرة الى المدينة بعد أن أذن الله له بالهجرة والقتال .

واذا كان اهل مكة ضاقوا بكم وسيحققون هدفهم من التخلص منك ، فإنهم لن يبقوا بعد اكراهك .إلا زمنا قليلا ، يُستأصلون ويُهلكون جميعا بعده
والواقع انه صلى الله عليه وسلم لم يخرج من مكة بإكراه قريش له – وإن كانوا خموا به – بل كان خروجه بأمر ربه حين أذن له في الهجرة حفاظا على الدعوة وتمكينا لها من المضي في طريقها لأداء مهمتها السامية في جو من الأمن والاستقرار ، فأذن الله لرسوله بالهجرة فخرج بإذنه لا بإخراج قريش وقهرهم
وأسند الإخراج إليهم في قوله تعالى ((وكأيِّن من قرية هي أشدُّ قوةً من قريتك التي اخرجتك أهلكناهم فلا ناصر لهم ))محمد13
وفي قوله صلى الله عليه وسلم ((أو مخرجي هم )) وفي قول ورقة بن نوفل : ليتني كنت جذعاً إذ يخرجك قومك. اسند الإخراج إليهم لهمهم به ومزاولة مقدماته باستفزازهم له ولأصحابه.

قوله تعالى : ((سنة من قد أرسلنا قبلك من رُسُولنا )) أي سَننَّا سنةً في أمم المرسلين قبلك ، وهي أن تعذب كل أمة كفرت برسولها وآذته ، وجعلته يخرج من بين أظهرها ، وذلك بإهلاكها بحيث لاتلبث بعده إلا قليلا حتى يحيق بها الدمار والنكال ، ولولا انه رسول الرحمه لجاء قومه والذين كفروا به بعذاب من عند الله لاقبل لهم به في الدنيا ، ولهذا قال الله تعالى ((وماكان اللهُ لِيُعَذبَهم وأنت فيهم،وما كان اللهُ مُعَذِّبَهم وهم يستغفرون))الانفال33 واسناد السنة الى الرسل مع أنها لله جل شأنه ، لأنها سُنَّت لأجلهم. وقوله ((ولن تجدُ لسنتنا تحويلا )) أي : لا خُلْفَ في وعدها ، ولا تغيير في وقتها ونوعها . تفسير الوسيط
لم تهدأ قريش عندما تسربت لها اخبار بيعة (العقبة الثانية-العقبة الكبرى) ، وعلمت بإمكانية حماية يثرب للنبي صلى الله عليه وسلم واصحابه ، فزادت الضغط على النبي واصحابه ..

السماح لمسلمي مكة بالهجرة إلى المدينة

لم يُؤذن للنبي بالحرب قبل بيعة العقبة الثانية ( العقبة الكبرى) ، ولم تحلل له الدماء قبلها ، انما كان يؤمر بالدعوة الى الله والصبر على الأذى والصفح عن الجاهل ، في الوقت التي كانت قريش اضطهدت فيه اتباعه المسلمين الذين هم فيه معذبون في ايديهم أو هاربون في البلاد فرارا منهم ( في ارض الحبشة أو في المدينة ) فلما عتت قريش على الله عز وجل ،وردوا عليه ما أرادهم الله به الايمان والكرامة ، أذن الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم في القتال والانتصار ممن ظلمهم وبغى عليهم فكانت أول آية انزلت في إذنه له في الحرب ،(( أذن للذين يقاتلون…))
و أذن الله للنبي صلى الله عليه وسلم بأن يأذن لأصحابه بالهجرة الى المدينة .
قال ابن اسحاق: فلما أذن الله تعالى له صلى الله عليه وسلم في الحرب ، وبايعه هؤلاء الانصار على الاسلام والنصرة له ولمن اتبعه ، وأوَى اليهم من المسلمين ، أمر رسول الله اصحابه من المهاجرين من قومه ومن معه بمكة من المسلمين بالخروج الى المدينة والهجرة اليها واللحوق بإخوانهم من الانصار، وقال لهم : ((إن الله عز وجل قد جعل لكم إخوانا فيها وداراً تأمنون بها )) فخرجوا أرسالا ، وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ينتظر الاذن من ربه في الخروج من مكة والهجرة الى المدينة .

