تأملات رمضانية (16): الالتزام بتوقيت الشعائر
بقلم: د. أمين رمضان
“هذه مجرد تأملات شخصية، ليس الهدف فرضها على أحد، أو إثبات أنها الحق، لكنها دعوة للآخرين لتحفيز آلة التأمل الشخصي عندهم، بعيون عالمهم هم لا عالم غيرهم”
لو أفطر المسلم قبل أذان المغرب بثواني لذهب صيامه هدراً، وكذلك لو أكل أو شرب بعد الفجر بثواني لم يكن صيامه صحيحاً.
كم نحتاج في حياتنا لهذا الانضباط، فالغالب على حياتنا الفوضى في المواعيد، الدول المتقدمة تتنافس في دقة مواعيد مواصلاتها.
عندما كنت في زيارة لتركيا، كنت أستخدم تطبيق على الموبايل يحدد لي بالدقيقة مواعيد وصول وسائل المواصلات المختلفة للمحطة القريبة من المكان المتواجد فيه، وتبين الطرق المختلقة للوصول، والمحطات التي سأغير فيها وسيلة المواصلات، والمسافات التي سأسير فيها على الأقدام، والدفع في كل وسائل الموصلات يتم باستخدام كارت دفع واحد يمكن شحنه من جميع المحطات وأماكن أخرى، اسمه كارت إسطنبول، كان ركوب المواصلات ممتع فعلاً، والسبب وجود نظام دقيق وفعال، ووفرة في العدد.
حديثي السابق كان عن المواصلات في تركيا عموماً، وتجنبت الحديث عن المواصلات في كوكب اليابان حتى أكون واقعي، حيث المواعيد بالثانية، ومشاهد اليوتيوب عن نظافتها ودقتها وإنسانيتها يفوق الوصف.
ما أتحدث عنه ليس مجرد حديث عن مواصلات، بل مؤشر لمستوى تقدم للبلاد، فعندما تنضبط المواعيد، وتزداد سرعة المواصلات، وتكون الطرق مفتوحة بلا عوائق، يستفيد الوطن من وقت الناس وجهدهم، وينتهي هدر الوقت في انتظار مواصلات غير معروف مواعيد مجيئها أو وصولها ، وأحياناً وجودها.
عندما تكون وسائل المواصلات مريحه وسريعة، يذهب الإنسان لعمله أو بيته أو نزهته وهو موفور الطاقة، نشيط، جاهز عقلياً وبدنياً لأداء مهامه، والاستمتاع بحياته.
احترام ودقة المواعيد نقلة في حياة الأفراد والمؤسسات والأمم، ومؤشر لاحترام المواطن.
عجيب أن ينقل عالم مصري هو الدكتور أحمد زويل في معامل أمريكا، العالم إلى زمن الفيمتو ثانية، بينما نحن مازلنا نرى الحمير في الشوارع.
هل ارتباط الزمن بعقيدة دينية أو دنيوية هو الذي يصنع المجتمعات المتقدمة.
أتمنى أن أرى مجتمعي منضبط في مواعيد المواصلات وراحتها وسرعته ووفرتها، لوقف هدر طاقة الملايين، وهي في النهاية طاقة الوطن.
أما أنا وأنت عزيزي القارئ، فلعلها فرصة لنستمر في احترام مواعيد حياتنا بصورة عامة، ابدأ من داخل البيت، ليظهر في المجتمع.
وللتأملات بقية بإذن الله..
الأربعاء 12 أبريل 2023م – 21 رمضان 1444هـ