المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي يكتب: العقد المقدس
عندما مات الضمير وأختل ميزان العلاقة مع الله.. تخلف العرب والمسلمون ودب الصراع .. و توحشت النفوس الخربة فاحتلت الاوطان .. ونُهبت الثروات .. واستوحش اهل الشر فأيقظوا الفتن وروجوا روايات الشيطان، فكثير من الناس يعتقد بان من قال اشهد ان لا إله الله وان محمداً رسول الله دخل الاسلام وأصبح مسلما يؤدى شعائر العبادات من صلوات وصيام وزكاة وحج وتصور انها كل التزاماته كمسلم.
وقد مرت قرون على هذا الفهم الخاطئ، حيث أن الدخول في دين الإسلام عقد ارتضاه الإنسان المسلم بينه وبين الله واشهد الله عليه بأن يحمله في قلبه ويترجمه في تصرفاته وتعامله مع الناس وفق التشريع الإلهي والمنهاج القرآني الذي وضع الله في آياته كل شروط العقد بينه وبين المسلم وهو أمانة يلتزم بها في حياته عملًا وقولًا ، كما بين الله سبحانه عظمة الأمانة في قوله: (إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا) (الأحزاب: 72)، أن الآية الكريمة تتحدث عن الأمانة وهو (القعد المقدس) بكل شروطه بين الله والناس.
حيث أعطى الله الإنسان الحرية في الاختيار بالالتزام بالعقد أو من عدمه وفي تنفيذ بنود العقد المقدس إذا ارتضى الإسلام دينًا يؤمن بالله ربًا واحدًا لا شريك له، وبمحمد رسولًا يحمل الخطاب الالهي في قرآن كريم، ليبلغ آياته للناس جميعًا ويؤمن بتشريعاته ومنهاجه إيمانًا كاملًا دون نقصان، وهو تطبيق كل التشريعات الإلهية والأحكام الربانية في العبادات والمحرمات والنهي عن الفحشاء والمنكر واتباع مقاصد الآيات من رحمة وعدل وحرية واحسان وتعاون وتحريم العدوان والتعاون بين الناس في سبيل الخير من عمل الصالحات والتمسك بالمنهاج الذي يرسم للناس خارطة الحياة ليتحقق للناس فيها الحياة الطيبة والعيش الكريم في ظل الأمن والاستقرار والسلام واتباع كل ما تضمنته آيات القرآن من القيم النبيلة التي تؤلف بين القلوب وتحترم حق الانسان في كل الأحكام والتشريعات التي وضع الله سبحانه قواعدها لصالح الإنسان في القرآن إذا رضي بالإسلام دينًا.
تلك القواعد وشروط الدخول الى الاسلام التى تؤسس لإقامة مجتمع المدينة الفاضلة عند تطبيق المنهج الالهي الذى انزله الله على رسوله فى آيات كريمة بحيث يكون الانسان مؤمنا بكل آيات القرآن الكريم ويسعى بكل الصدق الالتزام بكل التشريعات الالهية من عبادات ومعاملات وحدود وأخلاقيات وعظات وتعليمات متأسيا بآداب القرآن التى جعل الله رسوله عليه السلام المثل الأعلى والقدوة النموذجية للاقتداء بسيرته وسنته التي تترجم التشريعات الالهية ومنهاجه على أرض الواقع سلوكًا وتعاملًا مع الأقرباء والغرباء بالرحمة والعدل والإحسان والكلمة الطيبة وبالعفو والمساواة بين كل أفراد المجتمع، لا فرق فيه لعرق أودين أو مذهب أولون أو عقيدة أيا كانت عقيدة الانسان والجميع أمام العدالة سواء والجميع يسعون لصلاح المجتمع الذى يعيشون فيه بالتكافل والتعاون تنفيذا لأمر الله سبحانه بقوله (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ) (المائدة: 2).
