بقلم / د. أمين رمضان
“هذه مجرد تأملات شخصية، ليس الهدف فرضها على أحد، أو إثبات أنها الحق، لكنها دعوة للآخرين لتحفيز آلة التأمل الشخصي عندهم، بعيون عالمهم هم لا عالم غيرهم”
مدينة السويس، مدينة مصرية، عاصمة محافظة السويس، تقع على رأس خليج السويس، وهي أكبر المدن المصرية المطلة على البحر الأحمر. سميت قناة السويس على اسم المدينة، وبمحافظة السويس ثلاثة موانئ وهي ميناء الأدبية وميناء السويس وميناء السخنة، لقبت السويس بـ «مدينة الغريب» نسبة إلى سيدي الغريب وكان من أعلام الصوفية.
تعيش السويس في ذاكرة العقل الجمعي المصري، شامخة وصامدة أمام كل محاولات طمس الهوية الجارية على قدم وساق في الشرق الأوسط كله، كيف لا وهي التي استعصت على العدو الإسرائيلي، الذي حاول اقتحامها، أثناء حرب 73، فهبت المقاومة الشعبية، مسلمين ومسيحيين، وانطلقت من مسجد الشهداء الذي تحول إلى غرفة عمليات كاملة، تحت قيادة الشيخ حافظ سلامة الذي ألهبت خطبه ودروسه، روح الجهاد في شعب السويس فانتفض مدافعاً عن مدينته وكرامته، ومنعت السويس الجيش الإسرائيلي من الوصول للقاهرة وسقوطها في أيدي الأعداء.
تعد قيادة الشيخ حافظ سلامة لعمليات المقاومة الشعبية في مدينة السويس بدءًا من يوم 22 أكتوبر 1973م هي المحطة الأهم في حياة الشيخ حافظ سلامة، حيث تسللت إسرائيل إلى غرب قناة السويس في منطقة « الدفرسوار » القريبة من الإسماعيلية بهدف حصار الجيش الثالث الميداني بالضفة الشرقية للقناة وتهديد القاهرة واحتلال مدينة السويس بإيعاز من الولايات المتحدة الأمريكية حتى تجد ما تفاوض عليه في اتفاقية وقف القتال. وأسلمت القيادة الإسرائيلية هذه المهمة إلى الجنرال أدان الذي وجه إنذار إلى محافظ السويس بالاستسلام أو تدمير المدينة بالطيران الإسرائيلي، ولكن الشيخ حافظ سلامة ومعه عدد من القيادات الشريفة المجاهدة، ومعه جميع أبناء المدينة قرروا رفض تسليم المدينة، واستمرار المقاومة مهما كانت الظروف، ووقف الشيخ حافظ سلامة على منبر مسجد الشهداء ليعلن بدء عمليات المقاومة.
تعرضت المدينة لحصار شديد من القوات الإسرائيلية وقصف مستمر من الطائرات وتقدمت إلى المدينة 200 دبابة وكتيبة من جنود المظلات وكتيبتين من جنود المشاة بعربات مدرعة، وعلى الرغم من موافقة إسرائيل على قرار مجلس الأمن بوقف إطلاق النار إلا أنها لم تلتزم بقرار ثان لنفس المجلس وواصلت هجومها على المدينة. واقتحمت قوة من الجيش الإسرائيلي مبنى قسم شرطة الأربعين وحاصرته بدباباتها ومدرعاتها إلا أن رجال المقاومة تصدوا لها مع عدد من رجال القوات المسلحة في معركة دامية، كانت نتيجتها تدمير جميع دبابات العدو ومدرعاته التي اقتحمت المدينة، وسقوط عدد من رجال المقاومة شهداء
بدأت أعداد القتلى والجرحى الإسرائيليين في التزايد بأيدي القوات المسلحة ورجال ونساء وأطفال السويس حتى تم اندحار القوات الإسرائيلية عقب أكبر هزيمة لمعركة الدبابات حيث فقدت إسرائيل فيها 76 دبابة ومصفحة بأسلحة المقاومة.
يصف سعد الدين الشاذلي رئيس أركان حرب القوات المسلحة وقت الحرب هذا الدور قائلاً: «إن الشيخ حافظ سلامة رئيس جمعية الهداية الإسلامية، إمام وخطيب مسجد الشهداء، اختارته الأقدار ليؤدي دورًا رئيسيًّا خلال الفترة من 23– 28 أكتوبر عام 1973 عندما نجحت قوات المقاومة الشعبية بالتعاون مع عناصر من القوات المسلحة في صد هجمات العدو الإسرائيلي وإفشال خططه من أجل احتلال المدينة الباسلة».
يعد يوم 24 أكتوبر عيداً وطنياً تحتفل به السويس، بذكري المقاومة الشعبية في صد العدوان الإسرائيلي على المدينة في حرب أكتوبر 1973. وتعد مدينة السويس الشرارة الأولى في ثورة 25 يناير التي أدت لتنحي الرئيس المصري السابق حسني مبارك. وقد سقط أول شهيد في حي الأربعين في السويس.
وسجل المسحراتي الشيخ سيد المكاوي ملحمة السويس يصوته المعبر متغنيا بكلمات الشاعر فؤاد حداد يشدوا قائلا :
يا سويس جريئه
يا ام النضال
كنتِ الطريقة
وكنت المثال
وكنتِ مَرْبط
كل الآمال
وكنتِ أثبت
من الجبال
وتغنى المسحراتي بجمال السويس قائلا :
يا بحر مالح
وريح زلال
و برّ طارح
حُسن وجمال
وللتأملات بقية بإذن الله…
السبت 8 أبريل 2023م – 17 رمضان 1444ه
رابط مشاهدة حلقة المسحراتي عن السويس