الوحش الساخر.. كيف نحمي أطفال من التنمر ونعالج المُتَنَمر ؟

التنمر ظاهرة اجتماعية تحتاج إلى تكاتف الأسرة والمدرسة والمجتمع لعلاجها
بقلم / الدكتور أيمن البرديني
التنمر من أكثر الظواهر السلوكية والاجتماعية خطورة في المجتمعات الحديثة ، والتي تهدد استقرار المجتمع المدرسي والأسري ، إذ يمتد أثره إلى النواحي النفسية والاجتماعية والسلوكية للمراهقين والأطفال ، ويخلّف آثاراً نفسية عميقة على ضحاياه ويؤثر في بناء شخصية الأطفال والمراهقين ، وقد انتشرت هذه الظاهرة في الآونة الأخيرة بين الطلاب ، سواء في المدارس أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي ، مما جعلها من أبرز القضايا التربوية والاجتماعية التي تستحق البحث والدراسة .
الأصل اللغوي لمصطلح التنمر :
مصطلح “تنمر” في اللغة العربية مشتق من الجذر الثلاثي “ن م ر” الذي يدل على الفتك أو القوة أو التسلط ، وكلمة “نَمَرَ” في العربية القديمة كانت تعني تصفّح الشدة والاعتداء أو فرض القوة ، ويُقال تنمّر الشخص أي أصبح شديد العدوانية ، أو أظهر سلوكًا عدوانيًا تجاه الآخرين ، وهذا الاشتقاق يعكس جوهر الظاهرة التي تتسم بالقسوة والرغبة في السيطرة والتسلط والإيذاء .
وجاء الاستخدام العربي المعاصر لكلمة “تنمر” كترجمة أو كتعريب للمصطلح الإنجليزي “Bullying” ، المشتق من الكلمة الإنجليزية ““Bully التي تعني الشخص المعتدي أو المتسلّط ، لكنه اكتسب بعد ذلك معنى محدداً في التربية وعلم النفس ، ليشير إلى الإساءة المتكررة التي يمارسها شخص قوي على شخص أضعف بهدف الإيذاء الجسدي أو النفسي أو الاجتماعي ، تلك الإساءة المقصودة بين الأطفال أو المراهقين ، سواء في المدارس أو على الإنترنت من الناحية الدلالية .
التعريف العلمي للتنمر “Bullying” :
يُعرّف التنمر علمياً بأنه سلوك عدواني متكرر يقوم به فرد أو مجموعة تجاه فرد آخر أضعف أو أقل قدرة على الدفاع عن نفسه ، بغرض إلحاق الأذى الجسدي أو النفسي أو الاجتماعي أو العاطفي به ، ويحدث غالباً في البيئات التعليمية أو المجتمعية التي تفتقر إلى الرقابة والتعاطف ويُعد التنمر أحد أشكال العنف النفسي والاجتماعي الذي قد يؤدي إلى آثار طويلة الأمد على الضحية مثل القلق والاكتئاب وانخفاض تقدير الذات .
ويتميز التنمر بعدة سمات رئيسية أهمها :
- الإرادة المتعمدة لإيذاء الآخر ، سواء جسدياً أو لفظياً أو نفسياً .
- التكرار المستمر وليس مجرد حادثة واحدة .
- عدم تكافؤ القوة بين المتنمر والضحية ، سواء كانت قوة جسدية أو اجتماعية أو معنوية .
- أثر سلبي طويل المدى على الضحية ، قد يظهر في صعوبات نفسية ، اجتماعية ، تعليمية ، أو حتى جسدية .
أنواع التنمر :
- التنمر الجسدي : ضرب ، دفع ، تكسير أغراض .
- التنمر اللفظي : شتائم ، تهديدات ، سخرية ، إهانة ،استهزاء .
- التنمر الاجتماعي / العاطفي : عزلة ، ، نبذ ، استبعاد الآخرين ، نشر الشائعات .
- التنمر الإلكتروني (Cyber bullying): استخدام الإنترنت أو وسائل التواصل لإيذاء الآخرين .
