الصراط المستقيم

الكاتب الصحفي الكبير صالح إبراهيم يكتب : حج مبرور.. وطريق مأمول

تتجه قلوب المسلمين وعقولهم ومشاعرهم إلى المشاعر المقدسة فى هذه الأيام المباركة يتطلعون إلى اخوانهم القادمين من كل فج عميق إلى بيت الله الحرام وصعيد عرفة ومنى والمدينة المنورة.. وقد يسر لهم الله سبحانه وتعالى الاستطاعة لأداء فريضة الحج.. أحد أركان الاسلام وهو الموكب الذى لا ينقطع.. منذ أن نفذ سيدنا إبراهيم أبو الأنبياء وابنه اسماعيل عليهما السلام التكليف الإلهى بتطهير بيت الله الحرام يستقبل أولياءه من المؤمنين.

يقول سبحانه وتعالى فى سورة الحج :(( وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (27) لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ ۖ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (28ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (29ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ ۗ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ ۖ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (30) )) صدق الله العظيم.

حدد الدين الحنيف مناسك الحج ونوافله وأركانه ساطعة واضحة للجميع.. وجعل لهم البلد الحرام آمنا.. له مكانة متميزة فى قلوب الجميع.. بمعنى كل الأزمان والسنين فى القلب دائما الأمل والرغبة والأمنية المشتركة بأداء الفريضة التى يشعر الإنسان بعدها انه ولد من جديد.

لقاء متميز على الأرض المقدسة.. أفواج جاءت من كل مكان تتحدث بكل لغات الأرض.. ولكن جمع بينها الإيمان.. البعض قدم بالطائرة أو الباخرة بعد أن تيسرت وسائل المواصلات ومازال البعض يأتى بالبر.. بالسيارة أو حتى سيرا على الأقدام.. يلتقون تحت مظلة الرعاية ويلمسون الخدمات الاستثنائية التى وفرتها حكومة خادم الحرمين الشريفين ومعها وسائل الرعاية الصحية وجهود الاطمئنان على حالة وراحة الحجاج وتحرص عليها بعثات الدول الإسلامية فى مقدمتها مصر المحروسة ويشهد بها الجميع.

يلتقى الحجاج تحت مظلة المودة والتعارف والتقارب التى تجمع بين قلوبهم وتزيل الحواجز بينهم.. يشعرون خلال أيام معدودة وأداء المناسك بأنهم بالفعل ان واحدة تستطيع أن تفعل الكثير وانها قادرة بقوة على استئناف مهمتها الحضارية والإنسانية والأسوة الحسنة التى انتشر من خلالها الإسلام فى جميع أنحاء العالم القديم والجديد.

وتتعلق أنظار الأمة الإسلامية كلها.. وأولئك الذين لم يكونوا حاضرى المسجد الحرام.. فى كل مرة إلى الشهر العظيم »يوم عرفة« حيث يجتمع الحجيج فى صعيد عرفة بالرداء الأبيض يلبون ويكبرون لله سبحانه وتعالى شكرا وحمدا على نعمه وأفضاله ورحمته.. تهتز الجبال بهذه النداءات المخلصة.. ويؤدون الصلاة جمعا وقصرا.. يتذكرون يوم البعث والحشر العظيم عندما تقوم الساعة وزلزلتها العظيمة.. ويلتئم يوم عرفة المؤتمر الاسلامى الحاشد.. يتحدث الخطيب عقب صلاة الظهر.. ينصت الجميع إلى ما فتح الله سبحانه عليه به من معالم لطريق التقوى والصلاح وتحقيق آمال الأمة والمسلمين وداخل الخيام.. يستغرق الجميع فى تلاوة القرآن الكريم والدعاء إلى الله سبحانه وتعالى والانصات للأئمة والصالحين.. تتفتح أمام الجميع حكم ودروس وتقترب القلوب من المنورانية مع ذكر الله سبحانه وتفتح لهم أبواب التقوى والصلاح وتتكامل مناسك الحج.. سواء بجمع الجمرات من المزدلفة ورمى العقبات الثلاث أو المبيت فى صعيد منى الطاهر ثلاثة أيام إلا للمتعجلين.. وهى فرصة نادرة لتدارس أحوال المسلمين ومعها زيارة المدينة المنورة.. والمسجد النبوى الشريف للسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.. ونذكر أيام الهجرة وأحداثها القاعدة التى انطلق منها الدين الاسلامى الحنيف وانتشر بالموعظة والكلمة الطيبة فى العالم القديم والجديد.

ونختم مقالنا بنهاية سورة الحج المباركة((  وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ۚ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ۚ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ۚ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ۚ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ ۖ فَنِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78) )).

الطريق واضح.. حج مبرور وعيد سعيد على الجميع.

الكاتب الصحفي صالح ابراهيم 

مدير تحرير أول جريدة الجمهورية 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى