العٌمرة “الحلم”.. خواطر امرأة مسلمة في مكة والمدينة
بقلم. د.امل الجمل
فور وصولي وقبل أن أسكن بالفندق القريب من مسجد الرسول الكريم قررت أن ألحق بصلاة الظهر جماعة، كان قلبي يتلهف لتلك اللحظة الفارقة في حياتي..فهناك حديث عن النبي الكريم «من زارني بالمدينة محتسبا كنت له شفيعا وشهيدا يوم القيامة ». صليت في الساحة الممتدة والتي تنتمي لحرم المسجد الشريف. الشماسي الكبيرة المميزة للحرم النبوي – المرفوعة لأعلى والتي لا تشبه مكاناً آخر – تُظلل رؤوسنا من الشمس القوية، أرى من بين الفراغات عدداً من المآذن المتعددة – تبلغ عشرة – تبدو ساحرة آسرة بطولها وأطرافها تكاد تعانق السماء. صوت المؤذن يعلو مُعلناً الإقامة.
في لحظة خامرني الشعور بعدم التصديق أنني أخيرا أقف في مسجد الرسول. كدت أجهش بالبكاء، كأنه كان حلماً بعيد المنال. في السنوات الآخيرة تمنيته كثيراً وحاولت التوفيق فيه دون جدوى، لكن، الله كان يحتفظ لي بما خير وأفضل، فقد أرادها لي في ظروف أجمل وأروع.
أتأمل كل الفرص التي فاتتني وتخيلت أنني خسرتها، وحزنت عليها فقط لحرماني من زيارة مكة والمدينة المنورة، بينما كانت إرادة الله أن أدخل إليهما وأنا متفرغة لهما تماماً، فأنهل من بهجتهما وأملأ نفسي وروحي من عطر المكان وأجوائه ليلاً ونهاراً، وأغسلني غسلاً جميلاً قلباً وروحاً.
هناك تحررت من همومي، تخففت من الأثقال. أٌزيحت عن قلبي وكاهلي أعباء مُرهقة، كأني نزعت عني رداءاً سميكاً من الأعشاب والطحالب السوداء اللزجة. لم أعد أفكر في شيء سوى مواعيد بقائي في جنبات المسجد الطاهر الشريف، أحرص على أن أذهب باكراً لأجد مكاناً وسط الزحام الرهيب خصوصاً في تلك الأيام الكريمة من الشهر الحرام.
هناك يتحول الإنسان إلى عابد يلهث بسعادة وبصدر منشرح حتى يلحق بالصلوات الخمس وقراءة القرآن، يحرص على النوافل والسنن، سواء المؤكدة أو غير المؤكدة، ثم ينال حظاً وفيراً من الثواب بعد كل فرض بالمشاركة في الصلاة على الأموات وأغلبهم في المدينة كانوا من الأطفال. فكما ذكر رسول الله – عليه أفضل صلاة وأتم تسليم – أن أجر الصلاة على الميت «يُعادل قيراط، والقيراط مِثلُ جبلِ أُحدٍ.