أسباب التنمر :
تتنوع أسباب التنمر بين العوامل النفسية والاجتماعية والتربوية ، ومن أبرزها:
- الإهمال العاطفي أو التعرض للعنف داخل الأسرة في مرحلة الطفولة .
- الغيرة أو الشعور بالنقص عند المتنمر .
- الرغبة في لفت الانتباه أو إثبات الذات
- الرغبة في فرض السيطرة والشعور بالقوة على الآخرين .
- ضعف القيم الدينية والأخلاقية .
- ضعف التنشئة الأسرية ولرقابة الوالدية وغياب القدوة الحسنة .
- ضعف الضوابط المدرسية أو المجتمعية .
- التقليد الأعمى للسلوكيات العدوانية في الإعلام أو البيئة المحيطة .
- التأثر بالبيئة الرقمية ومحتوى العنف في وسائل التواصل الاجتماعي والألعاب الالكترونية .
مشكلات التنمر وآثاره :
- اضطرابات نفسية حادة مثل القلق والاكتئاب .
- انتشار العنف في البيئة المدرسية مما يؤدي إلى فقدان الأمان .
- ضعف العلاقات الاجتماعية بين الطلاب .
- زيادة نسب التسرب الدراسي .
- إمكانية تحوّل الضحية إلى متنمر في المستقبل .
- تأثيرات سلبية على المجتمع مثل غياب روح التعاون والتعاطف .
الآثار النفسية والسلوكية للتنمر :
يترك التنمر آثاراً عميقة على الضحية ، وقد تؤثر هذه الآثار على حياته الحالية والمستقبلية ، سواء على المستوى النفسي أو الاجتماعي أو الأكاديمي ، ومن أبرز هذه الآثار :
- القلق والتوتر والخوف من الآخرين :
يشعر الطفل أو المراهق الذي يتعرض للتنمر بضغط نفسي مستمر ، وقد يظهر عليه الخوف المبالغ منه من الذهاب إلى المدرسة أو مواجهة الآخرين .
- الاكتئاب والحزن المستمر :
التنمر المستمر يؤدي إلى الإحساس بالكآبة والرغبة في البكاء بشكل مستمر وقد يصل إلى الشعور باليأس وفقدان الاهتمام بالأنشطة اليومية ، وقد يصل بعض الضحايا إلى التفكير السلبي تجاه الذات أو حتى الانتحار في الحالات القصوى .
- انخفاض الثقة بالنفس :
يشعر الضحية بالدونية والخوف من التعبير عن رأيه ، ويؤثر ذلك على قدرته على تكوين صداقات جديدة أو المشاركة في الأنشطة الاجتماعية .
- العناد والتمرد
يظهر على الضحايا سلوك رفض الأوامر والتعليمات سواء في المدرسة أو المنزل ، ويكون العناد غالباً وسيلة للتعبير عن الغضب أو فقدان السيطرة على الوضع
- اضطرابات النوم والطعام :
قد يعاني الضحية من الأرق أو الكوابيس المتكررة والأحلام المزعجة ، وبعض الأطفال يتناولون الطعام بإفراط أو يفقدون شهيتهم ، مع وجود صداع مستمر أو مشاكل في المعدة نتيجة التوتر النفسي نتيجة الضغط النفسي الذي يتعرضون له .
- الانعزال الاجتماعي :
يميل الضحايا إلى الانعزال عن الأصدقاء وزملاء الدراسة والعائلة والجنوح إلى الانطواء وتجنب التفاعل الاجتماعي ، كما يصبح لديهم صعوبة في الثقة بالآخرين أو تكوين صداقات أو علاقات صحية .
- السلوك العدواني أو الانتقامي :
يميل الأطفال الذين يتعرضون للتنمر أو يعيشون في بيئة عدوانية إلى التصرف بعنف أو التعبير عن غضبه بإظهار سلوك عدواني تجاه الآخرين كرد فعل دفاعي ، وقد يحاكون سلوك المتنمرين أو يردون بالانتقام ، وهذا يمكن أن يؤدي إلى دوامة من السلوك العدواني المتبادل مما يؤدي إلى ظهور علامات جسدية على الطفل كالكدمات أو الجروح .
