المنصات تصنع نجوما من التافهين
بقلم / معتز ابراهيم عقل
منصات التواصل والاجتماعي صنعت نجوما من التافهين. فكلما كنت أكثر تفاهة وتبذلا حصدت عددا لا حدود له من المتابعين والمشاهدات.
لقد أصبح نظر فئات كثيرة من أفراد المجتمع إلى المؤثرين على أنهم مجرد أرقام، وصار قياس مستوى النجاح المتحقق بعدد المشاهدات أو المتابعين، فليس مطلوبا أن تقدم محتوى مفيدا، بل على العكس تماما، فكلما كان المحتوى الذي تقدمه مبتذلا وهابطا، كان أدعى لكسب المشاهدات والمتابعين والجمهور لزيادة المشاهدات وصناعة متابعين من اللاشيء.
وهذا الجمهور سيصنع لصاحبه المعجزات، فالوصفة السحرية أن يفعل أي شيء غريب، وفي النهاية سيجتمع حوله عدد لا بأس به من الجماهير، وعندها يمكنه أن يتصرف ويتفاعل كما يشاء فهذه الزاوية هي التي تكشف لنا سر السباق المحموم الذي يتسارع فية التافهون نحو التصرفات الغريبة وتعمد إثارة الجدل .
فلم تعد للشهادات ولا للخبرات قيمة تذكر، فليس المهم قيمة ما تقدمه، بل كيف تبدو وتظهر، ولذا تجد أن مشاهير الميديا أصبحوا يفهمون في كل شيء تقريبا، ولهم رأي في كل شاردة وواردة، وفي كل حدث قائم، رغم أن أكثرهم لا يملك الأهلية للحديث عن أصغر المواضيع، ومن الشواهد على ذلك خروج البعض منهم علينا خلال صحف كبري وسقطات صحفيه بعمل بث مباشر مع شخص يبيع سوبيا او يعمل كفته وكوارع .اين هو الخبر الصحفي اذا. انه فراغ صحفي وفكري.
لقد أثر الابتذال المشاهد في وسائل التواصل على قناعتنا وثقافتنا وصرنا نسهم بشكل أو آخر في تعميق تغلغل التافهين في حياتنا عبر مشاهدتهم ومتابعتهم. وللأسف أصبح أبناؤنا يتسابقون لمجاراة ما يتم عرضه عبر هذه الوسائل، بقصد الوصول للشهرة والثراء السريع، وكثر الساقطون في هذا الوحل دون بلوغ المقصد، ونحرت الفضيلة وانزوى الحياء وتم التخلي عن مبادئ الدين والتربية والعادات الاجتماعية الفاضلة، وأصبحت الغاية تبرر الوسيلة مهما كلف الأمر ومهما بلغ قدر التنازل.
إننا في أمس الحاجة إلى تبني وتشجيع ودعم المحتويات الهادفة والمساهمة في نشرها، لتزاحم هذا الزخم المتدني من المشاركات، كما أننا بحاجة إلى أن نتوقف عن دعم التافهين عن طريق عدم تناقل مشاهدهم وعدم متابعتهم لتقليل هذا الزخم الطاغي من المحتويات الهابطة ولإبعاد أصحابها عن المشهد الثقافي والاجتماعي.