أراء وقراءاتالصراط المستقيممصر

تأملات رمضانية (15): مع المسحراتي في خان الخليلي

بقلم: د. أمين رمضان

“هذه مجرد تأملات شخصية، ليس الهدف فرضها على أحد، أو إثبات أنها الحق، لكنها دعوة للآخرين لتحفيز آلة التأمل الشخصي عندهم، بعيون عالمهم هم لا عالم غيرهم”

خان الخليلي، أحد أحياء القاهرة التاريخية، الذي يتمتع بجذب سياحي كبير. يتميز بوجود بازارات ومحلات ومطاعم شعبية، كما يتميز بكثرة أعداد السياح واعتياد سكانه عليهم.

حي خان الخليلي كان مصدر إلهام للعديد من الكتاب والأدباء المصريين أبرزهم الكاتب نجيب محفوظ الذي ألف إحدى رواياته التي تدور أحداثها بالحي وتحمل اسمه «خان الخليلي» والتي تم تحويلها إلى فيلم سينمائي من بطولة الممثل عماد حمدي.

يبلُغ عُمر حيّ «خان الخليلي» العتيق، أكثر من 600 عام، حيثُ يُعتبر واحدًا من أقدم الأسواق في أنحاء المحروسة والشرق الأوسط، وما زال مُحتفظًا بمعماره القديم مُنذُ عصر المماليك، حسبمّا تؤكد الهيئة العامة للاستعلامات المصرية.

يقول المؤرخ العربي الأشهر (المقريزي) إن الخان مبنى مربع كبير يحيط بفناء ويشبه الوكالة، تشمل الطبقة السفلى منه الحوانيت، وتضم الطبقات العليا المخازن والمساكن، وقد سمي بهذا الاسم نسبة إلى منشئه الشريف (الخليلي) الذي كان كبير التجار في عصر السلطان برقوق عام 1400 م.

من أشهر المقاهي المصرية في خان الخليلي مقهى الفيشاوي، ويرجع تاريخ تأسيسه لعام 1769م، وكان مركز لقاء أشهر الفنانين والكتاب والمثقفين .

ليس هناك ما هو أمتع من التجوال سيراً على الأقدام داخل أزقة وحواري تحتاج إلى عبقرية في فك ألغازها، وإلى حاسة سادسة لمعرفة طلاسمها. فالأزقة متراصة كحبات عقد، متداخلة كقوس قزح متعدد الألوان. ولا يعرف أحد حتى الآن الفلسفة المعمارية التي بني على أساسها خان الخليلي. فالأرض مبلطة بحجر بازلتي أسود لامع، معلناً حرارة العلاقة بين الإنسان والتاريخ. والسوق مسقوف بخشب تحدى الزمن وعوامل التعرية، كأنه رمز لصراع بقاء فن الحرف اليدوية ونقله بالصبر والحماس من جيل لآخر. والشمس تتسلل إلى حوانيت عديدة تشكل مع بعضها سراديب مليئة بالكنوز والتحف النادرة، والمصنوعة بمهارة أندر.

وسجل المسحراتي الشيخ سيد مكاوي عبقرية خان الخليلي، المكان والإنسان والإبداع، بصوته المعبر وهو يشدوا بكلمات الشاعر فؤاد حداد قائلاً:

ألاقي منهم في الوكالة القديمة

عمر الصنايعي

زهر خان الخليلي

شفته بينقش

في صينية جميلة

وسمعته بيترحم على أستاذة

عرفت فيه الأصل والعرفان

لجل العجب نجليها ننقشها نزخرفها

تصبح تحف والغالي يعرفها

كما تغنى المسحراتي بكل قطعة فيها عرق وإبداع الصنايعي الفنان الذي حول الصبر والمهارة لتحف فنية تتحدث عن نفسها قائلة:

اختار تسالي الصبر ولا الحماس

عندي في قلب القاهرة يا صبية

الفجر بيعاود من المغربية

عندي نبات عندي حروف عربية

***************

دقدق على سن الحديد الشاكي

قسم تقاسيم النسيم في النحاس

وشفت نور الابريق وطعم الصواني

وللتأملات بقية بإذن الله…

الإثنين 10 أبريل 2023م – 19 رمضان 1444ه

تأملات رمضانية (15): مع المسحراتي في خان الخليلي 2

 

 

 

 

رابط مشاهدة حلقة المسحراتي عن خان الخليلي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.