ترامب وفصل التوأمين كوريا الشمالية وإيران
تحليل سياسي تكتبه/إيمان أبو الليل
لا أخفيكم سرا، لقد غرقت في دوامة الحيرة عندما قررت تحليل الموقف الإيراني ،فالمشهد من وجهة نظري يبدأ وينتهي خارج إيران نفسها، فاللعبة في إيران جد خطيرة ، وبها من الذكاء ما يجعلني أقف صامتة في حضرة روعة اللعبة ،حتى لو كنت أختلف مع جميع الأطراف أيدولوجيا أو سياسيا .
لقد سحبت نفسي من إرتباك مشهد مساءلة الرئيس الإيراني حسن روحاني أمام البرلمان أمس ٢٨/٨/٢٠١٨ وحددت خطوات قد تكون هي خيوط اللعبة :
أولا/ العلاقة بين التيار المتشدد والذي ينتمي إليه المرشد ويميل إليه الحرس الثوري وبين التيار المعتدل والذي ينتمي إليه حسن روحاني،
فبرغم موقف التيار المتشدد من امريكا العدو اللدود إلا أنه دعم ولاية روحاني لفترة ثانية ،ولكنه طالب بالوقوف بقوة وحسم في وجه امريكا ،في الوقت الذي جاء فيه رد روحاني عليه بأنه يسعى لكسر عزلة إيران والخروج بها للمجتمع الدولي
وإنطلاقا من سياسة روحاني التي تبدو للعالم بأنها ليبراليه
سعت امريكا الى إبرام اتفاقية جديدة لا تقتصر على الحد من الأنشطة النووية الإيرانية، وإنما تمتد لاحتواء الدور الإيرانى الذى يمثل تهديدا لاستقرار المنطقة وكذلك للمصالح الأمريكية بها.
ثانيا/ من هو المرشد القادم؟!
كانت المحافل السياسية حتى وقت قريب تتغنى باحتمالية أن يكون روحاني هو المرشح الأوفر حظا في تولي الإرشاد خلفا للمرشد الحالي على خامنئي .ولكن الوضع الذي يواجهه روحاني قد يطيح به وبمستقبله السياسي ، ومن الواضح أن لعبة تبادل الأدوار السياسية هي الراجحة الآن
فهناك تلميحات لاستعادة التيار المتشدد مرة أخرى ومن ثم سيكون المرشح الإرشاد هو :
مجتبى خامنئي، نجل المرشد علي خامنئي القريب من الحرس الثوري ويعتقد البعض أن علي خامنئي يقوم بتهيئة الوضع ليصبح نجله مرشدا للنظام بعده. وان التخلص من المعتدلين أصبح أمرا ضروريا.
فعندما وقعت طهران الاتفاقية النووية، برعاية إدارة أوباما، كان الهدف الرئيسى وراء ذلك هو دعم “المعتدليين ” فى مواجهة المتشددين، حيث اعتبرت القوى الدولية الموقعه على الاتفاق أن النتائج الإيجابية التى حققها روحاني فى انتخابات البرلمان فى ديسمبر 2016، وفوزه بفترة رئاسية ثانية، هو أهم ثمار الاتفاق النووى،
اذا فمساءلة روحانى هى إشارة بأن عودة التيار المتشدد للسيطرة على مقاليد الأمور فى البلاد هو البديل إذا ما استمرت الضغوط الدولية التى تواجهها طهران.
وهذا ما قد يفسر سر حجب البرلمان الإيراني الثقة عن وزير الاقتصاد والمالية، ووزير العمل والتعاون والرفاه الاجتماعي، بعد استجوابهما،
وهنا نسأل : ماذا حدث بخصوص الاتفاق النووي ولماذا غدرت أمريكا بايران؟
ثالثا/ كوريا الشمالية ….بعبع أمريكا
أعلن معهد واشنطن إلى أن الزعيم السياسي لكوريا الشمالية ورئيس هيئتها التشريعية كيم يونغ قام ب زيارة مطوّلة إلى إيران.