طُرُق قريش لمنع المسلمين من الهجرة :

اذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد إذن للمسلمين في الخروج والهجرة من مكة الى المدينة ،وكانوا على أتم الاستعداد للانخلاع من كل ما يعيق هجرتهم من أموالهم وأهليهم وديارهم ابتغاء مرضاة الله وحماية لدينهم وعقيدتهم.، فإن قريش أثارت كثيرا من المشاكل لعرقة خروجهم خوفا منهم لتشكيل قوة ضاربة في المدينة تشكل خطرا على تجارتها ومصالحها الاقتصادية والأمنية ، وقامت بإجراءات قاسية ضد المسلمين بعدة طرق :
الطريق الأول :حجز أموال المهاجرين ( صهيب الرومي)
قال ابن هشام:
أن صُهيبا حين أراد الهجرة قال له كفار قريش: أتيتنا صعلوكا حقيرا فكثر مالك عندنا وبلغت الذي بلغت، ثم تريد أن تخرج بمالك ونفسك، والله لا يكون ذلك.
فقال لهم صهيب: أرأيتم إن جعلت لكم مالي أتخلون سبيلي؟
قالوا: نعم!
قال: فإني قد جعلت لكم مالي.
فبلغ ذلك رسول الله فقال: ((رَبِحَ صهيب، ربح صهيب )) .
وفي رواية عن البيهقي:
عن سعيد بن المسيب عن صهيب قال: قال رسول الله : «أريت دار هجرتكم سبخة بين ظهراني حرتين، فإما أن تكون هجر أو تكون يثرب».
قال: وخرج رسول الله إلى المدينة وخرج معه أبو بكر، وكنت قد هممت معه بالخروج فصدني فتيان من قريش، فجعلت ليلتي تلك أقوم لا أقعد.
فقالوا: قد شغله الله عنكم ببطنه – ولم أكن شاكيا -فناموا.
فخرجت ولحقني منهم ناس بعد ما سرت بريدا ليردوني فقلت لهم: إن أعطيتكم أواقي من ذهب وتخلوا سبيلي وتوفون لي، ففعلوا فتبعتهم إلى مكة فقلت: احفروا تحت أسكفة الباب فإن بها أواقي، واذهبوا إلى فلانة فخذوا الحلتين..
وخرجت حتى قدمت على رسول الله بقباء قبل أن يتحول منها، فلما رآني قال: ((يا أبا يحيى ربح البيع، ثلاثا))
فقلت يا رسول الله : ما سبقني إليك أحد، وما أخبرك إلا جبرائيل عليه السلام.
قال ابن إسحاق: ونزل حمزة بن عبد المطلب، وزيد بن حارثة، وأبو مرثد كناز بن الحصين، وابنه مرثد الغنويان حليفا حمزة، وأنسة، وأبو كبشة موليا رسول الله على كلثوم بن الهدم أخي بني عمرو بن عوف بقباء.
الطريق الثاني :حجز زوجات المهاجرين ( أم سلمة
تقول ام سلمة رضي الله عنها : ((لما أجمع أبو سلمة) الخروج الى المدينة حملني على بعيره ، وحمل معي ابني سلمة بن أبي سلمة في حجري ، ثم خرج بي يقود بعيره ، فلما رأته رجال بني المغيرة بن عمرو بن مخزوم قاموا إليه فقالوا : هذه نفسك غَلَبْتَنَا عليها ، أرأيت صاحبتنا هذه علامَ نتركك تسير بها في البلاد ؟)).
قالت : فنزعوا خطام البعير من يده فأخذوني منه . وغضب عند ذلك بنو عبد الأسد رهط أبي سلمة.
