بالصور ..بهجة المولد النبوي الشريف تكسر هموم الحرب في السودان

أنوار الاحتفالات تضيء ظلام المعارك وتمنح السودانيين بارقة أمل
✍️ كتبت: د. هيام الإبس
رغم أزيز الرصاص وصوت المدافع في السودان، يصرّ السودانيون على الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، في مشهد إنساني وديني يعكس تمسكهم بالحياة وسط الحرب. فبينما تتأجج المعارك في أطراف المدن، تضيء الساحات الداخلية بأنوار المولد، وتعلو المدائح النبوية، وتنتشر رائحة البخور، لتؤكد أن الروح السودانية لا تزال تنبض بالأمل والفرح.
عادات متجذرة في الوجدان السوداني
يرتبط الاحتفال بالمولد النبوي الشريف في السودان بالطرق الصوفية الكبرى مثل الختمية والقادرية والسمانية والتيجانية، وتبدأ الفعاليات قبل أسبوعين من الثاني عشر من ربيع الأول، وتبلغ ذروتها في ليلة العطلة الرسمية.
تتميز الموالد السودانية بطابعها الفريد، حيث تمتزج حلقات الذكر والإنشاد الديني بالأجواء الشعبية المبهجة، وتزين الساحات بالمصابيح الملونة، والأعلام، وحلوى المولد مثل السمسمية والفولية، إلى جانب “حصان المولد” و”عروس السكر” التي يتسابق الأطفال لاقتنائها.
احتفالات رغم النزوح والمعارك
ورغم النزوح الكبير والمعارك المستمرة، شهدت مدن سودانية مختلفة احتفالات بالمولد، أبرزها ميدان الخليفة بأم درمان، الذي استعاد “زفة المولد” بزخم أقل من المعتاد، لكنه حمل رمزية قوية على عودة الحياة.
يقول الدكتور عبد المحمود أبو، الأمين العام لهيئة شؤون الأنصار، إن الاحتفال بالمولد عاد بعد توقف دام عامين بسبب الحرب، مؤكداً أن هذه الطقوس تمثل جزءاً من الحياة العامة التي لا يمكن التخلي عنها.
خصوصية المولد في السودان
يؤكد الشيخ الأمين، أحد أبرز شيوخ الطرق الصوفية، أن السودانيين يتميزون بمحبتهم العميقة لرسول الله ﷺ، وتظهر هذه المحبة في حلقات المديح والسيرة النبوية التي تُعقد في الأحياء والساحات، بمشاركة الأطفال والنساء والشباب، ما يمنح الأجواء روحانية خاصة ويعكس ارتباط المجتمع السوداني بالذكرى النبوية المباركة.
المولد كرمز للمقاومة والصمود
يرى الباحث الاجتماعي الطيب محمد الحسن أن إصرار السودانيين على الاحتفال بالمولد في قلب الحرب يتجاوز كونه طقساً دينياً، بل هو “آلية مقاومة رمزية”، حيث يحتمي المجتمع بطقوسه ويؤكد وحدته في مواجهة الانقسام.
ويضيف أن المولد يمثل فضاءً اجتماعياً واقتصادياً يلتقي فيه الجميع، من شيوخ الطرق إلى الباعة الصغار، ومن النساء والأطفال إلى الشباب، ليصبح مساحة جامعة تختصر معنى الصمود الشعبي.
بارقة أمل وسط العتمة
في أم درمان، تعانقت الزغاريد مع ترانيم الدراويش، لتشكل لوحة متناقضة بين أصوات الحرب في الخارج وأهازيج الفرح في الداخل.
ورغم ضيق الأحوال، يرى كثيرون أن عودة الموالد إلى الساحات تمثل “بارقة ضوء” وسط العتمة، ودليلاً على أن السودانيين، مهما اشتدت محنهم، لا يزالون قادرين على التشبث بالحياة وانتظار فجر السلام.