فى ذكرى إنتصار حرب اكتوبر المجيد تقفز الى أذهان المصريين أفكار متناقضة فى ذات الوقت من الإنبهار والتباهى والإعتزاز بجنود مصر البواسل وكم البطولات العظيمة التى لايمكن أن يقوم بها إلا جند مصر وبين الخوف والحزن على مايمر به شباب مجتمعنا فى الوقت الراهن ولكن الجميع على يقين أن الشخصية المصرية الأصيلة تظهر دائما وقت الشدائد وأن المواطن المصرى له مقومات ليست موجودة عند معظم الشعوب هذه المقومات إكتسبها من الموقع الجغرافى والدين والثقافة والتعليم ولن أتحدث كثيرا عن الموقع الجغرافى ويكفى ما كتبه الدكتور جمال حمدان فى كتاب شخصية مصر أنها (فلتة جغرافية )لا تتكرر ، أما بالنسبة للدين فهو أهم مقومات الشخصية لأن الانسان المصرى هو الوحيد الذى توصًل الى الوحدانية عن طريق التأمل فى الطبيعة والحياة الانسانية وذلك فى عهد آخناتون وأن هذا الكون له إله واحد ثم بعد ذلك أمن المصرى بالديانات السماوية الثلاثة (يهودية – مسيحية – إسلامية ) ولم تتغير السمات الاساسية للشخصية المصرية نتيجة الاحتكاك مع الثقافات المختلفة التى توالت عليها بل أستطاعت أن تتفاعل معها وتهضمها وان كانت قد غيرت بعض السمات الفرعية نتيجة الثقافة الغربية التى جاءت مع الغزوات الاجنبية ، إلى أن حدث أنتصار أكتوبر وأنتفض العالم مفزوعا من جسارة المصرى و قوة تحمله وفدائيته ، ولذلك خطط العالم الغربى وأعد البحوث لتغيير سمات الانسان المصرى عن طريق الغزو الثقافى وغرس صفات جديدة تعتمد على الثراء السريع عن طريق نظرية العرض والطلب ،شخصية لاتهتم إلا بالسعر والثمن والتأثير فى القيم الدينية عن طريق تسهيل السرقة والنهب والتحايل على القانون بالثغرات المهم أن تفلت من العدالة وتسعد بسرقة الدولة لقتل الإنتماء، كما أنها أستخدمت التكنولوجيا الحديثة فى بث أفكار غريبة وتجنيد من ينشرها بين الشباب مثل التحرش الجنسى وتبادل الزوجات حتى فى الازياء الغربية الغريبة والمستفذة يتم تصديرها لنا على أنها موضة العصر ، والمخدرات بكافة أنواعها ،ومع كل هذا وذاك ومع انجراف بعض الشباب الطائش لهذه الملوثات نجد أن الشخصية المصرية كامنة فى الاعماق تعلن عن نفسها إذا توافرت لها البيئة المناسبة وما أكثر العلماء والمفكريين والابطال والفدائيين فى الوقت الراهن ، كما أن الانسان المصرى لا تأمن رد فعله حتى فى الموقف الواحد فالطائش مثلا تجده يقوم بعمل بطولى ورجولى فى مواقف أخرى مع أنه نفس الشخص وأبسط الاشياء هى الترابط والتوحد والمساعدة التى نراها بين الجيران فى وقت الشدائد مع الرغم من أنهم قد يكون بينهم خلاف ، وإن كنا نتحدث بمبدأ الأغلبية للحكم على الأشياء فإن الشخصية المصرية المحترمة التى تتميز بالانسانية والشهامة والتدين والعدالة والمروءة والشهامة هى الاكثر بين جموع الشعب وحتى النساء فى مصر دائما نسمع من يقول ( إمرآة ب مئة راجل ) وهذا الوصف لايوجد إلا فى مصر ، و إن كانت الظروف الطاحنة التى تمر بها مصر منذ سنوات عديدة وما ترتب عليها من جفاف المشاعر واختفاء الروح المرحة البشوشة وظهور سمات جديدة هشة وعابرة نجد أن الشخصية المصرية المتميزة والاصيلة تحافظ على مكانتها ، وكما صنع أجدادنا حضارة بهرت العالم فسوف يصنع الأحفاد حضارة أفضل إن شاء الله ، لأن الأنسان المصرى يا سادة ليس له كتالوج .