احدث الاخبار

الطموح(1)

بقلم. ا. د/نادية حجازي نعمان

كانوا يتناقشون أو يتجادلون حول الطموح كلٌ يحاول أن يثبت صحة رأيه …كان كطالبًا يرى أن وراء الطموح دافعًا هو عدم الرضا عن وضع الإنسان فى الواقع وكان هو كدكتورًا جامعيًا يرى أنه من الممكن جدًا أن يكون الإنسان مقتنعًا جدًا بوضعه كإنسان وكمركز ورغم ذلك طموح.
ربما وصلت متأخرة لكن هذا ما يمكن أن يستنتجه أي انسان وصل في هذا الوقت من الحديث، فلندع الأحداث تجرى كما تشاء و لنترك الأقدار لرب القضاء و نبحث في الطموح و الآمال.
نعلم كبشر أن أرقى درجات الإيمان هي تفويض الأمر لله و بذلك ندعو، لأننا نعلم جيدًا أن كل شيء مقدر قبل أن يبدو و يظهر و لكن دون أن ننسى أن نعمل كل الميسر .
قبل أن نصل إلى الطموح يجب أن نعرف أنه لا يأس مع الفشل و لا قنوط مع الأمل، فلو علم الجامع أنه يجمع لوارث و لو علم البانى أنه يبنى للدمار، ما جمع الجامع و لا بنى البانى، فإنما نحن أحياء بالآمال و سعداء بالأمانى، و الأمل من أسس المعانى الإنسانية و سأكون مخطئة لو أعتبرته من المعانى فهو أسمى من أن يكون معنى، و لكن للأمل أيضا بنود فهو يأتي أولا بثقة الانسان في الله – سبحانه و تعالى – ثم ثقته بنفسه، أما من يعلق أمله بالناس فهو متعلق بالباطل يعيش في الأوهام، ناسياً أن من يعلق بهم آماله ليسوا إلا خلقًا مثله إن كان في يدهم منطقة النية و السريرة فهم عاجزون في منطقة العمل و الإيجابية فمشيئة الله تعالى فوق مشيئة العالم أجمع، فأنا أريد و أنت تريد و الله يفعل ما يريد و إن كان معاكسا لمشيئتنا فالمنع من الله فضل و إحسان، و كما يقول الله تعالى: ” و عسى أن تكرهوا شيئا و هو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم، والله يعلم و أنتم لا تعلمون”.
من الممكن أن يكون الرضا عما وصلت إليه النفس البشرية بند أول في الطريق إلى درب الطموح السوى، ثم بعد ذلك البدء في الإيجابية، فكل مامضى حديث عما وصلت إليه النفس و هو في حد ذاته شيئا قد تم حدوثه و لا دخل لبشر فيه، فقد فلت من زمام الإرادة الانسانية تمامًا، و لنبدأ بنقطة جديدة هي المستقبل فنبدأ بوضع خيوط في الخيال تربط بين إمكانياتنا كبشر و بين أمانينا دون أن ننسى “شكر الله امرئ عرف قدر نفسه” و لا ننس أيضا قول الله – سبحانه و تعالى – و لا تمش في الأرض مرحًا إنك لن تخرق الأرض و لن تبلغ الجبال طولا ” فيجب ألا نشطح بالخيال و يجب ألا نغتر في التخطيط فهناك نوع من البشر يأخذ رغباته و آماله على أنها وقائع أو حقائق لدرجة أن البعض يعيش في عوالم وهمية من نسج خياله الواسع العريض وربما كان هذا نتيجة فشل واقعى وبهذا يكون سلك هذا النوع من البشر مسلك هروبى، هروب من الواقع ومن الحياة و الحقيقة وقبل هذا أو ذاك هروب من النفس و قدرتها فالله تعالى يقول: ” و خلق الإنسان ضعيفًا ” فلنسلم بهذه الحقيقة و نرضى بواقعنا كبشر فكما يقولون : (لو اطلعتم على الغيب لاخترتم الواقع)، و العالم بصورته الراهنة أفضل بكثير مما يستطيع انسان أن يصنعه، و بهذا أكون قد برهنت على أنه من الممكن أن رضاء الانسان عما وصل إليه يدفعه للطموح ، ثم من باب آخر كيف لإنسان لا يؤمن بما أعطاه الله له أن يدخل من باب الطموح الذى مفتاحه ثقة الانسان بالله – سبحانه و تعالى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.