جرت سنة الله فى الارض ، أن لا أحد فى هذه الدنيا يخلو من الإبتلاء ، و لو نجى من هذا الابتلاء أحد لنجى منه الأنبياء و المرسلون ، و من تابعهم من الأولياء و الصالحين .
و لكن ؛ ما من نبي أوتي الكتاب و الحكمة إلا و هو معرض لأصناف البلاء حتى يبلغ رسالة الله إلى الناس ، فالأنبياء أكمل الناس إيماناً و أكثرهم بلاءً ، و ذلك لأن الابتلاء على قدر العطاء ، فقد قال ربنا تعالى : { لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ } [ المائدة : 48 ]
ومن حكمة الله سبحانه جل وعلا أنه قسم المصائب والبلاءات كما قسم الارزاق والاقوات ، فقد نرى ان الله قد ابتلى هذا فى ماله وذاك في ولده ، واخر فى نفسه .
وبحكم طبيعتنا البشرية المحدودة الادراك لحكمة الله عزوجل ، عندما ينزل بنا البلاء فكثير منا يتسال لماذا؟؟ لماذا يبتلينا الله ، والاجابة على هذا السؤال تختلف باختلاف طبيعة كل شخص .
- فهناك من يكون ابتلاؤه للتمحيص وليميز الله الخبيث من الطيب فيقول ابن القيم رحمه الله (ان الله سبحانه وتعالى اقتضت حكمته ان لابد ان يمتحن النفوس ويبتليها ، فتظهر بلامتحان طيبها من خبيثها ومن يصلح لموالاته وكراماته ومن لايصلح ، وليمحص النفوس التى تصلح له ، ويخلصها بكير الامتحان )
- وقد يبتلى الله العبد ليكفر عنه من ذنوبة وخطايا التى تكون سبب لغضب الله والزج به فى نار جهنم فيبتليه الله كى يلقاه وليس عليه شئ ،فعن ابى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( مايزال البلاء بالمؤمن والمؤمنه فى نفسه وولده وماله ، حتى يلقى الله وما عليه خطيئة ) رواه الترمزى
- ويبتلى العبد ايضا لرفع منزلته وقدره يوم القيامة فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ان الرجل ليكون له عند الله المنزله ما يبلغها بعمله ، فما يزال يبتليه بما يكره حتى يبلغه ايها ) رواه ابو يعلا وابن حبان ، صححه الالبانى
اذا فان الله عزوجل ما ابتلا عبدا من عباده ليعذبه ، ولكن ليؤدبه ويهذبه ، وان البلاء دليل على حب الله عزوجل لعبده فقد قال الرسول الكريم ( اذا احب الله عبدا ابتلاه ، فمن رضى فله الرضا ومن سخط فله السخط ) رواه الترمزى .
وعلى العبد المؤمن ان يتقبل قضاء الله وقدره بالرضا – وهى منزله عظيمه لا يرتقى لها كثير من البشر ، فان لم يستطع ان يرضى فعليه بالصبر فهى ايضا منزلة ليست بهينه فقد قال الله عزوجل (انما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب) الاية 10 الزمر .
واخيرا قد تاتى بعد المحن الكثير من المنح ، وان بعد العسر يسر ، وكل بلاء يعقبه تمكين ، فما كان ليوسف عليه السلام ان يكون عزيز مصر الا بعد ان بيع بثمن بخس .