كتب – محمد السيد راشد
رصدت وحدة التحقّق والتحقيقات من المصادر المفتوحة في التلفزيون “العربي” شبكة عربية مكوّنة من شخصيات تتبنى رواية الاحتلال، وتروّج لخطابه قبل وأثناء العدوان على غزة.
وبالبحث المعمّق عن خلفيات هذه الشخصيات، تبيّن أن لها نشاطات مدعومة بشكل مباشر من سلطات الاحتلال.
ويُعد كل من فاطمة الحربي، وروان عثمان، ويوسف الأزهري شخصيات عربية ظهرت في مقابلة لموقع Daily Wire الأميركي، على أنّها تعبير عن ردّة فعل العرب على أحداث السابع من أكتوبر/ تشرين الأول.
وتضمنت تصريحات هؤلاء تضامنًا وانحيازًا واضحًا للاحتلال، وشجبًا للمقاومة مع تصويرها كقوى إرهابيّة تشبه تنظيم الدولة.
تلك الآراء المستغربة دفعت “العربي” للبحث عن الهوية الحقيقية لتلك الشخصيات، اعتمادًا على فريق التحقّق من خلال المصادر المفتوحة في التلفزيون.
فاطمة الحربي
ظهر بالبحث أن فاطمة حسن الحربي وهي كاتبة بحرينية، من بين أبرز الشخصيات المطبّعة في البحرين، وكانت من أوائل من أحيا ذكرى المحرقة النازيّة (الهولوكوست) في الخليج العربي.
كما كانت ضمن الوفد الخليجي إلى إسرائيل خلال اتفاقيات التطبيع في سبتمبر/ أيلول من عام 2020، التي عُرفت باتفاقيات أبراهام.
وظهرت الحربي أيضًا في مقابلة على قناة “كان” الإسرائيلية عام 2021، خلال قدومها إلى الأراضي المحتلّة للمرّة الثانية، رفقة وفد من البحرين.
روان غابرييل عثمان
بدورها، تعد روان غابرييل عثمان ناشطة وكاتبة لبنانية سورية، لكنّها تعرّف نفسها
بشكل واضح على مواقع التواصل الاجتماعي، على أنّها “صهيونيّة”.
هي كاتبة في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأوسط، وصاحبة كتاب “الإسرائيليّون أعداء أم أصدقاء؟”، وكاتبة عمود في موقع “The Times of Israel”.
كما أنّها عضو المجلس العربي للتكامل الإقليمي، وصاحبة برنامج “كلّنا للحوار من أجل التغيير”، الذي يروّج إلى أنّ وجود إسرائيل في المنطقة ليس سبب أزمات الدول المجاورة.
ولا تخفي روان غابرييل عثمان في تصريحاتها تضامنها الكامل مع الاحتلال الإسرائيلي، باعتبار أنّ القضيّة الفلسطينية لا تهمّها.
يوسف الأزهري
أما الشخص الثالث المشارك في المقابلة فهو المغربي يوسف الأزهري، الذي زار إسرائيل في مايو/ أيار 2022، وظهر إلى جانب سفير أميركا السابق لدى إسرائيل دانيال شابيرو.
كما التقى رئيس بعثة إسرائيل للمغرب وسفيرها السابق لدى نيروبي إيال ديفيد.
وبالبحث حول هذه الشخصيات، توقّف تحقيق “العربي” عند رابط مشترك بينهم، وهو منظّمة Sharaka، حيث أنّ فاطمة الحربي تشغل منصب نائب رئيس هذه المنظمة في البحرين، ويوسف الأزهري ممثّلها في المغرب، كما أنّ روان عثمان عضو في المنظمة أيضًا.
فما هي منظمة شراكة
بحسب موقعها الرسمي، تعرّف منظمة شراكة نفسها بمنظمة شعبية تتطلّع إلى تعزيز الروابط بين إسرائيل والعالم العربي.
لهذه المنظمة ممثلون في عدة دول حول العالم، منها دول عربية على غرار الإمارات والبحرين والمغرب.
وتضمّ بين أعضائها أسماء ناطقة بالعربية تتبنى الرواية الإسرائيلية كيحيى محاميد، الذي سبق أن رصدت وحدة التحقّق والتحقيقات من المصادر المفتوحة في التلفزيون العربي نشاطه السياسي في تحقيق سابق.
إلى ذلك، تحظى منظّمة “شراكة” باهتمام سياسي كبير في إسرائيل، حيث روّج لها رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو على حسابه الرسمي. وتلقى أعضاؤها تهنئة من قبل وزير الخارجية الإسرائيلي السابق غابي أشكنازي عقب انطلاقها.
وفي البحث أكثر في تفاصيل هرم منظّمة شراكة، ظهر على رأسها الإسرائيلي أميت درعي، الذي يشغل منصب رئيس مجلس إدارتها، إلى جانب كونه شريكًا مؤسّسًا لها، بينما يتولى الكاتب الأميركي دان فيفرمان ذو الأصول الإسرائيلية منصب المدير التنفيذي. وهما يشتركان أيضًا في كونهما ضابطين سابقين في جيش الاحتلال الإسرائيلي.
خدم درعي لمدّة 10 سنوات في جيش الاحتلال، كما أنّه مؤسّس ومشترك في عدّة منظمات ومبادرات تهدف في مجملها إلى
الترويج للخطاب الإسرائيلي الصهيوني، كأكاديمية القيادة الاجتماعية ومنظمة الاحتياطيين في الخدمة، التي أنشأت برنامج “مجموعة الأقليات” الذي يستهدف الأقليات، ليروّج بينهم الرواية والتوجهات الإسرائيلية وينفي نظام الفصل العنصري.
كما يظهر من جديد اسم أحد أبرز المروّجين للدعاية الصهيونية باللغة العربية، وهو اسم جلنار مودي، التي سبق أن رصد “العربي” نشاطها السياسي.
ورصد التحقيق أيضًا بعض الأسماء البارزة ضمن أعضاء منظمة شراكة، كلورينا الخطيب، الموظّفة في وزارة الخارجية الإسرائيلية، والتي تظهر في عدة مناسبات للترويج لأهمية عملها في العالم العربي، واتفاقيات السلام.
وتكشف هذه الشخصيات عن شبكة مترابطة يجمعها النشاط الترويجي الداعم لإسرائيل، حتى أنّ عملها لم يتوقف عند الترويج للتطبيع فحسب، بل أصبحت الصدى الإعلامي للدعاية الصهيونية بما يتعلق بالحرب الإسرائيلية على غزة.
وقد تطابقت النتائج التي توصّل إليها تحقيق “العربي” بشكل واضح مع الرؤية والتوجه السياسي لداعمي وشركاء منظمة شراكة، على رأسهم معهد السلام الأميركي Abraham Accords وكذلك مجموعة Abraham Accords البريطانية، وهي المؤسسات التي كان لها الدور الأكبر في تجسد مفهوم التطبيع بين إسرائيل والإمارات والبحرين.