- الكذب والمبالغة :
يلجأ الطفل أحيانًا إلى الكذب أو المبالغة في القصص لتجنب العقاب أو لجذب الانتباه .
- السلوكيات الانفعالية :
يعاني الطفل من نوبات الغضب الشديدة ، والبكاء المتكرر، والصراخ عند أي إحباط ويؤدي التوتر الزائد إلى ردود أفعال مبالغ فيها أمام المواقف البسيطة .
- تدني التحصيل الدراسي :
الخوف والتوتر الناتج عن التنمر يعيق التركيز والانتباه في المدرسة ، ويؤدي ذلك إلى انخفاض الأداء الأكاديمي وفقدان الدافعية للتعلم والتهرب من المدرسة وتجنب الأنشطة الطلابية.
علاج الشخص المتعرض للتنمر :
يتضمن العلاج النفسي لضحايا التنمر عدة مراحل، منها :
1- الدعم النفسي وإعادة بناء الثقة بالذات .
2- العلاج السلوكي المعرفي لتصحيح الأفكار السلبية .
3- إشراك الأسرة في العملية العلاجية .
4- توفير بيئة آمنة للضحية في المدرسة أو المجتمع .
الشق القانوني في مشكلة التنمر :
لا تُعد ظاهرة التنمر اليوم مجرد مسألة تربوية أو اجتماعية ، بل جريمة قانونية في العديد من التشريعات الحديثة ، لما تسببه من أذى نفسي وجسدي ومعنوي للأفراد ، وخاصة للأطفال ، وقد أدركت الدول أهمية تجريم هذا السلوك ووضع ضوابط قانونية تحمي الضحايا وتردع المتنمرين .
1- الإطار القانوني العام :
تعتبر القوانين التنمر نوعاً من الإيذاء البدني أو النفسي أو اللفظي ، ويُعامل كجريمة تقع ضد السلامة الجسدية أو الكرامة الإنسانية ، وفي بعض الدول تم ادراج مواد صريحة في قانون العقوبات أو قانون الطفل تجرم أفعال التنمر ، سواء داخل المدرسة أو عبر الإنترنت ، كما يُلزم القانون المدارس والجهات التعليمية بوضع سياسات واضحة لمنع التنمر ومعالجة الحالات التي تظهر .
2-التنمر الإلكتروني :
يعد التنمر الإلكتروني (Cyberbullying) أحد أخطر أشكال التنمر في العصر الحديث ، وفي معظم الدول تفرض قوانين الجرائم الإلكترونية عقوبات مالية وسجناً على من يستخدم الإنترنت أو وسائل التواصل للإساءة أو التشهير أو التهديد ، ويعاقب القانون على نشر صور أو معلومات خاصة للضحايا بقصد الإهانة أو الإساءة .
3- التشريعات العربية :
- في مصر : أُضيفت مادة في قانون العقوبات عام 2021 تُجرم التنمر وتعاقب الجاني بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وغرامة مالية .
- في السعودية : نص نظام مكافحة التحرش على معاقبة كل من يقوم بسلوك يتضمن إساءة أو إيذاء جسدي أو لفظي أو نفسي ، ويمكن أن يُطبق على حالات التنمر .
- في الإمارات : يعاقب قانون الجرائم الإلكترونية كل من يستخدم التقنية للإساءة أو التهديد بالسجن والغرامة .
- في الأردن : يتعامل قانون العقوبات مع التنمر تحت باب “الإيذاء والذم والقدح”، ويُعاقب عليه تبعاً لنتائج الفعل .
4- مسؤولية المدرسة والمجتمع :
تتحمل المدارس والمؤسسات التعليمية مسؤولية قانونية في حماية الطلبة من التنمر ، لذا يجب أن تضع لوائح تأديبية واضحة ، وتبلغ الجهات المختصة عند وقوع أي حادثة تنمر جسيم ، كما يجب أن يحاسب الوالدان قانونياً في حال إهمال تربية الطفل المتنمر أو التقصير في متابعة سلوكه .
دور القانون في الوقاية والعلاج :
لا يهدف القانون فقط إلى العقوبة ، بل أيضًا إلى الوقاية عبر حملات التوعية، وإلزام المؤسسات التعليمية بتدريب العاملين فيها على رصد الظاهرة ، كما تُشجع القوانين على العلاج السلوكي للطفل المتنمر من خلال برامج الإرشاد النفسي والاجتماعي بدلًا من الاقتصار على العقاب ، فالقانون اليوم يلعب دورًا مزدوجًا في مواجهة التنمر:
- ردعي من خلال العقوبات على المتنمرين .
- وقائي وتربوي من خلال نشر الوعي وحماية الضحايا .
فالتنمر لم يعد مجرد “سلوك سيئ”، بل جريمة اجتماعية تستوجب التصدي لها بالتربية والقانون معا .
كيف اعرف اني متنمر ؟
إذا كنت تتساءل عن كيفية معرفة ما إذا كنت تتصرف كمتنمر ، فالأمر يحتاج إلى صراحة مع النفس ومراقبة السلوكيات اليومية ، فالتنمر ليس مجرد فعل جسدي ، بل يشمل السلوك العدواني المتكرر الذي يهدف لإيذاء الآخرين أو السيطرة عليهم ، وإليك أهم العلامات :
- سلوكيات عدوانية متكررة :
- استخدام القوة الجسدية أو التهديد لإجبار الآخرين على القيام بما تريد .
- ضرب ، دفع ، أو تكسير ممتلكات الآخرين بشكل متعمد .
التنمر بين السخرية أو الإهانة :
- السخرية من مظهر شخص ما ، طريقة كلامه ، أو قدراته .
- إطلاق ألقاب مؤذية أو تعليقات مهينة متكررة .
- التحكم والإجبار :
- إجبار الآخرين على أداء مهام أو أفعال لا يرغبون بها .
- استخدام الخوف أو التهديد للحصول على ما تريد .
- التنمر الإلكتروني :
- إرسال رسائل مسيئة أو تهديدات عبر الإنترنت أو وسائل التواصل الاجتماعي .
- نشر صور أو معلومات خاصة لإحراج الآخرين .
- المتعة في إيذاء الآخرين :
- شعور بالرضا أو القوة عند رؤية شخص آخر حزيناً أو محبطًا .
- تجاهل مشاعر الآخرين :
- عدم الاهتمام بما يشعر به الآخرين أو تبرير السلوك العدواني لنفسك .
ماذا تفعل إذا شعرت أنك متنمر ؟
- الاعتراف بالسلوك : الخطوة الأولى هي الاعتراف بما تفعله .
- طلب المساعدة: تحدث مع الأهل، معلم، أو أخصائي نفسي لتغيير السلوك .
- تعلم التعاطف: حاول وضع نفسك مكان الآخرين وفهم مشاعرهم .
- مراقبة ردود أفعالك: قبل التحدث أو التصرف، فكر في تأثير ذلك على الآخرين .
- تطوير مهارات اجتماعية صحية: تعلم طرق حل النزاعات بدون عنف أو إهانة .
هل المتنمر ضحية ؟
في كثير من الحالات المتنمر يمكن أن يكون ضحية أيضاً ، لكن ذلك لا يبرر سلوكه ، في علم النفس غالباً ما يُلاحظ أن الأشخاص الذين يمارسون التنمر لديهم تجارب سابقة من الإيذاء أو الإهمال أو التنمر ، مما يدفعهم للتصرف بعدوانية تجاه الآخرين .
كيف يكون المتنمر ضحية ؟
1- التعرض للتنمر سابقاَ :
كثير من المتنمرين تعرضوا للتنمر في طفولتهم أو مراهقتهم ، سواء في المدرسة أو في الأسرة ، هذا يمكن أن يجعلهم يكررون نفس السلوك مع الآخرين كوسيلة للدفاع عن النفس أو لإظهار القوة .
2- بيئة أسرية أو اجتماعية سلبية :
الأطفال الذين يعيشون في بيئة مليئة بالغضب أو الإهمال أو العنف قد يتعلمون أن العدوان وسيلة للسيطرة أو التعبير عن الغضب .
- ضغوط نفسية أو اجتماعية :
الشعور بالنقص أو الإحباط أو الغيرة قد يدفع بعض الأشخاص لإظهار القوة عبر التنمر ، وأحياناً يكون التنمر محاولة للتكيف مع الضغوط أو الشعور بالقوة في موقف آخر يشعرون فيه بالعجز .
إلا أن كون الشخص متعرضاً للضغوط أو التنمر لا يبرر أن يصبح متنمراً ، والتعامل مع المتنمر يحتاج إلى دمج الدعم النفسي مع تعديل السلوك لتقليل الأذى على الآخرين .
شخصية المتنمر من منظور نظرية التحليل النفسي :
تفسر مدرسة التحليل النفسي لسيجموند فرويد السلوك البشري عبر العقل الواعي “الشعور” واللاواعي “اللاشعور” والصراعات النفسية الداخلية ، خاصة بين الهو (Id) ، الأنا (Ego)، والأنا الأعلى (Superego) ، وتطبيق هذا النموذج على شخصية المتنمر يوضح دوافعه النفسية العميقة :
دور “الهو” (Id) :
يمثل الغرائز والدوافع الأساسية مثل الغضب ، العدوانية ، والرغبة في السيطرة ، والمتنمر غالباً يتصرف بدافع “الهو” ، أي يلبي رغباته العدوانية دون النظر لعواقب أفعاله أو مشاعر الآخرين ، مثل الضرب ، السخرية ، أو التهديد لتحقيق شعور بالقوة أو التفوق :
- دور “الأنا” (Ego) :
يمثل الوعي بالواقع والتفكير العقلاني لضبط غرائز الهو ، وعند المتنمر قد يكون الأنا ضعيفاً أو غير متوازن ، مما يؤدي إلى سلوك عدواني متكرر دون تقدير للعواقب ، والمتنمر أحياناً يبرر سلوكه على أنه مجرد ” دعابة ” أو ” تسلية ” ، لتقليل شعور الذنب .
- دور “الأنا الأعلى ” (Superego) :
يمثل الضمير والقيم الأخلاقية المكتسبة من الأسرة والمجتمع ، والمتنمر غالباً ما يكون أناه الأعلى ضعيفًا أو متأثراً ببيئة غير صحية ، فلا يشعر بالذنب أو التردد عند إيذاء الآخرين ، فنقص الإرشاد الأخلاقي يجعل العدوانية مقبولة بالنسبة له داخلياً .
- الصراعات النفسية في المتنمر :
- صراع الهو والأنا الأعلى : الرغبة في إيذاء الآخرين للتفريغ عن الغضب أو الشعور بالنقص مقابل الغياب أو ضعف الضمير الأخلاقي .
- الصراع بين الهو والأنا : المتنمر قد يختار أحياناً حلولًا سريعة (كالتهديد أو الضرب) بدلاً من ضبط النفس أو استخدام التفكير العقلاني .
- العوامل النفسية المكملة وفق لنظرية التحليل النفسي :
- التجارب الطفولية : تعرض المتنمر لضغط نفسي أو تنمر سابق، مما يعزز النزعات العدوانية .
- الغضب المكبوت : استخدام التنمر كوسيلة لتفريغ الغضب المكبوت داخلياً .
- الحاجة للسيطرة : شعور بالنقص يحفز الرغبة في إثبات القوة عبر الآخرين .
الميكانيزمات الدفاعية التي يستخدمها المتنمر وفقا لنظرية التحليل النفسي لسيجموند فرويد :
وفق نظرية فرويد ، الميكانزمات الدفاعية هي استراتيجيات عقلية لاواعية تستخدمها الأنا لتقليل القلق الناتج عن الصراعات الداخلية بين الهو والأنا الأعلى ، والمتنمر يستخدم هذه الميكانيزمات لتبرير سلوكه العدواني أو تقليل شعور الذنب :
1- الإسقاط (Projection) :
يقوم المتنمر بنقل مشاعره السلبية أو الغضب داخله على الآخرين ، كأن يشعر بالنقص أو الغضب من زميله ، فيهاجمه لفظياً أو جسدياً ، معتبراً أن الآخر هو السبب .
2- الإنكار (Denial) :
ينكر المسؤولية عن الأذى الذي يسببه للآخرين ، كأن يقول المتنمر ” لم أفعل شيئًا سيئاً ” أو ” كان مجرد مزاح ” ، لتجنب الشعور بالذنب .
3- التبرير (Rationalization) :
يقوم بخلق أعذار عقلانية لسلوكه العدواني لتبريره لنفسه وللآخرين ، كأن يقول ” لقد ضحكت عليه لأنه استحق ذلك ” ، أو ” أفعل هذا لكي يعلم كيف يكون قوياً “.
4- الإزاحة (Displacement) :
يقوم بتفريغ مشاعر الغضب أو الإحباط تجاه شخص أضعف أو غير مسؤول بدلاً من مواجهة السبب الحقيقي ، مثل التنمر على زميل أصغر سناً بدل مواجهة الشخص الذي أغضبه حقًاً .
5- التكوين العكسي (Reaction Formation) :
يظهر عكس الشعور الحقيقي كوسيلة للسيطرة على القلق الداخلي ، كأن يظهر المتنمر القوة والشجاعة بينما يشعر بالضعف أو الخوف داخلياً .
6- التهويل أو التضخيم (Overcompensation) :
يحاول تعويض شعور بالنقص أو الفشل عبر إظهار سيطرة وعدوانية مفرطة ، كشخص يشعر بالضعف في المدرسة فيحول نفسه إلى ” زعيم ” داخل المجموعة باستخدام التنمر .
وبناء على منظور نظرية التحليل النفسي ، فالتنمر سلوك يعكس صراعات نفسية داخلية بين الهو ، الأنا ، والأنا الأعلى ، لذلك فعلاج المتنمر وفق هذا النموذج يشمل :
- تعزيز الأنا الأعلى عبر القيم الأخلاقية والتربية لتطوير الشعور بالمسؤولية الأخلاقية تجاه الآخرين .
- تقوية الأنا لضبط الغرائز العدوانية .
- توجيه الهو نحو سلوكيات مقبولة اجتماعياً للتعامل مع الغضب والإحباط بدل العدوان .
علاج الشخص المتنمر :
يهدف العلاج إلى تعديل السلوك العدواني لدى المتنمر عبر :
- جلسات الإرشاد النفسي لفهم دوافع العدوان .
- تدريب على التعاطف وضبط الغضب .
- إشراك الأسرة لمراقبة التغيرات السلوكية .
- تعزيز مهارات التواصل الاجتماعي الإيجابي .
كيف نحمي الأطفال من التنمر :
لحماية الأطفال من التنمر يجب :
- تعزيز ثقة الطفل بنفسه .
- تعليمه كيفية الدفاع عن ذاته بطريقة صحيحة .
- مراقبة سلوك الأقران داخل المدرسة .
- إقامة برامج توعية ضد التنمر .
- تشجيع الأطفال على الإبلاغ عن أي إساءة يتعرضون لها .
في الختام يتضح أن التنمر ليس مجرد سلوك فردي بل هو ظاهرة اجتماعية تحتاج إلى تكاتف الأسرة والمدرسة والمجتمع للحد منها فالتربية على التعاطف ، ونشر الوعي ، وتطبيق القوانين الرادعة ، هي الركائز الأساسية لبناء بيئة إنسانية آمنة خالية من العنف والتنمر .
الدكتور أيمن فرج البرديني
مدير مديرية التضامن الاجتماعي بشمال سيناء،








