العالمالمجتمع

بناء المجتمع الإنساني: تأملات بقلم د. أمين رمضان

 

صورة تعبيرية من الارشيف

محور بناء المجتمعات، في أي عصر، هو الإنسان، ولذلك يجب أن يكون المرجع الأول لمعرفة كيفية بناء الإنسان هو خالق الإنسان، الله سبحانه وتعالى {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ – الملك-١٤}، ثم الخبرات التربوية الإنسانية المتراكمة عبر الزمن، وهي مجموع الخبرات التي نجحت، والخبرات التي فشلت، على حدٍ سواء.

فكيف تعامل الحق سبحانه وتعالى مع هذا المخلوق “الإنسان”؟، لا يجد المرء أي عناء عندما يتأمل آيات القرآن الكريم، في معرفة الإجابة على هذا السؤال المهم، ليكون دليل له في رحلته الشاقَّة والمهمة لإنقاذ البشرية مما هي فيه من تردي.

عرض الله سبحانه وتعالى على الإنسان الأمانة كما عرضها على السماوات والأرض والجبال، فكانت الأمانة عرضاً لا فرضاً..

وأسكنه الجنة ونهاه عن الأكل من شجرة واحدة ويأكل من باقي أشجار الجنة كلها، وترك له حرية القرار والاختيار.

وأخبره سبحانه وتعالى عند هبوطه من الجنة أنه سيرسل له هدى، وترك له حرية الاختيار في أن يتبع الهدى أو لا يتبعه، ووضح له العاقبة في الحالتين.

وأرسل له الرسل وترك له حرية اختيار الهداية، وأخبره بالعواقب.

ثم كان خاتم الرسل، محمد صلى الله عليه وسلم، قال له الحق سبحانه وتعالى بمنتهى الوضوح {فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ ۝٢١ لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ ۝٢٢ الغاشية}، وبالتالي حدد دور الرسول في البلاغ المبين والتذكير، ونهاه عن السيطرة على الناس، لأن السيطرة ضد الفطرة الإنسانية.

واضح جداً من كل ما سبق أن حرية الاختيار عند الإنسان هي القيمة العليا التي جعلها الحق سبحانه وتعالى من أخص خصائص هذا الإنسان المخلوق، وأهم ميزاته التي تميزه عن سائر المخلوقات، وأنها من أهم وسائل العمران الكوني والبشري معاً.

لذلك ذكر القرآن فرعون في ٦٧ آية، وتكرر الاسم ٧٤ مرة، كنموذج لحاكم صادر حرية الناس، لينبه إلى خطورة التسلط على ومصادرة حرية الاختيار على الفطرة الإنسانية.

غياب حرية الاختيار جريمة ترتكب في حق الإنسان، نتائجها وخيمة على الإنسان والمجتمع والعالم، لأنها تحول الإنسان إلى مسخ، وتحول المجتمع إلى غابة، فتصادر الأحلام والأفكار والحياة الإنسانية كلها.

الدكتور أمين رمضان
aminghaleb@gmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.