الممتحنة وحجر الفتنة
بقلم / إيمان أبوالليل
تنتشر الفتنة كالنار في الهشيم، خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، وأخطر فتنة تجد رواجا كبيرا، هي فتنة الفتوى من غير المتخصصين، لتأجيج شرارة البغض بين الناس، سواء كان من شرائع مختلفة، أو من نفس الدين، لكنه يتبع مذهبا مختلفا، بحجة الولاء والبراء.
فأتت سورة الممتحنة لتدحض جهل تلك الفتن الحارقة للأوطان، قال الله تعالى:
“لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ” (8)الممتحنة.
نتعلم من هذا، أنه لا مانع أبدا من بر هؤلاء ماداموا ملتزمين بحق المواطنة، بل ونهاديهم وتقبل هديتهم لنا، ولا يتنافى هذا مع الولاء والبراء.
وأما من يحاربك في الدين فلا ولاء ولا براء له، ويعامل معاملة المحارب لا المواطن، ولكن بيد المسؤول وولي الأمر، وإلا ستكون الفوضى.
قال الله سبحانه وتعالى:
﴿ إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ ﴾ الممتحنة: 9
ضرورة التفرقة بين المواطن وبين المحارب
إذا لابد من التفرقة بين المواطن وبين المحارب، وهؤلاء هم من بدأت سورة الممتحنة بهم، حيث قال الله تعالى:
” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ ” الممتحنة:1
وهؤلاء هم الأعداء المتربصين، لهذا أكد الله على العدل في الحكم، حيث قال”إن الله يحب المقسطين”.
وهناك قصة تدل على قسط ورحمة الإسلام، حيث أتت أم السيدة أسماء بهدية لابنتها، لكنها رفضت حتى أمرها النبي صلى الله عليه وسلم بقبول الهدية وبرها، ونزلت آية الممتحنة
وهنا تكون الحكمة، وذكاء الدعوة ربما يفتح الله عليهم بالهداية
” عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ “الممتحنة: 7
فقه الواقع
هذا هو الإسلام، دين يراعي فقه الواقع، وكما فعل رسول الله مع من خانه ووشى به وبالمسلمين أثناء ذهابهم لمكة يوم صلح الحديبية.
وعلم النبي أن هناك من أرسل رسالة لقريش يخبرهم بغزو النبي لهم، ومع أنها الخيانة العظمى للنبي، إلا أن النبي استخدم فقه الواقع والحالة النفسية للخائن، حيث قال للنبي أنه لا سند ولا أهل له في مكة، وكان يخشى على أبنائه من بطش قريش، فأراد الحماية لهم. وتأكد النبي من صدقه وراعى خوفه على أبنائه.
الإسلام دين رحمة ومحبة
الإسلام دين رحمة ومحبة لا دين استعباد وقهر، لهذا كانت سورة الممتحنة درسا نتعلم منها كيف نفتت حجر الفتنة التي تدمر الأوطان وتكشف جهل كل من تسول له نفسه بإشعال الفتن بالكره والبغض بين الناس.
“وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَٰكِن يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ” النحل93
حكمة الله في عباده، وإن أجرأكم على الفتوى، أجرأكم على النار، لهذا اتركوا أمر الفتوى للعلماء العدول الثقة.
إيمان حسن أبو الليل
كاتبة صحفية وعضو اتحاد كتاب مصر