الهادى إدريس: القوة المشتركة اعترضت على انسحاب الجيش من الفاشر

كتبت : د.هيام الإبس

كشف رئيس الجبهة الثورية، الهادى إدريس، عن موافقة الجيش وقوات الدعم السريع فى وقت سابق من هذا العام على الانسحاب من الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، وهو أمر اعترض عليه قادة الحركات المسلحة المقيمين فى بورتسودان بحجة أن خروج الجيش من المنطقة سيؤدى إلى انفصال دارفور.

وطرحت حركات مسلحة محايدة حيال الحرب الدائرة بين الجيش والدعم السريع ،انسحاب الأطراف المتقاتلة من الفاشر على أن تؤول الإدارة الأمنية للمدينة للأطراف المحايدة بغرض حماية المدنيين فى الفاشر التى تعتبر مركزاً إنسانياً وتجارياً حيوياً فى إقليم دارفور.

وقال الهادي إدريس فى مقابلة مع “سودان تربيون”، إن “قادة الحركات المسلحة الموجودين فى بورتسودان أجهضوا فكرة انسحاب الجيش من مدينة الفاشر كنا تقدمنا بها بعد تلقينا أثناء زيارتنا للفاشر فى يناير الماضى موافقة أولية من الفرقة السادسة مشاة على الانسحاب “.

وأوضح أن الفرقة السادسة مشاة وافقت على الابتعاد عن الفاشر، شريطة أن يكون انسحابها آمناً ،وألا تعترضها قوات الدعم السريع.

وذكر أن قوات الدعم السريع وافقت أيضاً على الانسحاب مشترطة ابتعادها من المدينة بالتزامن مع انسحاب الجيش.

وتابع: “للأسف، أثناء نقاش المقترحات مع الأطراف بطريقة مباشرة وغير مباشرة، وجهت الحركات التى انحازت إلى الجيش قواتها برفض فكرة انسحاب الجيش بذريعة أن خروجه من الفاشر يعنى انفصال دارفور”.

وأشار إلى أن الجيش انسحب من 4 من ولايات فى دارفور، وما تزال هذه الولايات جزءاً من الوطن.

ويتزعم الهادى إدريس حركة تحرير السودان ــ المجلس الانتقالى كما أنه نائب رئيس هيئة قيادة تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم”.

وقال الهادى ، إن قادة الحركات الموجودين فى بورتسودان أجهضوا “فكرة انسحاب الأطراف المتقاتلة من عاصمة شمال دارفور، حيث وجهوا قواتهم بالقتال مع الجيش بل ذهبوا أبعد من ذلك بتوجيه عناصرهم بقتالنا وإخراجنا من الفاشر”.

وكشف عن تعرض قوة تتبع لهم، لهجوم وصفه بالجبان والغادر داخل الفاشر من رفاقهم فى القوة المشتركة، إلا أنه عاد وقال إن قواتهم دافعت عن نفسها حتى تمكنت من مغادرة مقر قيادة القوة المشتركة.

وشكلت حركات دارفور الموقعة على اتفاق السلام قوة مشتركة فى بداية اندلاع الحرب عملت على تأمين حركة المدنيين والقوافل التجارية، قبل أن تغادر حركتا تحرير السودان المجلس الانتقالى فصيل الهادى إدريس وتجمع قوى تحرير قيادة الطاهر حجر القوة المشتركة بعد إعلان زعيم حركة تحرير السودان منىِ أركو مناوى ورئيس العدل والمساواة جبريل إبراهيم الخروج عن الحياد.

وتدافع القوة المشتركة مع الجيش عن الفاشر بصد هجمات قوات الدعم السريع المتكررة، كما أنها تنتشر فى ولايات القضارف ونهر النيل والخرطوم.

واتهم الهادى إدريس الأطراف التى خرجت من الحياد بـ “إجهاض مجهودات عظيمة قاموا بها من أجل تجنيب الفاشر الدمار والخراب الذى تشهده الآن”.

وتابع “كذبوا لأهل الفاشر بأنهم قادرون على هزيمة الدعم السريع وحماية المواطن، ولكن الأيام أثبتت العكس بل موقفهم هذا ساهم فى تدمير المدينة وهى الآن عبارة عن أطلال جراء القصف المدفعى وسلاح الطيران، حيث دُمرت البنى التحتية وفر منها أغلب المواطنين”.

ووصف الأوضاع الإنسانية والأمنية فى مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، بالأسوأ نتيجة لاستمرار القتال العنيف بين أطراف النزاع المختلفة فى المدينة.

صراع أهلى

وحذر رئيس الجبهة الثورية السودانية، الهادى إدريس، من مغبة اندلاع حرب أهلية فى السودان بسبب النشاط الواسع لأطراف النزاع فى استنفار المقاتلين على أساس قبلى.

وقال: “كل الأطراف: الجيش والدعم السريع والحركات التى تقاتل مع القوات المسلحة تستخدم الأطر القبلية فى التجنيد، وهذه مسألة خطيرة، حيث يمكن أن تدخل البلاد فى حرب أهلية واسعة النطاق”.

وتابع: “يصعب السيطرة على هكذا نزاع فى المستقبل، أى أن تتحول الحرب بدلاً من بين أطراف معروفة إلى حرب الكل ضد الكل وهذه مرحلة مخيفة ومقلقة جداً نتمنى أن لا تصل بلادنا إلى هذه المرحلة”.

ممرات آمنة

وكشف إدريس عن طرحهم فى وقت سابق مبادرة لفتح ممرات آمنة من أجل وصول المساعدات الإنسانية للمتضررين من النزاع العسكرى فى الإقليم وإنشاء آلية مدنية محايدة لتوزيع الإغاثة أطلق عليها مسمى “اللجنة المدنية العليا لتوزيع المساعدات الإنسانية”.

وأشار إلى أنهم طالبوا الأمم المتحدة بأن توقع مذكرات تفاهم مع الجماعات المسلحة كل فى مكان سيطرته “الجيش والدعم السريع والحركات”، وبموجب المذكرة تلتزم الأطراف بالحماية فقط، وأن يُترك شأن إيصال المساعدات وتوزيعها وتحديد المحتاجين وأولوياتهم إلى اللجنة المدنية وبالتعاون مع وكالات ومنظمات الإغاثة.

وأوضح أن مقترح إيصال المساعدات الإنسانية فشل بسبب استمرار القتال ورفض وتلكؤ الجيش فى فتح المعابر، لكن السبب الأكبر هو خروج بعض الحركات من الحياد وانحيازها للجيش، بالتالى أصبحوا أعداء للدعم السريع التى تسيطر على أغلب دارفور- وفق قوله.

ودعا إدريس إلى ضرورة وقف العدائيات الشاملة فى جميع أنحاء البلاد حتى يتسنى للمنظمات الإنسانية العمل بدون قيود وإنقاذ الملايين من السودانيين من الموت بسبب الجوع.

فشل.. ولكن

وبشأن إعلانهم فى الفترة السابقة عن ترتيبات لتكوين قوة مشتركة جديدة من الأطراف التى ما تزال فى الحياد، قال إدريس: “لم نوفق فى تكوين القوة المشتركة المحايدة لتعقيدات كثيرة، لكننا كحركة مستمرون فى القيام بواجبنا تجاه الإنسان بدليل تنسيقنا مع أطراف كثيرة من أجل إيصال الغذاء والدواء للناس”.

وشدد على أن يدهم ممدودة للعمل مع جميع الأطراف التى اتخذت موقف الحياد “من أجل خدمة الناس الذين حملنا السلاح باسمهم”.

وأوضح أن حركتهم عملت جاهدة لإيصال المساعدات الإنسانية للمتأثرين فى بعض مناطق دارفور عبر تنسيق لجنة الشؤون الإنسانية فى الحركة مع مفوضية الإغاثة التابعة لقوات الدعم السريع فى محلية الكومة بولاية شمال دارفور.

وأثمر هذا التنسيق وفقاً لحديثه عن وصول عدد من شاحنات الإغاثة محملة بالمواد الغذائية والدوائية خاصة للأطفال فى محليتى كورما وطويلة.

وجدد إدريس دعوته لفرض حظر طيران فى جميع أنحاء السودان ووقف القصف المدفعى موضحاً أن وقف القصف المدفعى لا يأتى إلا من خلال اتفاق وقف عدائيات، وحث أطراف النزاع على ضرورة العودة إلى طاولة المفاوضات بأسرع فرصة ممكنة.

وقال العضو السابق لمجلس السيادة إن عدم شرعية السلطات فى بورتسودان ورفضها لخيار السلام يضع القوى المدنية والسياسية وقوى الثورة أمام مسؤولية تاريخية للتوحد حول ميثاق سياسى جديد.

وأفاد بأن هذا الميثاق يجب أن يستند إلى شرعية توافقية تستمد من ثورة ديسمبر المجيدة ويهدف إلى تحقيق السلام الشامل والمحافظة على وحدة السودان على أن تنبثق من هذا الميثاق حكومة يجب أن تكون قادرة على تمثيل الشعب السودانى وإعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس من العدالة والحرية والمساواة، مع التركيز على إيجاد حلول سياسية شاملة تنهى النزاعات وتؤسس لاستقرار مستدام.