الصراط المستقيم

تذكير المسلمين بثوابت الدين

كتب/ هاني حسبو.

في زمان يكثر الحديث فيه عن ضرورة تجديد الخطاب الديني الإسلامي تحديدا كان لابد من التذكير بأن هناك ثوابت وخطوط حمراء لا يجب تجاوزها ألبتة ولا يجوز التنازل عنها ومنها:

أن الإسلام هو خاتم الأديان والرسالات، ولا يقبل الله من الناس غيره، فمن مات على غير الإسلام فهو من أهل النار، (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ) [آل عمران:85].

ومن الثوابت شمولية الإسلام، فهو نظام شامل يتناول مظاهر الحياة جميعًا لقوله تعالى: (مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ) [الأنعام:38]. فلا فصل بين الدين والعلم، ولا فصل بين الدين والسياسة، كما أنه لا فصل بين الدين والاقتصاد.

ومن ثوابت ديننا الحنيف أيضا أن الحلال ما أحله الله والحرام ما حرمه الله وسيبقى كذلك إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

ومن اصول المحرمات :

قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ‘ الأعراف 33.

ومن الثوابت إقامة العدل ومنع الظلم، قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [النحل:90].

ومن الثوابت أيضا ضرورة تحكيم القرآن في كل أمور حياتنا :

“إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما” (النساء: 105)، تكشف بكل وضوح الغاية من إنزال القرآن الكريم والرسالة على نبينا محمد عليه الصلاة والسلام وعموم الأنبياء عليهم السلام، وهي الحكم بين الناس في شؤونهم وأحوالهم وبيان الحق في تصوراتهم ومفاهيمهم.

ومن ثوابت هذا الدين تنظيم العلاقة بين الرجل والمرأة

لقد كفل الإسلام العدلَ بين الرجل والمرأة، فقد كلف كلًّا منهما حسب طبيعته وقدراته واستعداداته التي خلقه الله بها، فلم يكلِّف الإسلام المرأة بالعمل الشاقِّ والسعي على الرزق مثل الرجل، إلا في حالات الضرورة القصوى عندما لا تجد مَن يعولها، فليس من العدل أن تُطالَب المرأة بالخروج للعمـل مساواةً مع الرجل وهي التي خصَّها الله عز وجل بالحمل والولادة ورعاية الأطفال؛ من رضاعة وحنان ونظافة، فمن الظلم أن نطالبها بالعمل خارج منزلها وهي تقوم بكل هذا، ولكن من العدل أن يتكفَّل الرجل بالعمل والسعي للإنفاق عليها وعلى الأطفال، وهنا يقول الله عز وجل: ﴿ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ ﴾ [البقرة: 233].

وفي حدود العلاقة بين الرجل والمرأة أيضا جاء الإسلام بضوابط منها:

الالتزام بغض البصر من الفريقين، فلا ينظر إلى عورة، ولا ينظر بشهوة، ولا يطيل النظر في غير حاجة، قال تعالى: (قل للمؤمنين يَغُـضُّوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون.. وقل للمؤمنات يَغْـضُضْنَ من أبصارهن ويحفظن فروجهن). (النور 30، 31).

الالتزام من جانب المرأة باللباس الشرعي المحتشم، الذي يغطي البدن ما عدا الوجه والكفين، ولا يشف ولا يصف، قال تعالى: (ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها ولْـيَـضْرِبْنَ بخُمُرِهِنَّ على جيُوبهن). (النور: 31).

ومن الضوابط أيضا

الالتزام بأدب المسلمة في كل شيء، وخصوصًا في التعامل مع الرجال:.

في الكـلام، بحـيث يكـون بعيدًا عن الإغـراء والإثارة، وقد قال تعالى: (فلا تَخْـضَعْنَ بالقول فيطمع الذي في قلبه مَرَضٌ وقلن قولاً معروفًا). (الأحزاب: 32).

في المشي، كما قال تعالى: (ولا يـضربن بأرجلهن ليُعْلَمَ ما يُخْفِين من زينتهن) (النور: 31)، وأن تكـون كالتي وصفها الله بقوله: (فجـاءته إحداهما تمشي على استحياء). (القصص: 25).

في الحـركة، فلا تتكسر ولا تتمايل، كأولئك اللائي وصفهن الحديث الشـريف بـ ” المميـلات المائـلات ” ولا يـصدر عنهـا ما يجعلهـا من صنف المتبرجات تبرج الجاهلية الأولى أو الأخيرة.

أن تتجنب كل ما شأنه أن يثير ويغري من الروائح العطرية، وألوان الزينة التي ينبغي أن تكون للبيت لا للطريق ولا للقاء مع الرجال.

الحذر من أن يختلي الرجل بامرأة وليس معهما محرم، فقد نهت الأحاديث الصحيحة عن ذلك، وقالت :” إن ثالثهما الشيطان ” إذ لا يجوز أن يُخَلَّي بين النار والحطب.
وخصـوصًا إذا كانت الخلـوة مع أحـد أقارب الـزوج، وفيه جـاء الحـديث: ” إياكـم والدخـول على النسـاء “، قالـوا: يا رسـول الله، أرأيت الحَمْـو ؟ ! قال: ” الحمو الموت ” ! أي هو سبب الهلاك، لأنه قد يجلس ويطيل الجلوس، وفي هذا خطر شديد.

ومن الثوابت أيضا أن الله عز وجل تكفل بأن ينعم المجتمع بالاستقرار السياسي إذا أقاموا شرع الله تعالى:

“وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ.

كما تكفل الله تعالى بالانعام على المجتمعات بالاستقرار الاقتصادي إذا ما قاموا بمقتضى هذا الاستقرار:

الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا ۗ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ۚ فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىٰ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَمَنْ عَادَ فَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة:275]

وفي النهاية تأتي هذه الآية الجامعة

فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا [طه:123-124″

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.