ولذلك اصبح الوفاء بتطبيق (بنود العقد المقدس ) قضية فى غاية الصعوبة عند الانسان الذي يعيش فى صراع دائم ومواجهة قاسية مع إغراءات الشيطان تدفعه النفس ومعها الشيطان بإغراءاته وما يزينه للنفس من استحسان سؤ أعمالها مما يؤدي للإخلال بالعقد وشروطه. فاذا تمكن الإنسان بقوة إيمانه من التمسك بشروط العقد في قرآنه من قيم الفضيلة ومحاسن الأخلاق وتطبيق التشريع الالهي فى الحلال وفى الحرام والتقيد الكامل بكل بنوده سلوكًا ومعاملة مترجماً المنهج الالهي فى كل تصرفات المسلم تأسيًا بسنة الرسول عليه السلام وسنته التى تتمثل فى آداب القرآن وأخلاقياته وصفات المؤمنين في الكتاب المبين وقد اختزل القرآن كل صفات المؤمنين التي ذكرتها آيات القرآن في آيتين كما قال الله سبحانه مخاطبا رسوله عليه السلام: (وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ) (سورة القلم 4)، والآية الثانية في قوله سبحانه وتعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) (سورة الأنبياء 107).
يقابل ذلك الالتزام الصادق والتطبيق العملي لكل بنود العقد المقدس وعد من الله بانه يوم القيامة سيجزى الجنة التي تجري من تحتها الأنهار .واذا اخل المسلم بشروط العقد الالهي فسيتحمل نتائج خيانة الأمانة والاخلال بالعقد المقدس بينه وبين الله سبحانه فسيكون عقابه أليما وجزاؤه عظيما يوم القيامة على ما فرط في الالتزام بالعقد المقدس. لان اختياره للدخول للإسلام تم بمحض اختياره وان الاخلال بشروط العقد سيعرضه للمساءلة يوم الحساب، تطبيقا لأحد بنود العقد فى قوله سبحانه وتعالى: (قالَ اهبِطا مِنها جَميعًا بَعضُكُم لِبَعضٍ عَدُوٌّ فَإِمّا يَأتِيَنَّكُم مِنّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشقى (123) وَمَن أَعرَضَ عَن ذِكري فَإِنَّ لَهُ مَعيشَةً ضَنكًا وَنَحشُرُهُ يَومَ القِيامَةِ أَعمى (124) قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرتَني أَعمى وَقَد كُنتُ بَصيرًا (125) قالَ كَذلِكَ أَتَتكَ آياتُنا فَنَسيتَها وَكَذلِكَ اليَومَ تُنسى (126)) (طه: (123–126).
ونظرًا لان معظم المسلمين اقتصر التزامهم بالعقد المقدس على أحد بنوده وهي العبادات فقط مما يعد ذلك إخلالاً خطيراً فى التقيد بكامل بنود العقد وشروطه مما أدى الى احداث خلل فى العلاقات الانسانية فى المجتمعات العربية والاسلامية . حين اتبعوا الروايات وتخلوا عن الآيات، فانتشرت الفتن ودب الصراع بينهم والتقاتل وتوحشت النفوس وتحجرت القلوب ومات الضمير مما أدى الى تخلف العرب وهيأ الظروف باحتلال أوطانهم ونهب ثرواتهم . واستغلت قوى الشر نشر الإشاعات وخلق الخلاف بواسطة الروايات والاسرائيليات، وانشغل العرب المسلمون بالحروب، وساهم عدم الأمن والاستقرار فى مجتمعاتهم الى مصالحهم وطموحاتهم للاستبداد بالسلطة والانفراد فى حكم الناس بد لا من أن تكون الأمة العربية قاطرة الحضارة الانسانية بما تحمله من قيم أخلاقية سامية في الخطاب الالهي للناس أجمعين ودعوة للعلم والتفكر في كون الله وأفلاكه وفي ما تكتنزه الأرض من مختلف المعادن.
كما يدعو القرآن الكريم الذي تتجلى في دعوته الرحمة والعدل والحرية والسلام والاحسان وصحوة الضمير لنشر الأمن والعيش الكريم للبشرية جمعاء تحولت أوضاع المسلمين بعدما تخلوا عن العقد المقدس كتاب الله المبين الى حياة الضنك والشقاء والتقاتل والتخلف فى الماضى والحاضر نتيجة منطقية لإخلالهم ببنود العقد المقدس الذى احتوته آيات القران الكريم وقد وضع الله لهم قاعدة واضحة تحدد لهم خارطة الطريق المستقيم يبينه القرآن الكريم للناس والذي كان الشرط الأول في العقد المقدس ليلتزم به كل مسلم كما أمر الله فى قوله سبحانه: (اتَّبِعوا ما أُنزِلَ إِلَيكُم مِن رَبِّكُم وَلا تَتَّبِعوا مِن دونِهِ أَولِياءَ قَليلًا ما تَذَكَّرونَ ) (الأعراف: 3).
