الفرق بين البصر والنظر و الرؤية في القرآن الكريم
البصر: من أهم عمليَّات العين: البصر، ويرادُ بما يرادفه وهو النَّظر، والرُّؤية، والمشاهدة، والملاحظة، والاطِّلاع، فالبصر هو إدراك العين، ويطلق على القوة الباصرة، وهو قوة مُرتَّبة في العصبين المجوفين، التي من شأنِها إدراك أشباح الصور، بانعكاس الضوء فيها؛
إذ البصر هو حاسة توصل إلى الرُّؤية المتكاملة للصورة والمشهد .
وَرَد في القرآن مع ما يتعلق به من العمليَّات في “274” موضعًا؛ ليدلَّ على العلم القوي المضاهي لإدراك الرُّؤية، فيقال: بصر بالشيء: علمه عن عيان، فهو بصير به.
قال تعالى: «فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ» [القلم: 5]، «فَلاَ أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ * وَمَا لاَ تُبْصِرُونَ» [الحاقة: 38 – 39]، «يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لاَ يَسْمَعُ وَلاَ يُبْصِرُ وَلاَ يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا» [مريم: 42].
وبيان أنَّ العين هي أداة الإبصار في «أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا» [الأعراف: 195]،
وفرق بين النظر والبصر؛ «وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ» [الأعراف: 198]؛
فالنظر هو عبارة عن تقليب الحدقة نحو المرئي التماسًا لرؤيته، ولما كانت الرُّؤية من توابع النظر ولوازمه غالبًا، أُجْرِيَ لفظُ النظر على الرُّؤية على سبيل إطلاق اسم السبب على المسبب، كما ورد في حكاية عن طلب موسى؛ «رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ» [الأعراف: 143]؛ فكان الردُّ: «قَالَ لَنْ تَرَانِي» [الأعراف: 143]
وللتفصيل أكثر
ـ النظـر:
بينه كتاب الله المبين وءاياته البينات بقوله تعالى : ( … رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي يغشى عليه من الموت …) الأحزاب 19. وقوله تعالى : ( … وتراهــــم ينظرون إليك وهم لا يبصرون ) الأعراف 198.
العيون تدور في مَحجرها ولكن العصب البصري لا يوصل، ولا يريدون أن يصل التيار إلى قلوبهم كي لا يفقهوا!.
ــ فمثلا ءاخر: قوله تعالى في ءاية رسول الله موسى ( عليه السلام ) إلــــى فرعون وملإه (وأدخل يدك في جيبك ) النمل 12. وقوله في الأعراف 108 ( ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين ).لم يقل الله ” فإذا هي بيضاء للمبصرين ” !? لأن الذين يشهدون هذه الآية من الله سبحانه وتعالى، ومن رسوله موسى ( عليه السلام )، لا ولن يعلموا سرّها !فمجرد نظــر– مبهوتين مندهشين !– فحسبهم النظر !
ــ وأما البصـر:
فهو حدة العين المفتّحة وإيصال التيار إلى الدماغ للتحليل وللإستجابة وحينها تتحقق الرؤية لذلك قيل البصر حاسّة الرؤية . وقد جاء بيانه في قوله تعالى: الآية المتقدمة في النظر ( … وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون ) الأعراف 198.
وقوله تعالى في مشهد البعث والحشر حينما يرون الحقيقة التي لا مفرّ منها – بين يدي الله – عين اليقين ( … فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد ) ق 22 لأنه كان جعل على عينيه في الحياة الدنيا غشاوة: ( إن الذين كفروا سواء عليهم ءانذرتهم أم لم تنذرهم لا يومنون … وعلى أبصارهم غشاوة …) البقرة 6/7. وجاء في محاولة سبر ملكوت السماوات والأرض : ( … ما ترى في خلق الرحمان من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور ثم أرجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا وهو حسير ) الملك 3/4 . كما جاء في ءاية الواقعة 83/ 85 ويونس 43.
ــ فمثلا ءاخر: فرعون ( لعنه الله ) حين نادى قومه بالإبصار لا بالنظر حيــــن قـال لهم : (ونادى فرعون في قومه قال يا قوم أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون ) الزخرف 51، فهي حقيقة بالنسبة له ولقومه الذين استخفّــهم فأطاعوه وءامنوا به !ولذلك استعمل الإبصار لا النظر ( … أفلا تبصرون ).
فالنظر هو التحديق والتقليب في حدقة العين لإدراك الصُّور، في أول مراتب الإبصار،ثُمّ يليه الإبصار حين تُدرك أشباح الصور ورموزها وانعكاساتها مع تحليل العصب البصري لها ومِن ثَمَّ تليه الرُّؤية وهي الصورة الحقيقيّة لما مرّت به مراحل النظر ومن بعدها البصر ، وهي من لوازمه؛ {فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} [آل عمران: 143].
والله أعلم
مختارة من صفحة محمود خطاب على الفيسبوك
خبير اللغة العربية المراجع اللغوي