قالوا (أي رهط أبي سلمة) : لا والله لانترك ابننا عندها إذ نزعتموها من صاحبنا. فتجاذبوا ابني سلمة بينهم حتى خلعوا يده ، وانطلق به بنو عبد الأسد ، وحبسني بنو المغيرة عندهم ، وانطلق زوجي أبو سلمة الى المدينة .فَفُّرِقَ بيني وبين زوجي وبين ابني.
قالت : فكنت أخرج كل غداة فأجلس ، فما أزال أبكي حتى أمسي ، سنة أو قريبا منها ، حتى مر بي رجل من بني عمر – أحد بي المغيرة – فرأى ما بي ، فرحمني، فقال لبني المغيرة : ألا تخرجون هذه المسكينة ، فرقتم بينها وبين زوجها وبين ولدها.
قالت : فقالوا لي : إلحقي بزوجك أن شئت. وَرَدَّ بنو عبد الأسد إليَّ عند ذلك ابني . فارتحلت بعيري ، ثم أخذت ابني فوضعته في حجري، ثم خرجت أريد زوجي بالمدينة ، وما معي أحد من خلق الله، حتى اذا كنت بالتنعيم نقبت عثمان بن طلحة بن أبي طلحة أخا بني عبد الدار ، فقال لي : إلى أين يا بنت أبي أمية ؟ قلت : أريد زوجي بالمدينة . قال : أو ما معك أحد؟ قلت : لا والله إلا الله وبُنيَّ هذا. قال : والله ما لك من مُترِك. فأخذ بخطام البعير ، فانطلق يهوي بي ، فو الله ما صحبت رجلا من العرب قط أرى أنه كان أكرم منه، كان إذا بلغ المنزل أناخ بي ، ثم استأخر عني ، حتى اذا نزلت عنه استأخر ببعيري فحط عنه ثم قيده في الشجرة ، ثم تنحى الى الشجرة فاضطجع تحتها ، فإذا دنا الرواح قام الى بعيري فقدمه فرحله ، ثم استأخر عني فقال : اركبي ، فإذا ركبت فاستويت على بعيري أتى فأخذ بخطامه ، فقاد بي حتى ينزل بي ، فلم يزل يصنع ذلك بي حتى أقدمني المدينة .
فلما نظر الى قرية بني عمرو بن عوف بقباء قال : زوجك في هذه القرية ، وكان أبو سلمة بها نازلا – فادخليها على بركة الله ، ثم انصرف راجعا الى مكة .
فكانت تقول: والله ما أعلم أهل بيت في الاسلام أصابهم ما أصاب آل أبي سلمة ،وما رأيت صاحبا قط أكرم من عثمان بن طلحة )) .
دروس مستفادة من قصة هجرةأم سلمة الى المدينة :
١-تأثير القبلية في اتخاذ القبائل لمواقفها ، فانحاز قوم أبي سلمة إليه رغم مخالفتهم له في العقيدة.
٢-مدى معاناة المهاجرين في الخروج من مكة والهجرة الى المدينة وتعنت المشركين ضدهم.
٣-تضحية المهاجرين بأهليهم وابنائهم في سبيل الخروج نصرة لدين الله.
٤-المروءة التي عرفها المجتمع القرشي قبل الإسلام والتي تمثلت في موقف (المشرك) عثمان بن طلحة في مصاحبة المرأة والاحسان إليها .
٥-صورة الفطرة السليمة والمروءة في المُشْرِك (عثمان بن طلحة) والتي أضاءت قلبه في تلك الرحلة وقادته الى الاسلام بعد صلح الحديبية.

