بقلم / د. أمين رمضان
باستثناء الرسل والأنبياء والعباقرة، وكل من أوتي مهارات خاصة خارج حدود البشر العاديين مثل بيتهوفن وغيره.
سيكون حديثي هنا القدوة.
حتى بالنسبة للرسل، كان الالتفاف حول الرسالة نفسها، بينما كان التأسي في تطبيق هذه الرسالة في واقع الحياة، وهنا يتفاوت مستوى التطبيق، بل يمكن أن يتفاوت التطبيق ذاته، لتفاوت واختلاف البشر، واستحالة أن يكون الناس نسخ كربونية من بعضهم البعض.
يختلف الناس في معتقداتهم الحياتية، وقيمهم التي تحركهم نحو الأشياء أو الابتعاد عنها، وسلوكياتهم أو تصرفاتهم في الحياة، وظروف الحياة التي مروا بها، وكل هذا ينشئ كيان إنساني فريد يحمل داخله إدراك أو تصور عن العالم، وينشأ عن هذا التصور، منهج أو طريقة تفكير، يترجمها الإنسان إلى واقع يعيشه وفق هذه التصورات كلها، ويمكن باختصار أن نصف كل ذلك بنموذج العالم داخل عقل الإنسان، وهو يختلف عن العالم الحقيقي لأسباب ليس الآن مجال ذكرها هنا.
نموذج العالم لكل إنسان يمكن أن يتغير، والناس في نفس اللحظة، تحمل نماذج مختلفة للعالم، لذلك يبقى السؤال: بمن يقتدي الإنسان؟
هل يقتدي بمن يحمل نموذج للعالم مثله (شبيه له)، وفي هذه الحالة، لن يستفيد منه، لأنه لن يضيف له جديد، هؤلاء سيكونون نسخ كربونية منه، ولو صار كل البشر كذلك، لأسنت الحياة وتجمدت في لقطة واحدة، وصارت بركة راكدة المياه، الذي ما يلبث أن يتعفن.
أم يقتدي بمن يحمل نموذج للعالم مختلف، فيعرف أشكال مختلفة وجديدة بالنسبة له، لتنوع الحياة وجمال هذا التنوع، وهذا هو الآخر المختلف عنكَ فعلاً، الذي يمكن أن يضيف لي ما لا أدركه في العالم من حولي، وإذا لم يضف، فإنه سيكملني، أو سيقوي ضعفي.
الطبيعة البشرية وتفاعلها مع العالم من حولها شديدة التعقيد، ورغم ذلك فإن هناك سنن أو قوانين مادية وغير مادية تحكم هذه العلاقة، وقد درس علماء النفس باختلاف تخصصاتهم جوانب متعددة ومتنوعة للنفس البشرية، اعتبر ماسلو أن هناك غاية يمكن أن يصل إليها الإنسان وهي تحقيق ذاته، وهنا يكون قد وصل إلى محطة النهاية، لكن كلير جريفز اكتشف أنه ليس هناك صورة واحدة لتحقيق الذات، بل صور لا تنتهي.
وهنا نتساءل:
من هو القدوة؟،
وهل يمكن أن يكون قدوة دائمة؟،
وهل القدوة هي أن أقلد شخص في حياته؟،
وكيف نفسر تفرد كل واحد وتميزه وأنه نسيج وحده؟
هذه الأسئلة وغيرها مهمة لنفهم هذه الكلمة التي قد تكون مدمرة عندما يتسلط أحد على أحد آخر ليكون نسخة كربونية منه، أو غيرها من الصور التي تنزع من الناس تفردهم ليظهروا مقلدين، بدلاً من أن يكونوا متفردين.
وهي مهمة أيضاً لمعرفة:
ممن يأخذ الإنسان؟،
وماذا يأخذ؟،
وكيف يصبغ ما يأخذه بشخصيته هو، حتى تقبله ذاته ولا ترفضه؟
هل هذا هو السر في أن أفضل مساعدة للآخرين هي إرشادهم، وليس إجبارهم