أراء وقراءات

الفساد وآثاره المدمرة

 

بقلم / الدكتور ندى صالح هادي

الفساد المستشري في طول العراق وعرضه، آفة قديمة قدم العراق، ولكنها بلغت ذروتها في الآونة الأخيرة، فلا يسود غير المفسدين، يسودون وإذا قبض على أحدهم متلبسًا برشوة أو اختلاس، من قبل السلطات أو جهات الرقابة سرعان ما يلبسون مسوح المصلحين، ويتبرءون من جريمتهم، ويخرجون منها كما الشعرة من العجين، وهنا يحضرني حديث النبي – صلى الله عليه وسلم – : “إذا سرق فيهم القوي تركوه وإذا سرق الشريف أقاموا عليه الحد”.

فتبًا وسحقًا لمن كان هذا حاله، فإن بلادنا لا تسود ولا ترتقي، ولا تعود لسالف مجدها إلا إذا قضينا على الفساد واجتتثنا جذوره.

كم عانت بلادنا وما زالت، وكم تأن وتشتكي من شظف العيش والعوز والفقر المدقع، بعد أن كانت بلاد رائدة اقتصاديًا وفكريًا وحضاريًا.

ويتمثل الفساد– الواجب التصدي له – في معظم الانحرافات (المالية والأخلاقية) التي يتم من خلالها مخالفة القواعد العامة والأحكام التي تساهم في تنظيم السير الإداري للعمل، وللمؤسسات الحكومية، ومخالفة تعليمات الأجهزة الرقابية المالية، ومن الممكن من خلالها ملاحظة هذا الجانب في تقاضي الرشاوي والاختلاس والتهربات الضريبية وتخصيص الأراضي والمحاباة والمحسوبية في كافة التعيينات الوظيفية.

وعلى الصعيد الاقتصادي والتشريعي، يتمثل الفساد في الاسترسال في السياسات الاقتصادية الحاكمة للبلاد،  وذلك من خلال التوزيع السيئ للموارد والدخول، ومن ثم تحميل الإدارات الحكومية الأعباء المالية الضخمة من خلال تخصيص الأموال الطائلة، والقيام بتلك المهام دون متابعة أو رقابة ومساءلة، ويظهر ذلك في الدراسات التنموية في أغلب الدول العربية، ومعانتها من ضعف نسبة المشروعات في الجانب التنموي للعدالة الاجتماعية، أو الترفيهات الاقتصادية؛ حيث لا تزيد النسبة عن خمسة بالمائة، وتستأثر هذه النسب داخل المجتمعات العربية بمعظم الثروات والنفوذ الاقتصادي والسياسي، فهناك نسبة كبيرة من فئات الدخل المحدودة الذين يتأرجحون بين الشرائح الدنيا والوسطى والعليا في دائرة الطبقات الوسطى، والذين يعانون من القصور في النسب المختلفة في تلبية كافة الاحتياجات الحياتية.

وأخيرًا فإني أدق من مكاني ناقوس الخطر، إن بلادنا إلى الهاوية تسير، فعلى ولاة الأمر الضرب بيد من حديد على كل فاسد، ودق معاقل الفساد واقتحام مواطنه، حتى تنعم بلادنا بالأمن والاستقرار والهدوء ورغد العيش، لأن خيراتنا كثيرة ومواردنا متوافرة وبكثرة، فإلى أين نحن سائرون؟ وليكن لنا في مصر وقيادتها في مهاجمة أوكار الفساد والقضاء عليه عبرة وعظة، فهي الرائدة لكل الدول العربية في أمنها واستقرارها وتشريعاتها وسياستها على جميع المستويات، حفظ الله العراق ومصر وسائر بلاد المسلمين من كل مكروه وسوء.

د. ندى صالح هادي
أستاذ مساعد دكتور بكلية القانون جامعة القادسية – العراق

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.