بقلم: د. أمين رمضان
“هذه مجرد تأملات شخصية، ليس الهدف فرضها على أحد، أو إثبات أنها الحق، لكنها دعوة للآخرين لتحفيز آلة التأمل الشخصي عندهم، بعيون عالمهم هم لا عالم غيرهم”
عزيزي القاري
هل أنت مستعد لنقوم برحلة معا للماضي السحيق؟
استعد لنطير بخيالنا عبر آلة الزمن للقرن الثاني عشر أو الثالث عشر قبل الميلاد، لتقف معي عند مشهد من مشاهد التاريخ، في منطقة الأناضول في تركيا الحديثة، وتذكر أن التاريخ يعيد نفسه، وسنن التاريخ تتكرر.
لعل المشهد الذي سنراه ثم نعود، يفتح آفاق وعينا أكثر لنرى ما وراء ما نراه بأعيننا ونسمعه بآذاننا، فالبصيرة هي خير معين بعد الله سبحانه وتعالى لاستشراف المستقبل، والإرادة هي التي تصنعه.
أما الدافع لهذه الرحلة فهو عنوان كتاب تذكرته اليوم.
من عقود مضت، عندما قرأت كتاب “حصوننا الإسلامية مهددة من داخلها” للدكتور محمد محمد حسين وهو أديب إسلامي مصري، باحث في الأدب العربي، دكتوراه في الأدب العربي من جامعة القاهرة، شدني العنوان، لأنه ذكرني بسقوط مدينة طروادة، الذي تم بالخديعة.
وتم انتاج فيلم أمريكي عام 2004 بعنوان “حصان طروادة” يحكي قصة حصار طروادة واختراقها من الداخل.
تدور أحداث فيلم حصان طروادة حول الحصار الذي فرضه الإغريق على مدينة طروادة، والذي استمر لمدة عشر سنوات، وكيفية اختراق المدينة بواسطة حصان خشبي مجوف من داخله، ظن الطرواديون أنه هدية من الإله فأدخلوه الحصن، وكان يحتوي على جنود إغريق مختبئين داخله، وبعد دخوله المدينة تم فتح أبواب المدينة ليلاً للجيش الإغريقي، وأدى ذلك إلى سقوط المدينة بعد سقوط حصن طروادة العنيد بعد صمود 10 سنوات من الحرب.
ما علاقة القصة بالحديث عن شهر رمضان؟
من يتأمل مظاهر استقبال شهر رمضان في العالم الإسلامي، ربما يجد نفس المشهد يتكرر، فالتاريخ تتكرر أحداثه، والجنود “الإغريق” الذين خرجوا ليلاً يحتفلون بليالي رمضان فيما كان يعتقد أنه الحصن الأخير لطروادة، وغيره من بقايا حصون سابقة، امتلأت حفلاتهم بنشوى الانتصار على الفضيلة والدين معاً.
وأدخل المغيبون من أهل طروادة جنود الجيش الإغريقي الحديث بأيديهم وأموالهم.
وانتشر الجنود ليلاً عبر المسلسلات والأفلام والبرامج يعربدون ويحطمون بنيان الأخلاق المنهار أصلاً.
وما زال داخل طروادة من يأنون ويصرخون، لعل أصواتهم تسمع، وسط ضجيج حفلات شياطين الإنس.
فهل يمكن أن ينعم مجتمع بالتقوى على إيقاع موسيقى الشيطان؟
وللتأملات بقية بإذن الله…
الثلاثاء 28 مارس 2023م – 6 رمضان 1444هـ