نص إلهي واضح موجه لكل مسلم ارتضى أن يؤمن بالله ربا وبالقرآن هاديا وبرسول الله مبشرا ونذيرا وأن يعتقد في الاسلام دينا عليه أن يطبق أهم الشروط في العقد المقدس بأن يتبع كتاب الله يلتزم بآياته وتشريعاته ومنهاجه. ويخاطب الرسول الناس كما خاطبه ربه ليبين لهم طريق الحياة المستقيم الذي اختاره الله لعباده ليجعلهم يعيشون حياة طيبة في الدنيا ويعد هم الله كل من التزم بالعقد المقدس جنات النعيم في الآخرة ويتلو رسول الله على الناس من تشريعات الله ومنهاجه بقوله سبحانه: ( قُل تَعالَوا أَتلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُم عَلَيكُم أَلّا تُشرِكوا بِهِ شَيئًا وَبِالوالِدَينِ إِحسانًا وَلا تَقتُلوا أَولادَكُم مِن إِملاقٍ نَحنُ نَرزُقُكُم وَإِيّاهُم وَلا تَقرَبُوا الفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنها وَما بَطَنَ وَلا تَقتُلُوا النَّفسَ الَّتي حَرَّمَ اللَّـهُ إِلّا بِالحَقِّ ذلِكُم وَصّاكُم بِهِ لَعَلَّكُم تَعقِلونَ (151) وَلا تَقرَبوا مالَ اليَتيمِ إِلّا بِالَّتي هِيَ أَحسَنُ حَتّى يَبلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوفُوا الكَيلَ وَالميزانَ بِالقِسطِ لا نُكَلِّفُ نَفسًا إِلّا وُسعَها وَإِذا قُلتُم فَاعدِلوا وَلَو كانَ ذا قُربى وَبِعَهدِ اللَّـهِ أَوفوا ذلِكُم وَصّاكُم بِهِ لَعَلَّكُم تَذَكَّرونَ (152) وَأَنَّ هـذا صِراطي مُستَقيمًا فَاتَّبِعوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُم عَن سَبيلِهِ ذلِكُم وَصّاكُم بِهِ لَعَلَّكُم تَتَّقونَ (153)) (الأنعام: 151–153).ثم يبين الرسول عليه السلام للناس عما يبلغهم به من المنهاج الالهي ليتبعوه مرشدا للناس في الحياة الدنيا ويعرفهم بعض المبادئ الرئيسية في المنهج الالهي في قوله سبحانه: (لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـٰكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـٰئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ) (البقرة : 177).
ثم يخاطب عليه السلام المسلم موضحا له فلسفة الحياة في المنهاج الالهي ويرشده للطريق المستقيم حتى يحقق لنفسه حياة طيبة ويجازيه الله يوم الحساب على أعماله الصالحة جنات النعيم بقول الله سبحانه ( وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّـهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّـهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّـهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ) (القصص: 77) . يبين الرسول للمسلمين بعض الشروط المهمة في العقد المقدس في الآيات المذكورة أعلاه الذى اذا التزم به المسلم وطبقه بالكامل سيقابله وعد كريم من الله سبحانه روح وريحان وجنات النعيم يقول لهم ربهم ادخلوها بسلام آمنين . ولو طبق المسلمون كافة بنود العقد المقدس لاختفى الظلم وحل العدل وتراحم الناس فيما بينهم وانتشر السلام فى مجتمعاتهم والتكافل والتسامح والاحسان وحفظت الأمانات واختفت الصراعات وحلت المودة محل الكراهية وحل المعروف بدل العدوان وتحقق الأمن والاستقرار فى المجتمعات وعاش الناس فى أمن وسلام وأسسوا المدينة الفاضلة التى يحلم بها الانسان لا ظلم فيها ولا عدوان ليحيا الناس فيها بالإنصاف والاحسان حياة طيبة وعمروا الأرض وأكلوا من نعم الله فيها فارتقت معيشتهم وتقدمت علومهم وسادوا الأرض بالرحمة والعدل والأخلاق والعلم والتقدم.
حينئذ لن تكون المجتمعات بحاجة لشرطة ولا محاكم ولا سجون ولا قضاة أو محامون اختفى الفقر فيها والتسول فاختفت السرقة والاعتداء على أموال الناس وحلت البركة عليهم وانتشر التعاطف بين الناس وتباروا فى الإحسان وتنافسوا فى فعل الخيرات . ولكن للأسف استطاع اعداءهم ان يغيبوا عقولهم بالروايات والافتراءات على كتاب الله ورسوله حتى نجحوا في صرف المسلمين عن القرآن الكريم واختزلوا رسالة الاسلام فى العبادات ففقدوا قيم الفضيلة والتعامل بالاحسان وكرم الأخلاق التى يدعوا لها القران وعصى الناس الله فى أمره باتباع القرآن فأمر سبحانه مخاطبا رسوله الأمين بقوله ( فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (43) وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ (44) ) (الزخرف : 43–44).
لم يتبعوا مابلغ الناس رسوله وعصوا أمره سبحانه بأن يتبعوا القرآن ولا يتبعون غيره فيضلوا وتركوا الآيات واتبعوا الروايات وأخلوا بشروط العقد المقدس فضلوا عن الطريق المستقيم بعد استحكمت في أفكارهم كتب التراث وما بثته من سموم غيبت عقول المسلمين وجعلتهم يؤمنون بدعوة الأشرار وما يدعونهم له من اتباع سبل الشيطان التى حولتهم الى نفوس بائسة متوحشة تحب الدماء وقتل الأبرياء تدمر المدن وتشرد الناس من أوطانهم حتى أصبحوا يهددون الامم الاخرى التى أصبحت تخشى من كلمة مسلم الذي تتجلى فى تسمية الاسلام السلام والرحمة .والحرية والعدل والسلام .
فماذا يمكن ان يطلق على الذين ينشرون خطاب الكراهية ؟! ويشجعون على قتل الناس اقل شيء يمكن يوصفون به بشر فقدوا إنسانيتهم وعصوا ربهم واتبعوا طريق الشيطان الذى سيدفعهم الى جهنم وبئس المصير والله يسألهم يوم القيامة بقوله سبحانه: (أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ) (المؤمنون : 105 )، فكان جوابهم في مشهد يوم عظيم وهم في حسرة في موقف عصيب قولهم (قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ (106) رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ (107) قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ (108)) (المؤمنون: (106–108).
فعلى كل مسلم أن يستحضر يوم الحساب ذلك المشهد العظيم لقد حذرنا الله منه رحمة بالناس وبالمسلمين ليجنبهم موقف اليائسين. ولكن الانسان وبداخله النفس الأمارة بالسوء ورفيقها الشيطان هيهات أن يهتدي لمنهاج القرآن وغرته الحياة الدنيا ونسي الله ولم يكن من المهتدين فلايلومن إلا نفسه. فقد اختار في حياته بكل الحرية طريق الباطل واتبع ماتتلوه عليه الشياطين من روايات التزوير والافتراءات على الله وعلى رسوله الأمين وكم أنذر الله الناس بعدم اتباع كتب غير كتابه من تحريف البشر ، فاليوم يجزى بما عصى الله وهجر كتابه المبين الذي يحميه في حياته من الانزلاق في حياة الضنك ويكون من البائسين فقد أصر وتعنت واستكبر على هدى الله فبغى وطغى فأصبح من الهالكين في نار الجحيم ,فقد كان خطاب الله للناس نصيحة وعظة ليجنبهم عذابه وعقابه فينادي خلقه من عباده بقوله سبحانه (وَأَنَّ هـذا صِراطي مُستَقيمًا فَاتَّبِعوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُم عَن سَبيلِهِ ذلِكُم وَصّاكُم بِهِ لَعَلَّكُم تَتَّقونَ ) (الأنعام: 153)، فمن استجاب لدعوة الله نجى ومن أعرض عن دعوة الله خاب وخسر الدنيا والآخرة .