المثقف في العالم العربي
بقلم / محمد السيد راشد
المثقف والثقافة
ليس هناك أنماط للمثقف عربي ومثقف غير عربي .المسمي في حد ذاته ضد قدرة الثقافة علي الشمول والعمومية، فالجميح يسبح في مكان وفرص وحياة واحدة لذالك وجب تعريف دقيق أعمق متمعن في ماهية الثقافة بمفهومها المتكامل الشامل .
“الثقافة هي رحلة المعرفة في دروب العلم للبحث عن الحقيقة الكاملة” ومن تعريف الثقافة تجد أن تنوع وتفنيد المثقفين بأن يكون أحدهم مثقف عربي، ومثقف غير عربي .مستشرق مثقف في أمور الشرق ، مستغرب مثقف في أمور الغرب. هذه كلها مسميات تحمل خداع في المسمي هل المستشرق لا يقرأ عن الغرب والمستغرب لا يقرر عن الشرق .إذا كان كذالك لن ولم يستطيع الكتابة بشكل حقيقي عن الشرق أو الغرب. ولكن الصحيح مثقف يتحدث عن الشرق أو عن الغرب .
المثقف والأنظمة العربية الآن
لا يخفي عن أحد ما حدث من الخريف العربي للثقافة في بلاد العرب من خمسينيات القرن الماضي إلي الآن، حتي أن أصبحت ألسنة وأقلام أغلب المثقفين تنحي الثقافة جانبا ، وتقوم بالترويج للأنظمة الحاكمةن وتخادع وتضلل الشعوب العربية.حتي أصبح المثقف في بلاد العرب التي تم تجنيده “مغيب “فيضيع كل عمره في جمع الأموال والشهرة التي هي فقاعة لن تستمر إلا لفترة ثم يتضح للشعوب العربية الحقيقة فيدفن المثقف الذي أصبح مغيب “عايش في سراديب السلطان ” ويضعف ما ترك ويصبح الأثر مهين مع الوقت ربما يخجل منه أحفاده من الدرجة الرابعة ، أو الأولة لذالك لا يعتمد علي الموجهين من أصحاب الألسن المتلونة ولا يعتد مايقولون ثقافة بل هي أمراض الثقافة وانحرافات عندما يشفي وعي الشعوب يزيلون هم وما تركوه.
علما ينتفع به
لو رجعنا للحديث النبوي الشريف وتمعنا في الانقطاع لمن مات من الدنياة إلا من ثلاث وذكرت صدقة جارية وولد صالح يدعو له ثم موضوعنا “علما ينتفع به”
وختم الحديث بالعلم المنتفع به لأنه أكثر وأهم التركات والأثر فكان العلم المنتفع به الأثر الأعظم في تقويم البشر وتجنيبهم الفتن ما ظهر منها وما بطن. هنا وجب عليا توجيه نصيحة للباحثين والكتاب المثقفين “لا تتعجل في رؤية نتائج ما تعمل ، فإن كان ما قمت به علم حقيقي سيظهر وسيؤثر وسيبقي وسيخلد ” حتي وأن مت وأنت مضطهد مضيق عليك في الرزق والعيش والظهور ،فحتما حتما ستسيطر بعلمك الحقيقي الدافع لليقين علي العقول طالما أنك تركت أثر متوافق مستنبط من علوم الكتب السماوية ومراد الله من البشرية والبشر .
كيف يمكن التميز بين المثقف الحقيقي والمغيب ؟!
من حكمة الله في البشر أن من يلتمس طريق للعلم صادق في نواياه يكون غير مهتم بما يعود عليه علي قدر اهتمامه الشديد بالاثر الذي يتركه ومدي قدرة أبحاثه علي ايجاد حلول للازمات الإنسانية في جميع المجالات إجتماعية اقتصادية سياسية دينية.
لذالك تجد أغلب المثقفين من الماضي من تم حبسه والتضيق عليه في الرزق ومن قتل . لكنهم ظلوا في طريقهم ، ووضعوا نصب اعينهم علي ما يصبوا إليه من تنوير الأبصار للناس وتوسيع الآفاق لإمكانية الفهم الدقيق للبشرلسائر الأمور ، وإخراج الناس من براثن التضليل والتدليس المصطنع من منظمات وحركات مريضة ، جاهلة عندها مشاكل وجدانية مزمنة في تكوينهم،تدفعهم للتفكير في زوال الآخرين نونشر الأمراض النفسية ، والإرهاب والنهب والانتهاكات الجسيمة الاجتماعية المترتبة علي مآلات نشر الثورة الجنسية والدعارة الفاعلة والبصرية والسيطرة الصامتة لرأس المال والعبودية الإقتصادية فجميع هذه الأفكار لم ولن تكون علم ولا ثقافة بل هي انحرافات الجهل علي العلم.
فالمثقف من يأبى كل هذا ويربأ بنفسه من الانخراط بين المنظمات الهدامة والتدهور الوجود للانسان.
ورحم الله الشيخ محمد البشير الإبراهيمي الذي قال :” أن بيع القلم واللسان أقبح من بيع الجندي لسلاحه “.
ومحمد البشير الإبراهيمي (1889-1965 م) من أعلام الفكر والأدب في العالم العربي، ومن العلماء العاملين في الجزائر. هو رفيق النضال للشيخ عبد الحميد ابن باديس في قيادة الحركة الإصلاحية الجزائرية، ونائبه، ثم خليفته في رئاسة جمعية العلماء المسلمين، وكاتب تبنى أفكار تحرير الشعوب العربية من الاستعمار، وتحرير العقول من الجهل والخرافات.
محمد السيد راشد موسى
كاتب وباحث