كتبت : د.هيام الإبس
يرجع تاريخها إلى عهد مملكة الفونج
(الوازا).. إيقاعات يترنم بها إنسان النيل الأزرق
أجمل مايميز الثقافة والفنون السودانية التنوع، ويأخذ الفن الشعبى السودانى أشكالاً متعددة، إذ لكل منطقة طابعها الخاص والمميز، والموسيقى السودانية على خصوصيتها، تتنوع فى إيقاعاتها وآلاتها. ومن أروع الفنون الشعبية السودانية موسيقى (الوازا) التى يترنم بها إنسان إقليم النيل الأزرق الذى يقع فى الجنوب الشرقى للبلاد.
موسيقى لكل الافراح
تشكل موسيقى الوازا فى تلك المنطقة حضوراً دائماً فى الأفراح، والمناسبات الرسمية للمسؤولين، وفى الجلسات الافتتاحية للمؤتمرات.
والوازا آلة موسيقية تصنع من قرون الأبقار، وبها ثقوب تساعدها على إصدار أنغام موسيقية رائعة.
فن متوارث
ويرجع تاريخ (الوازا) إلى عهد مملكة الفونج الإسلامية، وهى أول دولة إسلامية تحل محل الممالك النوبية التى تراجع حضورها بعد دخول العرب للسودان.
وقبائل النيل الأزرق التى تعرف بقبائل الفونج لها القدح المُعلٌى فى أن تظل موسيقى الوازا شمس مشرقة فى سماء منطقتهم. ووجود الأطفال ضمن المنظومة التى تعزف على هذه الآلة دليل على حرص أهل المنطقة على توريث هذا الفن الشعبى عبرالعصور والأجيال، ونجد موسيقى الوازا يصفق لأنغامها كل أهل المنطقة، على اختلاف مستوياتهم الثقافية والاقتصادية، ويهتزون طرباً عند سماعها، لأنها تلامس مشاعرهم المتدفقة.
وسيلة تنادى جماهيرى
وتستخدم موسيقى الوازا وسيلة للإعلام الجماهيرى، إذ إنها أداة للتنادى القومى، إذا أراد زعيم القبيلة دعوة أهله إلى أمر ما، فضلاً عن استخدامها فى أيام الحصاد ؛ وتستخدم أيضاً كضرب النحاس فى بعض مناطق السودان للتعبير عن شيء ما حدث أو قد يحدث، وهى آلة الرقص فى الأفراح، مثلها مثل: الكرنج لمناطق جبال النوبة، والمردوم فى كردفان، والطمبور فى الشمال، أى هى آلة موسيقية لإيقاع قومى محلى لمنطقة النيل الأزرق بقبائلها المختلفة (الفونج والانقسنا)؛ وموسيقى الوازا كغيرها من الفنون الأفريقية الجميلة حظيت باهتمام واسع من جانب هواة هذه الفنون من الغربيين الذين لم يخفوا إعجابهم بها، فمنهم من يشد الرحال إلى النيل الأزرق، لسبر أغوارها، ومعرفة تاريخها ، وفك طلاسم علاقاتها ببعض الفنون الإفريقية المشابهه لها.
ويعتبر إقليم النيل الأزرق من المناطق الغنية بالتراث المصنوع من البيئة المحلية، بحيث تتميز بعدد من الآلات الموسيقية محلية الصنع، والتى تعتبر “آلة الوازا” واحدة من أهم هذه الآلات التى قدمتها الولاية ذات الطابع الثقافى والإثنى المتعدد.