أراء وقراءات

خطورة التحيز في تحليل العمليات الإرهابية

بقلم/ احمد يسري جوهر

إن رصد اماكن المواقع التي يتأسس فيها ويتحرك منها تمويل الارهاب يختلف عن رصد موقع الجريمة ذاته وهما مكانين مختلفين على الاغلب ، وذلك لسببين بسيطين ان العملية الارهابية تشمل مرحلتين اولهم تسليم المال والسلاح والمعلومات وهي عملية استلام و تسليم تجاري ، و ثانيهم مرحلة التنفيذ و تقع بالمكان الثاني .

وكما يختلف موقع التمويل والامداد عن موقع الجريمة ، يختلف زمانهما ، ومن الطبيعي وجوب ان يتم التمويل و الإمداد ثم تنفذ الجهة مخططها .

و الحقيقة ان  طبيعة ( المخطط / الخطة )  في الاربعة جوانب الذي سبق ذكرهما ؛ المكان و الزمان في كلا من التمويل و الامداد ، و المكان و الزمان في جريمة التنفيذ ، هذه الطبيعة هي مفتاح  تحليل العملية الارهابية ،

هذه المفتاح الذي اذا ادركه وتناوله المختص تمكن من وضع سيناريو لردع عملية ارهابية كانت لتودي بحياة أفراد ، او تدمر املاكا عامة او تقلب نظاما حاكما ، ردعا لا يقتصر  مداه على منع الخسائر فقط ، وإنما قد تعقبه مكاسب.

ويؤدي التحيز المفاهيمي في تناول مسائل الارهاب وتحليلها  إلى تسميات خاطئة و التي تدفع بدورها بالمحلل الى اصدار احكام او تفسيرات تغيير اتجاه متخذ القرار  فعلى سبيل الايضاح ؛ حصر محقق امني في تفجير موقع ما بدولة اوروبية إحتمالات مرتكب الجريمة  فقط في المسلمين فان تحيزه لمفهوم الارهاب الاسلامي المزعوم سيؤدي لنتائج مفرغة لحين استبداله بمحقق متسع المدارك .

وعليه فإن التحيز المفاهيمي في تحليل اماكن وازمنة ومتهمي العمليات الارهابية عامل مضلل للتحليل السليم ، الذي ذكرنا اهميته ، فكيف يتم تقويم هذا التحيز المفاهيمي المفسد بدوره لردع عملية ارهابية ما ؟

وتعد مهمة تقويم التحيز المفاهيمي شاقة على أي جهاز امني لأنه يلزم عليه اذ يتوجب اولا على هذا الجهاز تحديد الافراد ضعيفي المناعة ضد هذا التحيز ، ثم تحديد باي نوعا من التحيز سيقعون و المقصود هنا تحديدا : على اي نوعا من التطرف سيتحاملون في التحليل مما يفضي لإجراءات مغلوطة ، و كل التطرف غير محمود إلا ان التحامل المبدئي مفسد لما بعده ، كما ذكر في مثال البلدية الاوروبية.

واذا كان التحيز المفاهيمي مضلل ومفسد لاجراءات مكافحة الإرهاب وبالتالي ردعه ، فالاعتدال في التحليل وتخصيص الاهتمام الكافي لكل الاحتمالات هو بعينه اصل البصيرة ، وهذا الاعتدال منصف للمظلوم ومصيدة للكائد وسلاح ذراع العدل.

الجمعة 29 أكتوبر 2021

أحمد يسري جوهر
باحث اقتصادي وسياسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.