تحذير العباد من فتنة الإلحاد
كتب : هاني حسبو
ثبت عن نبينا صلى الله عليه وسلم كما عند الإمام مسلم في صحيحه أنه قال:
“بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل فيها مسلماً ويمسي كافراً، ويمسي مؤمناً، ويصبح كافراً، يبيع دينه بعرض من الدنيا”
وانطلاقا من إيماننا الجازم كمسلمين بكل ما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام واليقين بوقوعه حتما لا محالة نتحدث عن أخطر وأهم هذه الفتن التي بدت على السطح طافية هذه الأيام خصوصا مع الشباب وخصوصا في ظل هذه الطفرة في وسائل التقنية الحديثة.
فبنظرة سريعة على موقع التواصل “يوتيوب” تجد عناوين صادمة من أمثال “لماذا أنا ملحد” وكأنه يتفاخر بإلحاده ويظنه منقبة وهو في الحقيقة مفسدة ومنقصة.
الله عز وجل يخبرنا في القرآن بأن الإلحاد فتنة ومصيبة إذا ابتلى بها عبد كانت الطامة والويل فقال سبحانه:
“إنَّ الَّذِينَ يُلْـحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا} [فصلت: 40”
بل ووبخ الله من ألحد في صفاته فقط ولم يلحد في وجود الخالق كما هو الحال الآن وأمر المؤمنين بعدم مخالطتهم تماما لأنهم نسبوا صفات الله لآلهتهم وحرفوا فيها فقال سبحانه:
“وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْـحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْـحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ} [الأعراف: 180
فإذا كان هذا وصف الملحد وهذا حاله عند الله فلماذا يا ترى يلحد بعض شبابنا؟
سؤال مهم ينبغي أن يسأله كل ولي أمر وكل عاقل لبيب خصوصا هذه الأونة.
يأتي على رأس أسباب الإلحاد :الإعراض عن الوحي المنزل من عند الله تعالى سواءا كتابا وصحيح السنة فالله عز وجل أخبرنا أن هذا الوحي نور لمن أراد أن يستضئ به ومن أعرض عنه فهو في طريق الظلام سائر لا محالة فقال سبحانه:
“وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشـَـاءُ مِنْ عِبَادِنَا} [الشورى: 52
ومن أسباب الإلحاد أيضا :تقديم العقل على النقل قال ابن أبي العز الحنفي في شرحه على العقيدة الطحاوية: (وكل من قال برأيه وذوقه وسياسته مع وجود النص أو عارض النص بالمعقول، فقد ضاهى إبليس؛ حيث لم يسلِّم لأمر ربه؛ حيث قال: {أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ”
ومن أعظم أسباب الإلحاد والتي غالبا ما يقع فيها شبابنا هو الاسترسال مع وساوس الشيطان وفي هذا يقدم لنا نبينا صلى الله عليه وسلم العلاج الأمثل حيث يقول:
“يأتي الشيطانُ أحدَكم فيقول: من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ حتى يقول: من خلق ربك؟ فإذا بلغه فَلْيستعذ بالله ولينتهِ”
رواه البخاري في صحيحه.
ومن نافلة القول أن نوضح أن الجهل بعظمة الله سبحانه وتعالى من أعظم أسباب الوقوع في براثن الإلحاد وتأتي السنة المطهرة لتؤكد على هذه الحقيقة فقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال له:
“يا رسول الله! نُهكَت الأنفس وجاع العيال وهلكت الأموال؛ فاستسق لنا ربك؛ فإنَّا نستشفع بالله عليك، وبك على الله. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «سبحان الله! سبحان الله! فما زال يسبِّح حتى عُرِف ذلك في وجوه أصحابه، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: ويحك أتدري ما الله؟ إن شأن الله أعظم من ذلك، إنه لا يُستشفَع بالله على أحد من خلقه”
رواه أبو داوود في سننه.
هذه من جملة الأسباب التي تؤدى حتميا للوقوع في هذه الفتنة العظيمة التي لا يعلم مقدار خطورتها إلا من عايشها وصاحب بعضا من هؤلاء الشباب المساكين.
ولعل من المفيد في ختام هذه الكلمات اليسيرات أن نعرج على جملة من الأسباب الوقائية والعلاجية لهذه الظاهرة التي أصبحت تحيط بنا هذه الأيام ومنها:
بناء القلوب الإيمانية في جسد المسلمين ,تلك القلوب التي تقود صاحبها دائما لفعل الصالحات والأعمال التي يرضى عنها الله سبحانه وتعالى كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه طوال الفترة المكية
فعن جندب بن عبد الله قال كنا غلمانًا حزاورة مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فتعلمنا الإيمان قبل القرآن ثم تعلمنا القرآن فازددنا به إيمانًا، وإنكم اليوم تعلمون القرآن قبل الإيمان”
رواه ابن ماجه وغيره.
حزاورة: جمع حزْور، والحزوّر: وهو الغلام إذا اشتد وقوي وخدم، وقارب البلوغ
ومن الأسباب الوقائية أن نملأ وقت وفراغ شبابنا فهذا الوقت نعمة إن لم نستغلها كانت وبالا علينا كما قال عليه الصلاة والسلام:
” نعمتان مغبون فيهما كثيرٌ من الناس: الصحة والفراغ”
رواه البخاري.
ويأتي فتح حوار دائم بينك وبين ابنك أو تلميذك من أعظم الأسباب الوقائية لمرض الإلحاد ولنا في قصة يوسف عليه السلام عبرة فقد وصلت العلاقة بين الأب وابنه أن يحكي الولد لأبيه كل شئ حتى الرؤيا التي يراها في نومه.
ما أروع القرآن والسنة إذا جعلناهما منهاجا لحياتنا.