الصراط المستقيم

تحذير المؤمنين بعاقبة تفشي القتل بين المسلمين

كتب:هاني حسبو.

ما إن يمر يوم أو يومان أو أسبوع إلا ونصحو على جريمة قتل فهذا يقتل أخاه وذاك يقتل أباه أو أمه ثم تأتي الطامة بأن هذا يقتل ولديه وبعيدا عن صحة الرواية والاعتراف فإن هناك جرائم قتل ترتكب ليل نهار.

يكثر القتل حينما يغيب “الرادع” الذي يخوف القاتل فيتأخر ولا يمضي قدما نحو هذه الجريمة البشعة.

يكثر القتل حينما تغيب “شمس الشريعة” الغراء عن محتكم المسلمين وتراهم يسارعون في الأمم الأخرى ولئن سألتهم عن السبب فيقولون “نخشى أن تصيبنا دائرة”.

بنظرة سربعة خاطفة عن “ماهية” هذه “الكبيرة” كبيرة القتل في شريعتنا الخالدة نجد أن حفظ الدين والأنفس وحماية الأعراض والحفاظ على العقل والنسل من مقاصد هذا الدين القويم، ومن الجوانب الرئيسية التي رعاها أيما رعاية، واعتنى بها غاية العناية، صيانة للأمة وحفاظًا على الأفراد والمجتمعات من أخطار الجرائم المدمرة، وعنوان صلاح أي أمة ودليل سعادتها واستقرارها إنما هو برعاية أبنائها لهذا الجانب العظيم، وهو حفظ الأنفس وحمايتها.

إنها لجريمة شنيعة ترتعد منها الفرائص وتنخلع لها القلوب، إنها لجريمة فاحشة ولجزاء مخيف، قال الله عز وجل: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا [النساء:93]. أربع عقوبات عظيمة يستحقها من الله صاحب الجريمة: جهنم خالدًا فيها، وغضب الله عليه، ولعنه، وأعد له عذابًا عظيمًا.

وحذر الله سبحانه من إراقة الدماء وجعلها كإراقة دماء الناس أجمعين فقال سبحانه:

“مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا [المائدة:32].

ثم جعل الله عز وجل من صفات عباده الصالحين بعد توحيده وعدم الإشراك به هي عدم القرب من هذه الجريمة الشنعاء فقال سبحانه:

“وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا إِلاَّ مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [الفرقان:68-70].

وعدها الرسول صلى الله عليه وسلم  في الحديث الصحيح في السبع الموبقات فقال: ((اجتنبوا السبع الموبقات))، وذكر منها: ((قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق)). وروى البخاري في صحيحه أن رسول الله قال: ((لا يزال العبد في فسحة من دينه ما لم يصب دمًا حرامًا))، وقال عليه الصلاة والسلام: ((ألا لا ترجعوا بعدي كفارًا، يضرب بعضكم رقاب بعض))، وقال عليه الصلاة والسلام: ((أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء)).

بل إن الأمر يتعدى ذلك حتى ولو بالإشارة إلى المسلم بسلاح، فقد حرم الإسلام ذلك، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة أن رسول الله قال: ((لا يُشير أحدكم إلى أخيه بالسلاح، فإنه لا يدري لعل الشيطان ينزعُ في يده فيقع في حفرة من النار)).
وما ذاك  إلا سدًا لذريعة الفساد وصيانة لدماء المسلمين أن تُنتهك، بل إن الإسلام نهى عن مجرد ترويع المسلمين وتخويف الآمنين، يقول : ((من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه حتى ينتهي، وإن كان أخاه لأمه وأبيه))، وفي الحديث الآخر: ((من أخاف مؤمنًا كان حقًا على الله أن لا يُؤمنه من أفزاع يوم القيامة)).

ومن هنا فقد جاء الإسلام وجعل للقتل بغير الحق أكبر العقوبات ردعًا وحزمًا ألا وهي عقوبة القصاص، كما قال سبحانه: وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الألْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة:179].

لقد شرع الله سبحانه القصاص وإعدام القاتل المتعمد انتقامًا منه وزجرًا لغيره، وتطهيرًا للمجتمع من الجرائم التي يختل معها الأمن، وهذا من تمام حكمة الباري وعظيم لطفه وعنايته بخلقه.

لذا إن أردنا حلا جذريا لهذه البلية فيكون بالرجوع لشريعة رب البرية.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.