البحث العلمى

الفائدة الصحية للصيام كما يراه البحث العلمي

اليوم الثاني لحملة "وعيك هيفرق"

كتب. إبراهيم عوف

ضمن فعاليات اليوم الثاني من حملة “وعيك هيفرق” التي تنظمها مجلة نهر الامل بالتعاون مع المركز القومي للبحوث وبمشاركة الاتحاد العربي للتنمية المستدامة والبيئة والمؤسسة العربية الافريقية للابحاث والتنمية المستدامة كتبت :د.يسر كاظم – أستاذ التغذية الطبية بالمركز القومي للبحوث.

في هذا المقال سوف نتناول الفائدة الصحية للصيام كما هو متاح حالياً في أحدث الأبحاث العلمية المنشورة عالمياً وكيف نصوم صيام صحيح حتي نحصل على هذه المنافع الصحية، أيضا كيف نساعد أنفسنا للتعود علي الصيام الصحيح بدون التعرض للصعوبات مثل الصداع والكسل والعطش والجوع

تأثير الصيام على مقاومة الجسم لنمو الخلايا السرطانية:
كثير من الأبحاث الحديثة ذكرت دور الصيام في تقليل احتمالات الإصابة بالأورام وذلك من خلال القضاء المبكر على أي تحورات غير طبيعية في الخلايا من خلايا طبيعية إلى خلايا سرطانية وكذلك من خلال تقليل حالة الإلتهاب العامة في الجسم والتي تزيد من معدلات الإنقسامات الغير طبيعية في الحامض النووي بالخلايا مما ينتج عنها بدايات الأورام. فخلال ساعات الصيام يتعرض الجسم لنوع من أنواع التحفيز أو الانتباه بسبب قلة السكر مما يتيح للجسم القيام بنوع من أنواع الصيانة وإزاله كل الخلايا الغير مرغوب فيها ووضعه في أهبة الإستعداد لحماية الجسم وتعقيمه من أي نموات سرطانية في بدايتها.

تأثير الصيام علي جودة ووظائف الخلايا:
مع الصيام يحدث تغير نمط أو مصدر الطاقة من سكر الجلوكوز إلى الكيتونات التي تتكون مع الصيام وعدم إتاحة السكر فيتم استغلال الدهون وإنتاج الكيتوانات وهنا تبدأ عملية الصيانة والترميم الخلوي الذي يسمى بالـ Autophagy والمعروف أنه يقل تدريجيا مع السن. هذا التحول من حال إلى حال، هو مفهوم علمي يسمي بالـ SHIFTING MECANISM مثل الجري والراحة – النوم والإستيقاظ – الأكل والصيام. التنوع والسير في موجات ترتفع وتنخفض ينشط الجسم والجهاز المناعي وتمكن الجسم من القيام بعمليات الصيانة والتنظيف وإصلاح وترميم أي مشاكل علي مستوى الخلايا منذ البداية، ولذلك نعتبر أن الصيام هو وقت صيانة الخلايا والجسم والجهاز الهضمي والهرموني، وذلك من خلال تفعيل موجات متبادلة من مصادر الطاقة من الجلوكوز إلى الكيتونات والعكس والتي تعطي فرصة لخلايا الجسم المختلفة أن يتم ترميمها أول بأول والتي تعيد ترتيب وتنظيم وتنظيف الخلايا نفسها بداء من النواة والحامض النووي إلى كل أجزاء الخلية ومكوناتها الدقيقة من خلال تنشيط عملية تسمى Autophagy، والتي تتم غالباً أثناء النوم ولكن يتم تحفيزها أيضا بالصيام والرياضة والتي يقال أنها سر الحفاظ على الصحة وجودة الحياة.

ولكن لكي تتحقق الفائدة من الصيام لابد من وضع بعض القواعد العلمية تتلخص في الآتي:
لابد من تدريب الجسم قبل الصيام بأسبوع علي عملية التحول في نظام ومواعيد وكميات الطعام حتى لا نصاب بالصداع والعصبية والهبوط والكسل الذي يشكو منه الكثيرين بسبب حرمان الجسم من وقوده الأساسي وهو السكر فجأة. فالجسم يحتاج إلى عمل تحول من نظام إلى آخر بهدوء وأي تغيير يحتاج إلى مرحلة انتقالية.