وكان السبب الرسمي هو حضور تنصيب الرئيس الإيراني حسن روحاني، لكنّ الزيارة طالت ودقّت ناقوس الخطر في واشنطن
.أشار معهد واشنطن للدراسات إلى اللقاءات الرفيعة المستوى التي جرت بين مسؤولي كوريا الشمالية وإيران في الأشهر الأخيرة، ورأى أنها مثيرة للقلق داخل الحكومة الأميركية بشأن عمق العلاقات العسكرية
ففي سبتمبر الماضي أمرَ الرئيس الأميركي دونالد ترامب وكالات الاستخبارات الأميركية بإعادة النظر من جديد في أي تعاون نووي ثنائي محتمل.إلّا أن المسؤولين في واشنطن وآسيا والشرق الأوسط الذين يتتبّعون الامر أكدوا أن بيونغ يانغ وطهران أشارتا إلى التزامهما بالتطوير المشترك لأنظمة قذائفهما ولبرامج أخرى عسكرية وعلمية. وسعت كوريا الشمالية إلى تطوير قدراتها النووية وخصوصا تلك المتعلقة بالقذائف بعيدة المدى، فطوّرت قذائف عابرة للقارات قد تكون قادرة على استهداف الولايات المتحدة برؤوس حربية نووية. وخلال الفترة نفسها رصدت وكالات الاستخبارات الأميركية العديد من المسؤولين الدفاعيين الإيرانيين في بيونغ يانغ، ما أثار المخاوف المتعلّقة باحتمال مشاركة التكنولوجيا المتقدمة الخطيرة بين البلدين.
وبدأت مناوشات وتهديدات أمريكية بمنع الدول من استيراد النفط من إيران وجاء رد إيران بضرب الحوثيون لناقلات النفط السعودية تهديدا لحركة الملاحة في البحر الاحمر .وهنا لابد من وقفة لنعترف بأن موقف أمريكا كاد أن يصبح مهلهلا إن لم تتدخل لفصل التوأمين (كوريا الشمالية وإيران) .
وقد حدثت المعجزة الغير متوقعة
بعد اللقاء التاريخي الذي جمع بين زعيمي الكوريتين الشمالية والجنوبية وتم فيه الإعلان بشكل رسمي انتهاء حالة الحرب بين البلدين والانتقال إلى مرحلة السلام الكامل وانتهاء برنامج كوريا الشمالية النووي والالتزام بتفكيكه تماماً،
ولعب المسوق البارع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في توظيف هذا الحدث لمصلحته السياسية، وخصوصاً بعد تصريح رئيس كوريا الجنوبية مون جاي بأن الرئيس الأميركي ترمب كان وراء هذا الإنجاز التاريخي. وعقب ذلك صرح الرئيس ترمب وسط حشد من أنصاره بأنه كان «مسؤولاً عن كل شيء» يخص هذا الإنجاز التاريخي،
...وبهذا الحدث استطاع ترامب فصل كوريا الشمالية عن ايران
والآن لابد من التساؤل حول موقف إيران ومصيرها بعد كوريا الشمالية والتي كانت القوة الداعمة لإيران أن تم الخلاص من الاتفاق النووي واعلان إيران كدولة إرهابية لابد من معاقبتها على صواريخها الباليستية ورعايتها لتنظيمات إرهابية مثل حزب الله والحوثيين في المنطقة؟!
خاصة بعد مناشدة روحاني لدول الجزيرة العربية وتحديدا السعودية بوقف التعامل مع إسرائيل مقابل عودة العلاقات مع ايران
وربما تكون هذه نقطة مفسرة ايضا لتصدع الشارع الأمريكي
،لاعتراض البعض على تلك العقوبات لكون إيران تمثل التوازن القوى لمنطقة الشرق الأوسط
لكن ترامب يرى أنه يمكن الاستفادة منها حتى وإن كسرت شوكتها.
ومازال المشهد الإيراني مفتوح لكل التوقعات ولم يحسم بعد.