أخبار العالمتقارير وتحقيقات

الفيضانات تفتك بشمال نيجيريا وسوء التغذية يهدد حياة الآلاف

كتبت: د. هيام الإبس

شهدت ولاية أداماوا شمال شرق نيجيريا كارثة إنسانية جديدة، بعدما ضربت فيضانات مفاجئة المنطقة، مخلفةً ما لا يقل عن 25 قتيلاً و11 مفقوداً، فيما شُرّد أكثر من 5,560 شخصاً من منازلهم، وأُصيب عشرات السكان بجروح متفاوتة.

وبحسب السلطات المحلية، اجتاحت الفيضانات خمس قرى حول مدينة يولا، كبرى مدن الولاية، حيث جرفت السيول منازل بأكملها وأغرقت عدة أحياء بالمياه، ما دفع الحكومة إلى إنشاء معسكرات إيواء عاجلة وتوزيع المواد الأساسية من طعام ومياه ومأوى للنازحين.

خطر يتكرّر ومناخ يتغيّر

تعد الفيضانات من الكوارث المتكررة خلال موسم الأمطار في نيجيريا، إلا أن شدتها وتواترها زادا في السنوات الأخيرة بفعل التغيرات المناخية الحادة. إذ تتسبب فترات الجفاف المطولة في تعزيز شدة الهطولات المطرية، ما يؤدي إلى فيضانات مفاجئة حتى خلال فترات الأمطار القصيرة.

وفي مايو الماضي، لقي نحو 200 شخص مصرعهم في قرية موكوا الزراعية بولاية النيجر نتيجة أمطار غزيرة مشابهة. وتشير بيانات الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 4 ملايين شخص تضرروا من الفيضانات في غرب إفريقيا العام الماضي، في زيادة بثلاثة أضعاف عن عام 2023.

أزمة غذائية موازية: الأطفال يدفعون الثمن

في سياق متصل، دقّت منظمة “أطباء بلا حدود” ناقوس الخطر بشأن تفاقم أزمة سوء التغذية في شمال نيجيريا، والتي تسببت في ارتفاع مقلق في وفيات الأطفال، خاصة في ولاية كاتسينا.

وفي تقرير صادم، كشفت المنظمة عن وفاة 652 طفلاً في منشآتها منذ بداية عام 2025، بسبب التأخر في الحصول على العلاج اللازم، مشيرة إلى أنها عالجت نحو 70 ألف طفل منذ يناير، بينهم 10 آلاف احتاجوا للرعاية داخل المستشفيات.

وسجلت فرق المنظمة زيادة بنسبة 208% في حالات الوذمة الغذائية، أحد أخطر أشكال سوء التغذية، مقارنة بالنصف الأول من العام الماضي. كما أظهر مسح أُجري في 5 مراكز تابعة للمنظمة أن أكثر من نصف الأمهات اللواتي أحضرن أطفالهن للعلاج، كنّ أنفسهن يعانين من سوء تغذية حاد.

استجابة محدودة وأزمة تمويل خانقة

في مواجهة هذه الكارثة، قامت “أطباء بلا حدود” بتوسيع عملياتها بإنشاء مركز غذائي جديد في ماشي وآخر للرعاية بالمستشفى في توراي، ليصل إجمالي عدد الأسرة إلى 900 سرير، فضلاً عن توزيع مكملات غذائية لـ66 ألف طفل.

لكن الأزمة مرشّحة للتفاقم، إذ حذّر ممثل المنظمة في نيجيريا، أحمد الدخاري، من أن عام 2024 شكّل “نقطة تحول” في أزمة التغذية، بينما **ما يحدث الآن يفوق كل التوقعات”.

وأشار الدخاري إلى أن تخفيض المساعدات من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي أدى إلى آثار “مدمرة” على جهود العلاج. وأعلنت برنامج الأغذية العالمي عن وقف الدعم الغذائي الطارئ لـ1.3 مليون شخص في شمال شرق نيجيريا بحلول نهاية يوليو، بسبب نقص التمويل.

رغم توافر بعض المواد الغذائية في الأسواق، إلا أن موجة الفقر المتصاعدة تجعل الكثير من العائلات غير قادرة على شرائها. وأظهرت دراسة أُجريت في منطقة كايتا أن أكثر من 90% من الأسر قلّلت عدد وجباتها اليومية.

“نحتاج إلى الغذاء قبل أي شيء”

وشدد إيمانويل بيربين، خبير التغذية لدى “أطباء بلا حدود”، على أن الأولوية القصوى الآن هي توفير الغذاء الفوري للأسر، مؤكداً أن “الطريقة الأسرع للحد من خطر الوفاة الفورية بسبب سوء التغذية هي التأكد من حصول الأسر على طعام كافٍ”.

ومع تفاقم الكوارث المناخية وتراجع التمويل، يقف شمال نيجيريا أمام تحدٍّ إنساني حاد يتطلب تحركاً عاجلاً من المجتمع الدولي لإنقاذ الأرواح ومنع انهيار الوضع الغذائي والصحي في المنطقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى