( الكنز المدفون).. والحقائق المجهولة !! بقلم : رئيس التحرير
يوم 19 يونية سنة 1991 صدر القانون رقم 203 المسمى قانون شركات قطاع الأعمال العام من 13 مادة،. وبموجبه بدأت جريمة بيع ممتلكات الشعب المصري المتمثلة في شركات القطاع العام، وإتخذت هذه الجريمة مسمى خادع هو ( الخصخصة).
وفقد الشعب المصري الكثير من اصوله الانتاجبة مقابل ثمن بخس بسبب الفساد الذي شاب عملية تقييم الاصول المملوكة للشركة المراد بيعها. ويرى الخبراء أن من المعايير المعيبة تقييم سعر المتر للأرض المقام عليها المشروع وفقاً لسعر المتر في أقرب مدينة عمرانية ، والتقييم الصحيح يجب أن يتم وفقاً للسعر السوقي وطبقا للمزايا الموجودة في هذه الأرض وموقعها ومدى قربها وبعدها عن الخدمات . أما الشركات قليله الربحية يكون الحد الأدنى لسعر تقييمها هو 8 أضعاف المتوسط السنوي لأرباحها خلال السنوات الثلاث قبل بيعها وهو معيار غير صحيح من وجهة نظر الخبراء لأنه قد تكون الأرباح متدينه بسبب سوء الإداره حتى لو كانت أصولها عالية القيمه.
أما الفساد الأكبر كما يرى الخبير الاقتصادي د. عادل عامر فتمثل في عدم إلزام المستثمرين في عقود البيع بزيادة الطاقة الإنتاجية أو تحديث أساليب الإنتاج أو زيادة حجم الصادرات للمنتجات المصنعة أو إنشاء مصانع أو مرافق أو خطوط إنتاج جديدة ، بل على العكس وجدنا أن معظم المصانع التي تم بيعها أغلاقت ابوابها وتم تسريح العمالة وقيام المستثمر الأجنبي ببيع الأصول الثابتة والأراضي الخاصة بالشركات باضعاف الثمن الذي دفعه مما أدى انخفاض الناتج القومي الإجمالي للدولة ،وزيادة عبء الاستيراد ، إلى زيادة معدلات البطالة حيث تشير الاحصائيات الى ان ضحايا الخصصة بلغ عددهم اكثر من مليون عامل.
والكثيرون يجهلون كثيرا من الحقائق حول جريمة الخصخصة أهمها أنها تمت بضغوط خارجية ضمن حزمة من الاجراءات التي التزمت بها مصر للوصول إلي اتفاق مع البنك الدولي صندوق النقد الدولي للاصلاح الاقتصادي عام 1990 . كما أن مصر قامت بالتوقيع علي اتفاقية عضوية لجنة الاستثمار بمنطقة التعاون الاقتصادية والتنمية التي تشترط علي مصر إلغاء احتكار القطاع العام لبعض الأنشطة مثل الاتصالات وتوليد الكهرباء.
ورغم أن هذه الاتفاقيات الدولية لم تأت باي إصلاح بل جاءت بالخراب ، فإن القيادة الحالية تعيد التجربة بالتوقيع مجددا على قرض صندوق النقد الدولى عام 2016 والذي صاحبه سلسلة من الاجراءات الصعبة التي يعاني منها المواطن وهي الغاء الدعم وتعويم الجنيه. ولا ادرى لماذا نصر على أن ” نلدغ من الجحر مرات ومرات ” . والأدهى أن القرض يتضمن ضمانات قد تضر ببعض الأصول الكبرى لمصر.
والحقيقة القاسية الثانية أن هذه الجريمة إرتبطت إعلاميا باسم رئيس الوزراء الاسبق عاطف عبيد وحده ، رغم أنه شاركه فيها 3 رؤساء حكومات. فبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء, توضح أن دمار الخصخصة استمر 18 عاما بين عامي 1991 و2009 تم خلالها بيع 407 شركات قطاع أعمال عام، وبلغت حصيلة البيع أكثر من 57.3 مليار دولار. نسبة 9 % من عدد الشركات المباعة تم في عهد حكومة الدكتور عاطف صدقي، و21% في عهد حكومة الدكتور كمال الجنزوري، و21.6% في عهد عاطف عبيد، و48.4% في حكومة الدكتور أحمد نظيف.
روى لي صديق كان يعمل مهندسا في شركة النصر للزجاج والبللور ( ياسين) أن رئيس مجلس ادارة الشركة نظم احتفالا بمناسبة بيعها قال فيه :” اليوم نحتفل بصدور شهادة وفاة الشركة”. واستهجن المخلصون من العاملين وهم الغالبية تلك المقولة. واليوم أناشد وزير قطاع الأعمال العام الدكتور أشرف الشرقاوى والمخلصين من العاملين في شركات قطاع الاعمال بالتكاتف لاصدار شهادات إعادة إحياء ( تشغيل) للشركات المتعثرة .
اتفق مع رأي الكثير من الخبراء الذين يؤكدون أن شركات قطاع الاعمال التي لم يطولها قطار الخصخصة بمثابة ( الكنز المدفون ) ، ويبلغ عددها وفقا لاحصائيات الوزير الشرقاوي 121 شركة، منها 66 شركة رابحة و55 شركة خاسرة ، وإجمالى الأرباح بلغت 7 مليارات و354 مليون جنيه خلال العام المالى 2016 مقارنة بـ 5 مليارات و771 مليون جنيه فى العام 2015.
وأري أنه لو توافرت الجدية لدى الحكومة فانه من الممكن إحياء “الكنز المدفون ” لانه سيحل لنا الكثير من المشاكل المتعلقة بالبطالة وبالدولار من خلال زيادة الانتاج للحد من الاستيراد وزيادة حجم الصادرات مما يجلب عملات اجنبية.
وهناك مؤشرات ايجابية تزيد من التفاؤل منها خطة الوزير الشرقاوي لإنهاء خدمة نحو 400 مستشار بشركات قطاع الأعمال العام يتقاضون سنويًا نحو 30 مليون جنيه.والغريب أن كثير من هؤلاء المستشارين يتواجدون في الشركات الخاسرة خلال عام 2017. ومساعيه للدفع بأكثر من 50 قيادة شابة لرئاسة مجالس إدارات الشركات فى إطار خطة الإحلال والتجديد التى تتبناها الوزارة للتخلص من القيادات الكبيرة فى السن والتى تحقق خسائر.
وادعو الوزير الشرقاوي أن يكون أكثر شجاعة ويوقف صرف الارباح للشركات الخاسرة حيث تكشف الاحصائيات أنه تم صرف 120 مليون جنيه أرباح 6 أشهر لعمال 8 شركات خاسرة عام 2015 وصرف 150 مليون جنيه مكافآت لعمال 10 شركات فاشلة عام 2016.