أراء وقراءات

الكل في مرمى الكيان: إسرائيل لم تترك دولة عربية إلا واستباحت أمنها

بقلم :عبير الحجار

استفاقت الدوحة صباح الثلاثاء الماضي على أصوات انفجارات عنيفة  هزّت قلب العاصمة، في غارة إسرائيلية استهدفت قيادات من حركة حماس كانت تعقد اجتماعًا سياسيًا. لكن الضحية الحقيقية لم تكن الحركة وحدها، بل السيادة القطرية ذاتها، والوساطة العربية التي كانت تمثلها قطر في طريق هش نحو وقف إطلاق النار.

المشهد لم يكن عسكريًا فحسب، بل كان سياسيًا بامتياز؛ إذ كشف عن عجز النظام العربي في مواجهة عدوان سافر يطال عاصمة خليجية، وعن زيف الحماية الأجنبية التي طالما رُوّج لها باعتبارها مظلة أمنية للمنطقة.

القواعد الأميركية.. دروع من ورق

وجود قاعدة أميركية كبرى في الأراضي القطرية لم يمنع الصواريخ الإسرائيلية من اختراق أجواء الدوحة. عشرات الطائرات والجنود والأساطيل التي قيل يومًا إنها “تضمن أمن الخليج”، أثبتت أنها مجرد ديكور استراتيجي يخدم مصالح واشنطن، لا أمن من تستضيفها. فحين حانت ساعة الاختبار، لم يتحرك أحد، وبقيت قطر وحيدة في مواجهة العدوان.

الكل في مرمى الكيان

ما جرى في الدوحة ليس استثناءً. إسرائيل لم تترك دولة عربية إلا واستباحت أمنها: تواصل حرب ابادة غزة ، تعتدي على اليمن ، ضربت بيروت في وضح النهار، استهدفت دمشق مرارًا، أرهبت بغداد، وها هي اليوم تضرب قلب الخليج. الرسالة واضحة: لا أحد محصّن، ولا عاصمة بعيدة عن مرمى نيران الكيان.

التضامن العربي الغائب

الأدهى من غياب الردع الأميركي، هو غياب التضامن العربي. بيانات الشجب والإدانة لا تصنع سياسة، ولا توقف صواريخ، ولا تحمي سيادة. ما دامت العواصم العربية تتحرك كجزر منفصلة، سيبقى كل بلد معرّضًا ليكون الثور الأبيض الجديد، بانتظار دوره على مائدة العدوان.

الدرس الأقدم والأوضح

منذ قرون، علّمنا المثل الشعبي: “أُكِلت يوم أُكِل الثور الأبيض”. واليوم تتجسد الحكاية بوقائع حيّة: بالأمس كانت غزة، واليوم قطر، وغدًا ربما أي عاصمة عربية أخرى، ما دام السكوت سياسة، والانقسام قاعدة، والتضامن استثناءً لا يُبنى عليه.

إن الرسالة التي تُكتب بدماء الأبرياء واضحة

لا الأجنبي يحمي، ولا الشقيق يتصدّى، ولا الكيان يتوقف عن عدوانه إلا إذا وُجدت وحدة حقيقية تبني جبهة عربية قادرة على الردع

عبير عبد السلام الحجار 

كاتبة صحفية وإعلامية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى