الوردُ فتح في القبور والحزن عشش في الصدور .. وماذا بعد؟!

✍️بقلم/محمد أحمد نجم
نترحم على من فقدناهم من أبنائنا وبناتنا ممن وافتهم المنية على ما يُعرف بطريق الموت (الإقليمي سابقًا) خلال الأيام الماضية، ونحتسبهم جميعًا عند الله من الشهداء، ولا نزكي على الله أحدًا. وندعو الله بالشفاء العاجل لكل المصابين الذين لا يزالون يصارعون الألم بين أروقة المستشفيات ودموع الأمهات.
ورودٌ ذبلت قبل أوانها
أرواح صعدت إلى بارئها في عمر الزهور، كالورود التي لم تُمنح فرصة الحياة. شبابٌ سقطوا في طريق لم يرحم، مروية قبورهم بعرق الجبين الذي سال في رحلة بحث شريفة عن لقمة عيش كريمة. كانوا أحلامًا تتحرك على الأرض، وأمنيات تمشي على قدمين، لكنهم رحلوا تاركين خلفهم وجعًا لا يُوصف، ومستقبلًا مُحطمًا في عيون ذويهم.
أحزانٌ تسكن الصدور وصرخات بلا صدى
صدورنا صارت كالأعشاش التي تقطنها الأحزان، وقلوبنا ملاذٌ للجراح والآلام. لكن هل سنظل نرثي اللبن المسكوب ونذرف الدموع؟ أم سيحين الوقت الذي نحمي فيه الإناء قبل أن يُكسر؟ هل آن الأوان لنتحرك لنصنع مستقبلًا أكثر أمانًا لمن بقي؟
ضمائر نائمة.. وواقع يصرخ
هل آن أوان أن تُبعث الضمائر من غفلتها، وأن نكف عن دفن رؤوسنا في الرمال؟
نحن لا نبحث عن كبش فداء نعلّق عليه الفاجعة، بل نطالب بحق مشروع وأصيل:
-
حقنا في حماية فلذات أكبادنا.
-
حقنا في محاسبة من غلّب مصلحته الشخصية على أرواح الناس.
-
حقنا في مساءلة من باع دماءنا بثمن بخس.
لا ننكر الإنجاز.. ولكن نطالب بالمزيد
نُقِرّ، بإنصاف، أن ملف الطرق في وطننا قد شهد طفرة كبيرة ونهضة واضحة. القاصي والداني يشهد بالتطوير والإنجاز، ولا ينكر ذلك إلا جاحد. ولكن هذا لا يُعفينا من واجبنا في الاستمرار، في التنظيم، في الرقابة، وفي إحكام نقاط الخلل. فالإنجاز لا يُلغي الألم، والتطوير لا يعني نهاية الخطر.
كلماتنا لن تعيد الراحلين.. ولكنها أمانة
أعلم أن كلماتي هذه لن تعيد من فقدناهم، لكن عزاؤنا أننا نحسن الظن بالله، وندعو أن تكون رحالهم قد استقرت في الجنة، وأنهم سبقونا إلى الفردوس الأعلى. عزاؤنا الوحيد أن نُحافظ على من بقي، وألا نُسلّم أرواح أبنائنا لطريقٍ لا يعرف الرحمة.