في الوقت الذي تطالب فيه الحكومة المصريين بالصبر على الأزمة الاقتصادية وبالتقشف وترشيد الانفاق ، فاذا بحكومتنا الرشيدة تفعل غير ذلك .!!
الحكومة تزيد بدل جلسات البرلمان من ميزانية الدولة المتعسرة ما قيمته 349 مليون جنيه بعد زيادة أعضاء المجلس من 508 الى 596 عضوا . هي نفس الحكومة التي تدعي أنها لا تستطيع زيادة أجور العاملين لمواجهة ارتفاع الاسعار ومعدل التضخم ، وهي التي لا تستطيع تطوير قطاعات الصحة والتعليم والمرافق الحيوية لضيق ذات اليد .هي ايضا نفس الحكومة التي تهدد بعدم قدرتها على دفع المعاشات للملايين من العجزة وكبار السن .
ورغم كل هذا الهم والحزن ، تصدر الحكومة قانونا بزيادة مكافآت النواب لتصل الى 5 الاف جنيه شهريا بالاضافة الى بدل حضور الجلسات وبدلات السفر ليصل اجمالي ما يقبضه النائب حوالى 20 الف جنيه شهريا. ناهيك عن راتب الوكيلين الذي يقدر بنحو 32 الف جنيه لكل وكيل ، أما راتب رئيس المجلس فهو وفقا لقانون مجلس النواب 46 لسنة 2014 فهو يعادل مجموع ما يتقاضاه رئيس الوزراء.
ورغم ان ميزانيتنا تعاني من عجز مزمن فالنائب البرلمان يحصل على مزايا اخرى غير المكافأة الشهرية تتمثل في 10 تأشيرات للحج والعمرة ، وتعيين 5 من اقاربه في الوظائف العامة ، وتسهيلات في شقق واراضي من الاسكان ، وتذاكر سفرمجانية بالدرجة الاولى الممتازة بالسكة الحديد ورحلات الطيران ، والاقامة في أي فندق ويسدد المجلس قيمة الفواتير دون مراجعتها . ولا تنسوا ان هذا هو النائب الذي يأتمنه الشعب على مراقبة أداء الحكومة وترشيد انفاقها وتنفيذ خططها التنمية بما يضمن مصالح الشعب .
كل هذه المزايا التي يحصل عليها النواب، وهم يزعمون انهم متطوعون لخدمة الشعب ، ولا أدري منذ متى كان التطوع له مقابل مادي او مكافأة . مع ان التطوع في المفهوم الانساني هو أداء العمل وباتقان دون مقابل ، تطبيقا لثقافة التطوع التي سبقتنا اليها الدول المتقدمة رغم اننا ديننا الحنيف هو أول من حض على التطوع ، فقال الله تعالى في سورة الحج الاية 77 ( .. وافعلوا الخير لعلكم تفلحون ) ، وفي سورة الانبياء الاية 73 ( وأوحينا اليهم فعل الخيرات ).
وهنا يجب ان يفهم كل مواطن لماذا الصراع على كرسي البرلمان ؟ ولماذا ينفق البعض ببذخ من أجله ؟ . وهم الذين انتخبهم الشعب بنسبة 25 % من المجمع الانتخابي . انه صراع للحصول على الحصانة وكلنا نعرف ما لونها وكيفية استخدامها .
أذكركم أيضا ان تكلفة انتخابات مجلس النواب لعام 2015 بلغت 1.6 مليار جنيه صرفت على تجهيزات العملية الانتخابية ومكافآت اللجنة والمشرفين على الانتخابات بكافة مستوياتهم . ورغم كل هذه التطلفة فان اي مناقشة بسيطة للأداء البرلماني خلال العقود السابقة تكشف انها دون المستوى رغم عراقة التجربة البرلمانية المصرية التي بدأت عام 1924 في عهد محمد على .
البرلمان اذا لم يواجه بحسم واقعنا الصعب الذي نعيشه ، ويسموا النواب فوق المصالح الذاتية والنرجسية ، فاننا نسير نحو الهاوية ، ولا نتمنى ذلك لمصرنا المحروسة .