الطريق الثالث : محاولات اعادة المهاجرين الى مكة (عياش بن أبي ربيعة)
من امثلة اعادة المهاجرين الى مكة : قصة عياش بن ابي ربيعة والتي يرويها عمر بن الخطاب فقال :(( لما أردنا الهجرة الى المدينة أنا وعياش بن أبي ربيعة ، وهشام بن العاص ابن وائل السهمي، وتواعدنا عند التناضب (مكان ملئ بالشجر على بعد عشرة أميال من مكة)، وقلنا : أينا لا يُصبح عندها فقد حُبِس ، فليمض صاحباه. فلما أصبحت أنا وعياش عند التناضب ، وحُبس عنها هشام وفُتن فافْتُتِن. فلما قدمنا المدينة نزلنا في بني عمرو بن عوف بقباء ، وخرج ابو جهل بن هشام وأخوه الحارث بن هشام الى عياش بن أبي ربيعة (وكان ابن عمهما وأخاهما لأمهما )حتى قدما علينا المدينة – ورسول الله صلى الله عليه وسلم لا زال فى مكة- فكلَماه وقالا : إن أمك قد نذرت ألا يمس رأسها مشط حتى تراك ، فرقَّ لها .. فقلت له : ياعياش ، إنه والله إن يريدك القوم إلا ليفتنوك عن دينك فاحذرهم، فقال: أبر قسم أمي ، ولي هناك مالٌ فآخذه ، فقلت له : والله إنك لتعلم أني ممن أكثر قريش مالا ، فلك نصف مالي ولا تذهب معهما . فأبى عليَّ إلا أن يُخرج معهما .
فلما أبى إلا ذلك ، قلت : أما إذ قد فعلت ما فعل ، فخذ ناقتي هذه فإنها ناقة نجيبة ذلول، فالزم ظهرها ، فإن رابك من القوم ريب فانج عليها ، فخرج عليه معهما حتى إذا كانوا ببعض الطريق قال له أبوجهل : والله ياأخي لقد استغلظت بعيري هذا ، أفلا تعقبني على ناقتك ؟ قال : بلى . فأناخ وأناخ ليتحول عليها فما استووا بالأرض عدوا عليه فأوثقاه وربطاه ، ثم دخلا به مكة وفتناه فافتتن. قال عمر بن الخطاب: فكنا نقول : ما الله بقابل ممن افتتن صرفا ولا عدلا ولا توبة ، قوم عرفوا الله ثم رجعوا الى الكفر لبلاء أصابهم.
قال : وكانوا يقولون لأنفسهم فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فأنزل الله تعالى فيهم وفي قونا وقولهم لأنفسهم ((قل ياعبادي الذين أسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله )) الزمر 52-55
قال عمر : فكتبتها بيدي في صحيفة ، وبعثت بها الى هشام بن العاص ، فقال : فلما اتتني جعلت أقرؤها بذي طوى(واد بمكة) أصعد بها فيه وأصوب ولا أفهمها ، حتى قلت : اللهم فهمنيها . فألقى الله تعالى في قلبي أنها إنما انزلت فينا وفيما كنا نقول لأنفسنا ويقال فينا . فرجعت الى بعيري فجلست عليه فلحقت برسول الله صلى الله عليه وسلم .

