بقلم / مدبولي عتمان
أحسنت النيابة العامة المصرية بتوجيه رسالة إلى المجتمع تهيب فيها بنشر روح الأمل في نفوس الشباب بعد استشعارها الخطر على الشباب عقب تحقيقاتها في واقعتي انتحار شابين يوم الإثنين الماضي. . موت شاب قفز من أعلى برج القاهرة، وانتحار شاب آخر إثر سقوطه حال قيادته سيارة من أعلى كوبري جامعة المنصورة.
وأهابت النيابة العامة بالكافة نشر روح الأمل تلك بشتى الوسائل في نفوس شبابنا، وقالت : “اجعلوها نداءً دائمًا لهم بأن الفشلَ أولُ طريقِ النجاح، وأن البلاءَ مفتاحُ الفرج” .
وتكتسب دعوة النيابة العامة أهمية في ظل تزايد نسب الانتحار بشكل عام وبين الشباب بشكل خاص . حيث تشير إحصائيات المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية أن إجمالى عدد حالات الانتحار يبلغ 2584 حالة عام 2021. ووردت الاحصائية في حلقة نقاشية حول “مشكلة الانتحار في المجتمع المصرى الأبعاد وآليات الوقاية” عقدها المركز في يناير العام الحالي 2022 .
ويقول العلماء أن حل أي مشكلة يبدأ بالإعتراف بوجودها . وقد أكدت النيابة العامة التي تمثل المجتمع وجود المشكلة حيث ورد في بيانها النص التالي : “بمناسبة هاتين الواقعتين ( انتحار شابين ) وما استشعرته النيابة العامة منهما من خطرٍ مُحدقٍ بالشباب لإقدام بعضهم على الانتحار في هذه السنِّ الصغيرة يأسًا من ضائقة مادية أو خلافات عائلية، فإنها تناديهم من واقع الأمانة التي تتحملها وتمثيلها المجتمع : “يا أيُّها الشبابُ لا تنخدعوا بمكر الشيطان بكم، وإيَّاكم والاستهانةَ بحياتكم أو استرخاصها بصورة قليلة العلم، عظيمة الذنب والجُرم عند ربِّكم، إيَّاكم أن تنهوا حياتكم بسبب فشلٍ أصابكم أو ضائقة حتمًا ستمُرّ…”.
وتقول الباحثة مها دحام معاون رئيس قسم القانون في جامعة الرفاق للعلوم التطبيقية والإنسانية في ليبيا في دراسة منشورة في موقع سطورأن التفاؤل عبارة عن: “موقف عقلي يتخذه الإنسان، وهو يؤثر على الصحة الجسدية والعقلية له، فضلًا عن أنه وسيلة يتمكن من خلال هذا الإنسان على التكيف مع واقع الحياة اليومية، كما وتمنحه الطاقة الإيجابية لمواجهة المشاكل والتحديات التي تواجهه”.
ونشر روح الأمل والتفاؤل ضروري لمواجهة تحديات الحاضر وصنع المستقبل . وقالت مها دحام في دراستها : ” الشعور بالتفاؤل والأمل يمنحان الإنسان الشعور بالسعادة والرضى،بل ويدفعه إلى العمل الدؤوب في أقصى الظروف وأصعبها، كما وينعكس هذا الشعور على تصرفاته في محيطه وفي علاقته بالآخرين، فنرى الشخص المتفائل أكثر الأشخاص المقبلين على الحياة، والمبادرين إلى تقديم يد العون والمساعدة لمن يحتاجها، فتشيع حالة من التكافل الاجتماعي في المجتمع بأسره “.
ونشر روح التفاؤل والأمل بين أفراد المجتمع والشباب بشكل خاص باعتبارهم عماد المجتمعات لن يتحقق بنشر البيانات والخطب البلاغية ، أو بتوجيه النصائح والارشادات الكلامية ، أو بنشر رسائل يومية تدعو للتفاؤل عبر مواقع التواصل الإجتماعي وفي القنوات الفضائية . كل ذلك مطلوب لكنه لا يكفي .
نحن في أمس الحاجة لإتخاذ بعض الإجراءات العملية من المؤكد ستحقق تاثيرا إيجابيا سريعا تساهم في نشر روح الأمل والتفاول لدى الشباب وفي مقدمتها توفير فرص عمل مناسبة للمؤهلات العلمية للخريجين ويكون التقدم لشغلها وفق معايير موضوعية أولها الكفاءة ، والشفافية في الإختيار بعيدا عن الوساطة والمحسوبية أو الرشوة .
ومن الضروري المبادرة بتنظيم هيكل الأجور بحيث يكون هناك أجر موحد للمهن والوظائف يسري في كل المصالح والهيئات والمؤسسات والشركات الحكومية والقطاع الخاص كما يحدث في كل دول العالم المتقدمة .مثلا المحاسب له اجر محدد يحصل عليه شهريا سواء كان يعمل في مجلس قرية او شركة بترول وهكذا المهندس والطبيب والمحامي والمعلم .. الخ ، ولا مانع ان يوجد بعض الفوارق البسيطة في المرتبات حسب كل جهة . بدلا من الفوضى الموجوده حاليا حيث عامل في شركة بترول يتقاضى راتب شهري أعلى من أستاذ الجامعة . بحيث نرى على أرض الواقع تطبيق عملي لمبدأ تكافؤ الفرص .
وثانيا توفير سكن مناسب للشباب ويكون من حق كل شاب بلغ من العمر 25 عاما الحصول على شقة بدون مقدم وبقسط شهري لا يزيد عن ربع دخله .
وعندما يحصل الشاب على عمل مناسب مجزي وعلى سكن يأويه فانه سيسعى لتكوين أسرة فيجتهد لرعايتها ونزيد لديه روح الولاء والانتماء لبلده بدلا من التفكير للسفر في الخارج الذي يراود غالبية الشباب المصري حاليا وتغذيه جهات معادية تخطط لتفريغ مصر من عدتها وعتادها .
وثالثا وهو الأهم تفعيل القانون في كافة بقاع المجتمع وفي كل قطاعاته على أن يتساوى الجميع أمام القانون .
وهناك إجراءات أخرى يجب الشروع في تنفيذها وان كان مردودها سيكون بعد فترة طويلة منها اعادة النظر وإصلاح منظومة التعليم والإعلام والثقافة والفن .
ألا هل بلغت … اللهم فاشهد .
مدبولي عتمان
رئيس التحرير ورئيس مجلس الإدارة
نائب رئيس تحرير جريدة الجمهورية