أراء وقراءات

تجربة الموت !!

بقلم / ممدوح الشنهوري*

 

أوقات كثيرة أتسائل بيني وبين نفسي؟ ما الذي يدفع طفل صغير لا يتعدي عمره 13  عاما ، الي خوض ” تجربة الموت ” للسفر الي أوروبا عبر البحر المتوسط، في تحربة مميتة كالتي نسمع عن بعض نهايتها المأساوية يوميا، عبر وسائل الإعلام المحلية والعالمية.

لاشك إنه ” الفقر” ذلك المرض القاتل والمذل والمقهر لكرامة الإنسان ، لأن الفقر يدفع للهجرة غير الشرعية التي أودت، وما زالت تودي بحياة الكثير من المصريين ومن الجنسيات الأخري المتعددة من جميع الدول الأسيوية والأفريقية ، في الإقدام علي الموت طوعا وكرها في آن واحد ، للبحث عن حياة كريمة يعيشونها دون ذل الحاجة  .  ويظل الفقر أحد أهم أسباب جرائم الإنسانية منذ فجر التاريخ، كما شبهه سيدنا  علي بن أبو طالب حين قال عنه ” لو كان الفقر رجلا لقتلته ” من شدة بغضه وكرهه له.

والملفت والغريب والمحير !!في تجربة الموت هذه، وهي السفر الي أوروبا عبر الهجرة الغير شرعية عبر البحر المتوسط ، هو أن كل من يقدمون علي خوض تلك التجربة سواء كان كبار في السن يتميزون ويمتكلون  العقل والمنطق في إتخاذ قرار تجربة  كهذه أو رفضة والإبتعاد عن مهالكه المحتومة ، او حتي إن كانوا صغار السن كالأطفال الغير مدركين لأهمية العقل والمنطق، في خوض تلك التجارب المحفوفة بمخاطر الموت، والإصرار علي الإقدام فيها رغم علمهم بذلك .

وكأنه ليس هناك سبيل آخر للعيش لدي هؤلاء الفئات والناس من المجتمع، الإ عبر السفر الي أوروبا. مما يجعلنا أن نضع نَصب أعيننا العديد من التساؤلات والإستفسارات وكذلك البحث بجدية عن حلول جذرية من قبل المسؤوليين المعنيين في الوطن عن حلول نقنع بها هؤلاء الفئات من الناس أن حياتهم غالية وعزيزة علينا . ولكن أيضا كيف نقنعهم بأن الفقر وضيق ذات اليد راحة عن الموت المقدمون عليه !؟ ، وذلك لأن الموت والفقر كلاهما طريق واحد لنهاية أدمية  الإنسان، ولكن إحداهما بطيئ والآخر إختياري معجل من قبلهم هؤلاء الفئات من الناس .

ولا ينبغي أن نضع شبابنا  بين إختيارين ، إما الموت غرقا بإقدامهم علي سلك طرق الموت عبر السفر بالهجرة غير الشرعية هذه ، أو بين المكوث في تدني حال الميعشه بهم داخل الوطن . على الحكومة ورجال الاعمال وكل المؤسسات الحكومية والأهلية التكاتف والعمل بجدية لنوفر  لهم إختيار ثالث في الحياة بعزة وكرامة داخل الوطن ، كالتوسع في بناء المصانع والمزارع والشركات وخلق فرص العمل التي توفر لهم الحياة الكريمة حتي لا يضطروا الي سلك طرق الموت كالإجرام والإرهاب والعنف الأسري والمجتمعي داخل الوطن، أو في الذهاب والمخاطرة نحو تجربة أخري من تجارب الموت التي لا تنتهي عبر السفر بالهجرة الغير شرعية هذه في النهاية .

*عضو المنظمة المصرية والدولية لحقوق الإنسان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.