العيد إذا وافق يوم جمعة.
من المسائل المهمة التي يحتاج إليها المسلم هذه الأيام مسألة إذا جاء العيد يوم الجمعة فما حكم صلاة الجمعة لمن صلى العيد؟
هي مسألة خلافية قديمة بين أهل العلم العمدة فيها عدة أحاديث ظاهرها التعارض لكن يمكن الجمع بينهم.
الحديث الأول حديث إياس بن أبي رملة الشامي قال: شهدت معاوية بن أبي سفيان و هو يسأل زيد بن أرقم : هل شهدت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم عيدين اجتمعا في يوم؟ قال: نعم, قال: فكيف صنع:؟ قال: صلى العيد ثم رخص في الجمعة فقال: من شاء أن يصلي فليصل(
الحديث الآخر رواه أبو داوود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال”قَدْ اجْتَمَعَ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا عِيدَانِ؛ فَمَنْ شَاءَ أَجْزَأَهُ مِنْ الْجُمُعَةِ، وَإِنَّا مُجَمِّعُونَ”
وقد حمل جمهور العلماء من الحنفية والمالكية والشافعية أحاديث الترخص في ترك الجمعة وصلاتها ظهرا لمن شهد صلاة العيد على أنه واردٌ في حق من أتى لصلاة العيد من خارج المدينة المنورة؛ ممن لا تجب عليهم الجمعة ابتداءً؛ كونهم قاطنين خارج المدن والعمران، فهؤلاء إن انتظروا حتى يصلوا الجمعة كان في ذلك مشقة عليهم، وكذلك لو رجعوا إلى أهلهم ثم جاؤوا لصلاة الجمعة؛ فرخص لهم حينئذ في ترك الجمعة.
ومما يؤكد هذا الرأي ويعضده أن صلاة العيد سنة مؤكدة، بينما صلاة الجمعة فريضة محتمة، والسنة لا تُسقط الفريضة ولا تجزئ عنها، وذلك لقول الله عز وجل:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ)الجمعة/9.
ولذلك كله فالاحتياط للدين يقضي بالمحافظة على الصلاتين في ذلك اليوم.
وأما القول بسقوط صلاة الظهر فهذا لم يقل به أي مذهب من مذاهب أهل السنة، وهو مخالف للنصوص الموجبة للصلوات الخمس في اليوم والليلة، فلا يجوز العمل به، ولا تقليده، ولا الإفتاء به، ولا عبرة بما ورد في بعض الروايات من أحاديث تنسب إلى بعض الصحابة، ظاهرها إسقاط الظهر إذا اجتمع العيدان؛ فهذه الآثار لا تثبت سندًا، وليس في متونها دلالة على هذا القول الغريب، ولو ثبتت فهي معارضة بالأدلة القطعية المصحوبة بإجماع المسلمين على وجوب الخمس صلوات في اليوم والليلة فتقدم عليه في نظر أهل العلم.
فلا فسحة للجدل والخلاف الذي يُفرِّق صفوف المسلمين وهم يستقبلون أيام العيد السعيد، بل الواجب العمل بالمحكمات، وترك المتشابهات، والتسليم بما استقرت عليه مذاهب المسلمين المتنوعة ؛ والله تعالى أعلم