الموهبة

بقلم / الفنان أمير وهيب
” الموهبة ” نوعين ، نوع يظهر من تلقاء نفسه وسوف أطلق عليها ” موهبة ذاتية ” ، ونوع يتم اكتشافه وسوف أطلق عليها ” موهبة مكتسبة ” ، و الموهبة تعني ” حالة إبداع ” يقوم الشخص صاحب الموهبة بعمل ما بدرجة جودة دون تعليم.
و المصادفة ان العمل و العلم مكتوبين بنفس الحروف و الأثنين يعتمدان بالدرجة الأولى على الموهبة و التعليم.
لذلك يقال الموهبة يصقلها العلم و انا اقول الموهبة يثقلها العلم.
و الموهبة هي ايضا ” فكر ” ، و في حالة ” الموهبة الذاتية ” توقيت ظهورها غير محدد و يمكن ان يكون في سن طفولة مبكر جدا و دون شعور ، و احيانا بناء عن اختيار و رغبة و قرار من صاحب الموهبة على تحويل هذه الموهبة و هذا الفكر إلي مادة ملموسة موجودة ، اي تحويلها إلي عمل و إنتاج.
أما في حالة ” الموهبة المكتسبة ” ظهورها يتوقف على قدرات و مهارات هذا الشخص و مدى استعداده و احيانا أخرى بتوجيه من من يرى فيه هذه الموهبة.
و الموهبة تظهر عمليا من خلال ” إنتاج ” ، كما في حالة الرسم و النحت و الشعر و الكتابة ، و موهبة تظهر من خلال ” أداء ” ، كما في الرياضة و التمثيل و الغناء و الرقص ، و موهبة تظهر من خلال ” الإدراك ” ، كما في الدين ( واعظ ) و الطب و المحاسبة ( محاسب ) و التجارة و المحاماة ، و موهبة تظهر من خلال ” التذوق ” ، كما في الإخراج ( سنيما و مسرح و تليفزيون ) ، و الطبخ.
اي ان الموهوبة و الموهوب شخص صاحب موهبة هو موجود في جميع مجالات العمل.
و كما ان الموهبة الذاتية تظهر من تلقاء نفسها و المكتسبة تكتشف عن طريق التعليم و اكتساب المهارات اذن الموهبة مادة أساسية لإتمام اي عمل ، و اي عمل دون موهبة هو ليس عمل إنتاج و لكن هو تنفيذ تعليمات و أوامر لا تعتمد علي قدرات و مهارات.
* و ” الموهبة ” تشبه الشجرة لها جذور و جذع و فروع خارج منها أغصان خارج منها اوراق حتى نصل ل ” المنتج ” النهائي و المعروف ب ” الثمرة “.
هذا منتج طبيعي خالص من صنع الطبيعة حتي الشخص الموهوب نفسه ليس له يد في اختيار هذا المنتج ، ليس له يد في اختيار هذه الثمرة ، هذا هو ما يفكر فيه و يطرحه بشكل طبيعي.
و كما ان هناك شجر يطرح تفاح ، و اخر يطرح ليمون ، و من يطرح جميز ، و من يطرح ثمر غير صالح ان يأكله الانسان ، هذا الثمر و انواعه و ان كان له أولوية انما ليس له أفضلية.
اي ان ليس هناك موهوب ممثل افضل من موهوب طبيب ، و لكن هناك موهوب أكثر شهرة من موهوب آخر و هذا ليس له علاقة بأهمية و أفضلية ، ف الممثل عمر الشريف ليس افضل من الطبيب مجدي يعقوب.
* الدول العظمى ثمار اشجرها متميز ذو إنتاج حلو المذاق رائع المزاج بديع فائق الجودة و الاتقان و لكن قائمة الشجر في الطبيعة عديدة و متنوعة و كل ثمر الشجر له شخصيته و له درجة في أحتياجه و له معجبين و رواد.
* ثمر شجر ما ينتجه الانسان المصري حتى لو يبدو في مقارنة مع ثمر مواطن أوروبي أو امريكي هو اقل جودة انما هذا ليس معناه ان تتنازل عن هذه الثمرة و عن هذه الموهبة.
فكما يحتاج الناس التفاح يحتاج أيضا الفول الحراتي.
* بعض المسؤلين تردد بأن تكلفة الصناعة باهظة في شراء ماكينات و موارد طاقة لتشغيلها و هو كلام صحيح و لكنه كلام حق يراد به باطل.
* الإنتاج الصناعي المشار إليه من المسؤلين في مصر هو إعادة إنتاج منتج اجنبي عن طريق استيراد ماكينة أجنبية و استيراد مواد خام لإنتاج نفس المنتج و هذا معناه ان تخدع نفسك بأنك تنتج ، و هذا هو مكمن الخطأ و استمرار الخطأ.
لأن الإنتاج الحقيقي هو ثمرة موهبتك الطبيعية.
فإذا كانت ثمرة موهبة المصري هي ” الطبلة ” و ليس ” الدرامز ” ، اذن اقول لك و بمنتهى الثقة انتج طبلة و قوم بتسويقها في جميع أنحاء العالم.
و اذا كانت ثمرة موهبة المصري ساندويتش الطعمية و ليس الهامبرجر اذن اقول لك و بمنتهى الثقة انتج طعمية و قوم بتسويقها في جميع أنحاء العالم.
اقول للمصري ، مهما كان نوع و درجة موهبتك و مهما كان نوع و درجة ابداعك ، لا تخجل من موهبتك و لا تخجل من ثمرة إنتاجك ، انتج ما تستطيع إلي الحد الأقصى و لا تعقد مقارنة مع إنتاج غيرك حتى لا تصاب بالإحباط.
ف الطبلة لها دور في الموسيقى و الفول الحراتي له دور في الأكل.
و في عالم المأكولات و الوجبات ، مهما كان شأن الطبق الرئيسي ، الا أنه ، و بكل تأكيد ، لا يمكن الاستغناء عن البهارات.
و لا يمكن أن نتحدى الطبيعة و تستبدل شخصيتك.
انت مصري ، لك مواصفات و شكل و لون و لك شخصية و نوع و درجة موهبة و نوع و مذاق و مزاج لثمر اشجارك ، و بناء على هذه المعطيات انتج ، انتج إلي الحد الاقصى و قم بتصديره.
التاريخ في صفك و العالم منتظر منك الكثير.
ثق في نفسك و ابدع و انتج في جميع المجالات.
لو كان نجيب محفوظ تردد في ان يكتب عن الحارة المصرية و قام بمقارنة مع شوارع أوروبا لما حصل على جائزة نوبل.
و هذا معناه ان ثمرة إنتاجه كان تذوقها رائع و العالم لازال يأكل منها.
و اقول لك و اكرر عن خبرة و معرفة طابور الناس امام محل الفلافل في نيويورك طويل.
موهبتك هي ارضك و إنتاجك هو سلاحك.
لذلك ، و الملاحظة المؤكدة ، ان أي جهة تابعة لدولة عظمى أثناء أي مفاوضات مع اي جهة أخرى تتفوق و تكتسح ، لماذا ؟
لانه يدرك مساحة موهبته و قوة إنتاجه في حين ان الطرف الآخر بلا أرض ( موهبة ) و بلا إنتاج ( سلاح )
أمير وهيب
كاتب وفنان تشكيلي