كتب – وليد على
في كتابه القيم “الطريق من هنا”، يعالج الشيخ محمد الغزالي – رحمه الله – بإخلاص وأمانة جملة من الأمراض الاجتماعية التي أصابت الأمة الإسلامية. بعباراته الواضحة ونقده البناء، يستعرض الغزالي الواقع المعيش، محاولًا تشخيص أدواء الأمة وسُبُل علاجها.
أبرز الأمراض الاجتماعية التي ناقشها الشيخ
1. الوساخة والفوضى
رصد الغزالي انتشار الوساخة في الطرق والبيوت، وكذلك الفوضى في السير والإهمال في التعامل مع السلع والواجبات، مشيرًا إلى غياب الوعي الجماعي تجاه المبادئ العامة.
2. ضعف الأخلاق العامة
انتقد الشيخ شيوع الكذب، وقسوة الناس في الخصومات، والإهمال في أداء الواجبات، واستقصاء المصالح الذاتية على حساب القيم.
3. الرياء الاجتماعي
أكد الغزالي أن الرياء أصبح آفة متفشية في المجتمعات الإسلامية، حيث أُلبست كثير من العادات المظهرية لباس الدين، بينما هي بعيدة عن روح الإسلام.
نقد العادات الاجتماعية
1. الزواج ومظاهره السلبية
استنكر الغزالي النفاق الاجتماعي المسيطر على سلوكيات الزواج، بدءًا من المبالغة في تكاليف الحلي والأثاث، وصولًا إلى الهدر الكبير في الاحتفالات والمظاهر التي تخلو من المعنى الحقيقي للزواج كرباط مقدس.
2. النفاق في العمل الديني
ذكر الشيخ أن أول من تُسعَّر بهم النار يوم القيامة هم رجال دين طلبوا الدنيا بدلًا من الآخرة، ورجال مال وسلطة سعوا وراء الجاه والنفوذ.
العلاج المقترح لأمراض الأمة
1. عودة الأخلاق
يرى الغزالي أن استعادة القيم الأخلاقية هي مفتاح نهضة الأمة. ينبغي أن ينتصر الإيمان والفضائل على الشهوات، وأن يُعاد الاعتبار للصادقين والمجتهدين.
2. تعزيز اليقين في القلوب
أكد على أهمية تقوية العلاقة بالله، من خلال تأصيل اليقين في القلوب، والعودة إلى الصلاة والعبادات الصادقة التي تصلح الفرد والمجتمع.
3. إصلاح أولويات الأمة
دعا الشيخ إلى تقديم الأكفاء وأصحاب العقول النيّرة بدلًا من الأغبياء، مستنكرًا تهميش الأذكياء في قيادة المجتمع.
خلاصة
ينادي الشيخ محمد الغزالي في كتابه “الطريق من هنا” بضرورة أن تواجه الأمة الإسلامية أزماتها بالصدق والصراحة. يجب أن تبدأ رحلة الإصلاح من الداخل، حيث يعود سلطان الأخلاق، ويتجدد الإيمان في النفوس، ويتم تقديم المصلحة العامة على الأهواء الشخصية.
يذكر أن محمد الغزالي ( 22 سبتمبر 1917م – 9 مارس 1996م) عالم ومفكر إسلامي مصري، يعد أحد دعاة الفكر الإسلامي في العصر الحديث، عُرف عنه تجديده في الفكر الإسلامي وكونه من “المناهضين للتشدد والغلو في الدين” كما يقول أبو العلا ماضي ، كما عُرف بأسلوبه الأدبي في الكتابة واشتهر بلقب أديب الدعوة. سببت انتقادات الغزالي للأنظمة الحاكمة في العالم الإسلامي العديد من المشاكل له سواء أثناء إقامته في مصر أو في السعودية.