تحذيرات أممية: تراجع الدعم الدولي يفاقم الكارثة الإنسانية في السودان

✍️ بقلم: د. هيام الإبس
أعربت كليمنتين نكويتا سلامي، منسقة الشؤون الإنسانية في السودان، عن قلقها العميق إزاء التخفيضات الكبيرة في التمويل الإنساني التي أعلنتها كبرى الدول المانحة، محذرةً من أن السودان يواجه واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخه الحديث.
وقف التمويل الأمريكي وتأثيره على الإغاثة
في فبراير 2025، قررت الولايات المتحدة إيقاف تمويلها الإنساني الذي تعتمد عليه العديد من المنظمات الإغاثية العاملة في السودان، مما أدى إلى تعطيل الجهود الرامية للحد من آثار الحرب على المدنيين.
وأوضحت سلامي أن الاحتياجات الإنسانية بلغت ذروتها هذا العام، حيث يتطلب السودان 4.2 مليار دولار لتوفير المساعدات الأساسية، إلا أن التمويل المتاح حاليًا لم يتجاوز 6% من المبلغ المطلوب، مما يهدد حياة 21 مليون شخص بحاجة ماسة إلى المساعدة.
يأتي ذلك في ظل تصاعد الصراع المستمر منذ أبريل 2023، حيث تدهورت الأوضاع بشكل حاد، لا سيما في ولاية شمال دارفور التي تعاني من تفشي العنف.
تفشي الأمراض يزيد من معاناة المدنيين
إلى جانب نقص التمويل وتفاقم الصراع، تواجه البلاد تفشيًا خطيرًا للأمراض:
- انتشار الكوليرا في ولاية النيل الأبيض، مما أسفر عن وفاة 94 شخصًا وإصابة أكثر من 2700 آخرين خلال الأسابيع الأخيرة.
- انتشار التهاب الكبد الوبائي بين النازحين في ولاية كسلا، نتيجة تدهور الأوضاع الصحية وضعف البنية التحتية.
وحثت سلامي الحكومات والجهات المانحة على تكثيف الجهود لإنقاذ الأرواح، مؤكدة أن هذا هو الوقت الذي يجب أن تتدفق فيه المساعدات بدلًا من أن تتراجع.
تأثير قرار إيقاف التمويل على العمليات الإنسانية
حذر منتدى المنظمات غير الحكومية الدولية في السودان من أن الإنهاء المفاجئ للتمويل الأمريكي أدى إلى أزمة غير مسبوقة في العمليات الإغاثية، حيث يعتمد 50% من المنظمات الإنسانية على الدعم الأمريكي لتقديم المساعدات.
وأوضح المنتدى في بيان له أن القرار عطل برامج حيوية توفر الغذاء، التغذية، الرعاية الصحية، والحماية لآلاف السودانيين، مما يفاقم واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.
عودة النازحين إلى مناطقهم وسط استمرار النزاع
في تطور آخر، أعلنت المنظمة الدولية للهجرة عن عودة نحو 396,738 نازحًا داخليًا إلى مناطقهم في السودان، حيث استقبلت:
- ولاية الجزيرة: 66% من العائدين.
- ولاية سنار: 29%.
- ولاية الخرطوم: 5%.
وتأتي هذه العودة بعد استعادة الجيش السوداني لمناطق واسعة في ولاية الجزيرة، بما في ذلك مدينة ود مدني، بالإضافة إلى مدينة سنجة في سنار، حيث يواصل الجيش تحقيق تقدم عسكري في الخرطوم.
تأثير الصراع على الاقتصاد والمعيشة
أفادت غرفة طوارئ أحياء البراري في الخرطوم بأن ارتفاع أسعار السلع الأساسية زاد من معاناة المواطنين، حيث وصلت الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة:
- كيلو السكر: 6,000 جنيه سوداني.
- كيلو الدقيق: 6,000 جنيه سوداني.
- كيلو العدس: 5,000 جنيه سوداني.
- زيت كريستال: 12,000 جنيه سوداني.
- ثلاث قطع خبز: 1,000 جنيه سوداني.
استمرار القتال وانعدام الممرات الإنسانية
مع استمرار المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، يواجه المدنيون صعوبات متزايدة في الحصول على المساعدات الإنسانية بسبب انعدام الممرات الآمنة، مما يزيد من الأوضاع الإنسانية الكارثية.
وتشهد السودان حالة انسداد سياسي وعسكري، حيث يسعى كل طرف لحسم المعركة عسكريًا وتشكيل حكومة في المناطق الخاضعة لسيطرته.