أوائل المهاجرين الى المدينة

كانت بيعة العقبة الثانية من الأنصار هي بيعة النصرة للنبي صلى الله عليه وسلم ولأتباعه وتسمى “بيعة الحرب”، وكانت بمثابة اذن من الله سبحانه وتعالى بالخروج من مكة خاصة ، فقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه في مكة بالهجرة الى المدينة ، واللحوق بإخوانهم من الأنصار ، وقال :
((إن الله عز وجل قد جعل لكم إخوانا ،ودارا تأمنون بها )) فخرجوا أرسالا أي جماعة إثر جماعة ، بينما أقام النبي في مكة ينتظر الاذن من الله بالخروج من مكة والهجرة منها الى المدينة . ص468 ب هشام

وكان أول من خرج من مكة الى المدينة “أبو سلمة بن عبد الأسد – واسمه عبدالله ، هاجر الى المدينة قبل بيعة العقبة بسنة ، حث قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحبشة الى مكة ، فلما تعرض لأذى قريش ، وعَلِمَ بإسلام من أسلم من الانصار ، فتشجع وخرج مهاجرا الى المدينة .
وهاجر من مكة الى المدينة ، ولم تخرج زوجته إلا بعد عام من خروجه الى المدينة .
وكانت ام سلمة هاجرت مع أم حبيبة الى أرض الحبشة، ثم خرجت مهاجرة الى المدينة وخرج معها رجل من المشركين، كان ينزل بناحية منها إذا نزلت، ويسير معها إذا سارت ، ويرَّحل بعيرها، ويتنحى إذا ركبت ،فلما نظر الى نخل المدينة المباركة قال لها: هذه هي الارض التي تريدين، ثم سلَّم عليها ، وانصرف .
وقيل ان أول من قدم المدينة من مكة هو مصعب بن عمير وابن أم مكتوم .
فعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال : أول من قدم علينا مصعب بن عمير ، وابن أم مكتوم وكانوا يُقْرِئون الناس ، فقدم بلال وسعد وعمار بن ياسر ، ثم قدم عمر بن الخطاب في عشرين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم قدم النبي صلى الله عليه وسلم ، ما رأيت أهل المدينة فرحوا بشئ فرحهم برسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى جعل الإماء يقلن : قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم )) أخرجه البخاري (3925).

ضعف رواية خروج عمر بن الخطاب علانية :

وردت رواية عن هجرة عمر بن الخطاب :تقول بأنه هاجر دون خوف أمام أعين قريش، إذ توشح سيفه وركب جواده، ثم مر على قريش وصاح بهم : “من شاء أن تثكله أمه وييتم ولده، فليأتى خلف هذا الوادي”، و لم يجرأ أحد على منعه .

ولم تصح هذة الرواية حسب ما ورد فى مصادر عديدة منها ماورد في كتاب الهجرة النبوية للشيخ الشعراوي ص 117 ونصها مايلى (( وأما ماروي من إعلان عمر لهجرته وتهديده من يلحق به بثكل أمه فلم يصح )).ووردت الروايات الصحيحة عن هجرة عمر بن الخطاب في عدة مراجع ليس فيها الخروج علانية، أما الرواية الصحيحة فهى ما ذكرناه فى سطور سابقة من هذه الحلقة فى خروجه من مكة مع عياش بن ربيعة.

هجرة أول مُقرئ في الاسلام :

هجرة مصعب بن عمير، وهو المقرئ ،و هو أول من سُمي بهذا أعني (((المقرئ )))يكنى أبا عبدالله . 
فخرج المسلمون موجات وارسالا ، يتبع بعضها بعضا ولم يتبق في مكة احد سوى رسول الله صلى الله عليه وسلم وابوبكر وعلى ومن أكره على البقاء وتم احتباسه .
وقد هاجر اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة الى المدينة ولم يتبق بمكة سوى النبي صلى الله عليه وسلم ، وأصحابه الذين حُبسوا من الهجرة ،كما انتظر معه في مكة على ابن أبي طالب ، وأبو بكر بن أبي قُحافة (الصديق) رضي الله عنهما.
وكان أبو بكر كثيرا ما يستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة ، فيقول له النبي صلى الله عليه وسلم :
((لا تعجل لعل الله يجعل لك صاحبا )) فيطمع أبو بكر أن يكون هو الصاحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك الهجرة .
وينتظر النبي صلى الله عليه وسلم الإذن من ربه بالهجرة .

و بهذا أختم الحلقة (44) ونلتقي معكم الاسبوع القادم بإذن الله في الحلقة (45) مع فقه السيرة وظلال النبوة مع ملاحظة احتفاظي بالمراجع لعدم امكانية نشرها في الجريدة في الوقت الحاضر..
اسأل الله ان يكتب لنا ولكم الاجر ” صدقة جارية” عن نشر سيرة وفقه أعظم نبي ورسول صلى الله عليه وسلم وان يجمعنا به صحبة في الفردوس الاعلى من الجنة .
اخوكم د. محمد النجار (18/09/2018) الثلاثاء (08محرم1440هـ)

الدكتور محمد أحمد النجار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.