الفقه الصحيح لزكاة الفطر

إعداد: الشيخ محمد محمود عيسى
زكاة الفطر من الشعائر الإسلامية التي فرضها رسول الله ﷺ تطهيرًا للصائم من اللغو والرفث، وطُعمةً للمساكين، وهي عبادة يجب أداؤها وفقًا لما ورد في السنّة النبوية الشريفة. ومع ذلك، ظهر خلاف حول جواز إخراجها نقدًا بدلًا من الطعام، وهو ما يحتاج إلى بيان علمي مستند إلى الأدلة الشرعية.
القواعد الشرعية في زكاة الفطر
1. اتباع السنة النبوية
خير الهدي هدي محمد ﷺ، وقد فرض زكاة الفطر على هيئة صاعٍ من طعام، وليس دراهم أو نقودًا. ولا يؤخذ بالرأي المخالف للسنّة الصحيحة.
2. لا اجتهاد مع النص
القاعدة الشرعية التي تُدرّس في الجامعات الإسلامية، وعلى رأسها الأزهر الشريف، تؤكد أنه لا يجوز الاجتهاد مع وجود نصٍّ شرعي صريح، وزكاة الفطر وردت بنص واضح على أنها تُخرج طعامًا.
3. أقوال العلماء في زكاة الفطر
اتفق جمهور العلماء، ومنهم المالكية، والشافعية، والحنابلة، على عدم جواز إخراج زكاة الفطر نقدًا. حيث قال ابن حزم:
“ولا تُجزِئُ قيمةٌ أصلًا؛ لأنَّ كلَّ ذلك غيرُ ما فرَض رسولُ الله ﷺ وفعل.”
الأدلة الشرعية على إخراج زكاة الفطر طعامًا
1. من السنة النبوية
- حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه:
“كنا نخرجها على عهد رسول الله ﷺ صاعًا من طعام، وكان طعامُنا التمرَ والشعيرَ، والزبيبَ والأقط.” (رواه البخاري ومسلم)
وجه الدلالة: فرض النبي ﷺ زكاة الفطر على هيئة طعام، فمن استبدلها بالنقود فقد خالف المنصوص عليه.
- حديث ابن عباس رضي الله عنهما:
“فرض رسول الله ﷺ زكاة الفطر؛ طهرةً للصائم من اللغو والرفث، وطُعمةً للمساكين.” (رواه أبو داود وابن ماجه)
وجه الدلالة: ذكر “طُعمةً للمساكين” يدل على أن المقصود بها الطعام، وليس المال.
2. من القواعد الفقهية
- حديث عائشة رضي الله عنها:
“من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد.” (رواه مسلم)
وجه الدلالة: لا يجوز تغيير جنس زكاة الفطر من الطعام إلى النقود لأنها مخالفة لما فرضه النبي ﷺ.
3. الحكمة من إخراج زكاة الفطر طعامًا
- زكاة الفطر عبادة مفروضة من جنس معين، فلا يجوز تغييرها كما لا يجوز تغيير وقتها.
- إخراجها طعامًا يجعلها شعيرة ظاهرة بين المسلمين، بعكس النقود التي قد تخرج في الخفاء.
- تقديرها بالنقود قد يؤدي إلى خطأ في الحساب، مما يخل بأدائها كما ينبغي.
وقت إخراج زكاة الفطر
- يبدأ وقتها من غروب شمس ليلة العيد حتى قبل صلاة العيد.
- يجوز تقديمها قبل العيد بيوم أو يومين كما فعل بعض الصحابة.
الرد على شبهة إخراج زكاة الفطر نقدًا
مقارنة بزكاة المال
البعض يقول إن إعطاء الفقير النقود أنفع له من الطعام، لكن الإسلام شرع زكاة المال لمن أراد التصدق بالنقود، أما زكاة الفطر فحكمها مختلف ويجب الالتزام بها كما وردت عن النبي ﷺ.
مقارنة بالأضحية
لو كان جواز تحويل العبادات إلى المال جائزًا، لكان بيع الأضحية والتصدق بثمنها كافيًا، لكن ذلك غير مقبول. فلماذا يُراد تحويل زكاة الفطر من طعام إلى نقود؟
الخاتمة
زكاة الفطر فريضة واجبة بإجماع العلماء، ويجب أداؤها طعامًا كما ورد في السنة النبوية. وتحويلها إلى مال يخالف النصوص الشرعية الصريحة، وهو اتباع للهوى والسهولة بدلاً من الالتزام بالسنة.
الشيخ محمد محمود عيسى
منشاة سلطان – منوف – المنوفية