القوة المحركة

بقلم أيقونة الاتزان السفير د. أحمد سمير*

 كان لوالدة توماس أديسون الفضل الكبير في اختراع المصباح الكهربائي، فقد كان يردد دوماً بأنّها كانت تثق به وتحترمه، كما أنّها كانت تشعره دائماً أنّه من أفضل الأشخاص في الوجود؛ لذلك فقد وعدها بأنه لن يخذلها.

إنها العاطفة والاحتواء ذلك السر الكامن في وجدان الجنس البشري؛ فالعاطفة هو ذلك الاستعداد النفسي والذهني المرتبط بموضوع معين يؤدي إلى دفع الإنسان للقيام بأنواع من السلوك المرتبط بذلك الموضوع، وهي صفة مزاجية مكتسبة تتكون باجتماع عدد من الانفعالات المتشابهة حول موضوع معين، فهي قوة محركة للإنسان، وعاملٌ رئيس في دفعه وإثارته ولا دخل لها في قضايا المنطق والعقل، فقد تنصاع للحق وتسلك طريقه، وقد تندفع نحو الباطل وتسارع فيه.

تتكونُ العواطفُ من خلال تكرار المشاعر الإنسانية – الإيجابية أو السلبية – واتصالها بالمواقف ، أو الأشخاص ، أو الموضوعات المختلفة ، فالإنسان عادة لا يولد بعاطفة معينة تجاه المتغيرات المختلفة ، بل هي متدرجة طويلة الأمد ؛ لأن من خصائص العاطفة تكوُّنها البطيء في النفس الإنسانية ، كما أن زوالها عن النفس بعد استقرارها يتم أيضاً ببطءٍ شديد ، وتكمن أهمية السلوك العاطفي في كونه أعظم القوى المحركة والمحفزة في كيان الإنسان ، فالأعمال العظيمة على مستوى الفرد والجماعة ، والتضحيات الكبرى ، والفداء لا يمكن أن تحصل دون دعم العاطفة القوية المتوقدة ، فإذا انعدم هذا الدعم العاطفي ، أو ضعف قلَّ إنتاج الفرد بقدر ذلك ، ومال إلى الاتكالية ، ونبذ المسؤولية .

إن الأطفالَ أحوجُ ما يكونون في طفولتهم إلى مدد الأبوين العاطفي، فيستهلكون أكبرَ قدرٍ من طاقاتهم العاطفية؛ لبناء طبيعة ذواتهم النفسية، فإذا لم يتحقق لهم ذلك: تعرضوا لإخفاقٍ شديدٍ في حياتهم المستقبلية ، وصعُبَ عليهم الصمود أمام المواقف والمتغيرات الاجتماعية المختلفة ؛ فالبناء العاطفي أصعب من بناء الجسور الشاهقة ولكنه بتصنع إنسان متزن .

 

*السفير د. أحمد سمير

عضو هيئة ملهمي ومستشاري الأمم المتحدة

السفير الأممي للشراكة المجتمعية

رئيس مؤسسة الحياة المتزنة العالمية

Exit mobile version