المولد النبوي.. ميلاد النور وصرخة الرحمة

بقلم : عبير عبد السلام الحجار
حينما يُذكر الثاني عشر من ربيع الأول، لا يُسجل التاريخ مجرد يوم ميلاد رجل، بل ميلاد أمة وبداية عهد جديد للبشرية. ففي هذا اليوم المبارك، وُلد محمد بن عبد الله ﷺ، ليكون رحمة للعالمين، وليكسر قيود الجهل والظلم، ويزرع قيم العدل والتسامح والحرية في قلب الإنسانية.
المولد النبوي ليس احتفالاً عابراً بالذكرى، بل هو وقفة مع النفس أمام سيرة أعظم إنسان قاد البشرية من ظلام الشرك إلى نور التوحيد، ومن فوضى القبيلة إلى حضارة القانون والعدل.
اليوم، ونحن نُحيي ذكرى المولد، لا نحتفل فقط بمولد قائد عظيم، بل نُجدّد العهد مع رسالته: رسالة الرحمة التي نحن بأمسّ الحاجة إليها في زمن تتكاثر فيه الصراعات وتزداد فيه قسوة القلوب.
فالمولد النبوي دعوة متجددة لنشر السلام الداخلي والخارجي، وإحياء القيم النبوية في حياتنا اليومية؛ الصدق في القول، الأمانة في العمل، والعدل في المواقف.
إن الاحتفاء الحقيقي بالمولد لا يكون بالزينة وحدها، ولا بالمظاهر الشكلية، بل بأن يتحول حب النبي ﷺ إلى سلوك حيّ، ينعكس في أخلاقنا ومعاملاتنا، في بيوتنا وطرقنا ومؤسساتنا.
لقد قال ﷺ: “إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق”، فلتكن ذكرى مولده دعوة صادقة لأن نكون امتداداً لهذه الرسالة الخالدة.
وفي ذكرى المولد النبوي، لا تسأل نفسك: كيف أحتفل؟ بل اسأل: كيف أقتدي؟
هل سيكون يومي مليئاً بالرحمة كما كان يومه ﷺ؟ هل سأختار الصدق على الكذب، والعفو على الانتقام، والتواضع على الكِبر؟
المولد النبوي فرصة لإحياء قلبك، لتجديد عهدك مع الله، ولتجعل من سيرة النبي ﷺ منهجاً حيّاً، لا مجرد قصة تُروى.
فاجعل كل يوم في حياتك احتفالاً بمولده، حين تعيش كما أراد لك أن تعيش: إنساناً يضيء بالنور وسط الظلام
عبير عبد السلام الحجار
كاتبة صحفية وإعلامية