ونوصي في هذه المرحلة الإنتقالية وهي أسبوع قبل شهر رمضان وبداية الصيام بتقليل كميه السكر والشاي والقهوة والسجاير إن كانت من ضمن العادات اليومية، وكذلك الإمتناع عن تناول وجبه العشاء. فكما في اي تمرين رياضي لا نستطيع أن نقوم بتمارين عنيفة مرة واحدة، يجب التمهيد حتي يصل الجسم إلى هدفه بهدوء وبدون عناء.
ننصح بشرب الماء والسوائل لملء المعدة قليلاً في بداية الأكل، فالمعدة الفارغة تبعث إشارات قوية بالجوع من خلال إفراز هرمون الجرلين. فهرمون الجرلين يتم إفرازه من المعدة الخاوية لتنبه الجسم ان هناك احتياج للأكل. شرب الماء وأكل السلطة أو الشوربة في بدايه الفطور يملأ المعدة ويقلل إفراز الجرلين مما يقلل حدة الشعور بالجوع، وبالتالي تقليل إفراز الجرلين للتقليل من حدة الجوع مما يجعلنا أقدر على التوقف عن الأكل في وقت مناسب وعدم الإسراف في كمية الأكل خاصة بعد فترة الصيام.

أيضا هناك هرمونات تساعد على الإحساس بالشبع وعلي رأسها هرمون الليبتن leptin وهو يتم إفرازه وتصنيعه في الخلايا الدهنية. وعند إنتاجه بكفاءة يقلل من إفراز هرمون الجرلين Gerlin الذي يتم تصنيعه في المعدة والذي يجعلنا نشعر بالجوع. ومن المهم الإشارة إلى أن الصيام يزيد من حساسية المستقبلات لهرمون اللبتين مما يجهله أكثر تاثيراً وفاعلية علي المخ في الإحساس بالشبع، ففي كثير من مرضي السمنه تكمن مشكلة الإسراف فيتناول الطعام لعدم الإحساس بالشبع في الوقت المناسب وذلك بالرغم من إفراز الليبتن (هرمون الشبع) ولكنه لا يقوم بدوره جيدا لقله الحساسية له. عملية شبيهة بقلة حساسية الأنسولين أو مقاومة الأنسولين التي تسبب مرض السكر والبدانة.

عند الفطور يجب تنول كميات قليلة من الطعام بها كثير من الأملاح والمياه مثل الشوربة أو ماء وتمرة واحدو أو سلطة، وذلك لمنع حدوث تغيير مفاجيء وصادم للجسم ينتج عنه الإنتفاخ والصداع وعسر الهضم، ثم بالتدريج يتم تناول باقي الأطعمه في اعتدال.

في فترة السماح بالطعام يجب اختيار الأكل الصحي وهو الذي يتميز بالتوازن في عناصره الغذائية بدون إسراف في الكميات مع تقليل الدهون والسكريات والنشويات وكثير من الماء والخضار والفاكهة والبقوليات والزبادي.

أيضاً فكرة النية يجب أن نركز ونضع النية الخالصة للصيام وهي في صميم العلم الحديث. فالنية هي التوجه العقلي والفكري لتحقيق هدف معين له معنى إيجابي للعقل الذي أثبتت التجارب أن ما ينشط المخ ويجعله أقدر علي الحفاظ علي وظائفه هو وجود هدف وإدراك ووعي واضح محدد للهدف يعزز بناء الخلايا العصبية الجديدة. وهو مصدر القوة والقدرة علي تحمل الصعوبات والمغريات والمشتتات.

ففي بحث حديث وجد أن وجود هدف ومعنى فيما يتم القيام به يحدث تغيرات تشريحية في المخ تزيد من قدرة وكفاءة وظائف المخ،إذن هو ليس وهما وليس كلام مرسل، إنه حقيقة علمية ثابتة بالتجارب العلمية الحديثة.
وفي الختام يجب أن ندرك ببساطة أن المفهوم العلمي للصيام وسبب الفوائد الصحية العديدة منه يكمن في التحول اليومي من فترة امتناع عن الطعام إلى فترة إتاحة الطعام والتي ينتج عنها تنشيط وتعزيز صيانة الخلايا المختلفة ولكي يتحقق هذا يجب الحفاظ علي الطعام الصحي المفيد فقط وبدون مبالغة.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.