تشاد تُغلق معبر إدري الحيوي مع السودان بعد سيطرة “الدعم السريع” على الفاشر

كتبت – د. هيام الإبس
فى تطور جديد يعكس تعقيدات الوضع الأمني في إقليم دارفور، أغلقت السلطات التشادية، معبر إدري الحدودي مع السودان، وذلك بعد أيام من سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور.
ويُعد هذا المعبر شريانًا حيوياً لتدفق المواد الغذائية والسلع التجارية والمساعدات الإنسانية القادمة من تشاد إلى المناطق الغربية من السودان.
تفاصيل الإغلاق
أكدت مصادر محلية من مدينة إدري التشادية أن السلطات منعت عبور العربات التي تجرها الخيول (الكارو) والتي تستخدم عادة في نقل الوقود والمواد الغذائية إلى مدينة أديكونج الواقعة داخل الأراضي السودانية.
وأوضحت المصادر أن القرار جاء عقب فرض عناصر تابعين لقوات الدعم السريع رسوماً جديدة على الكارو التي تحمل الوقود من إدري إلى المناطق الحدودية السودانية.
وأشارت المصادر إلى أن تشاد كانت تسمح سابقاً بمرور هذه العربات الصغيرة، بينما تمنع دخول الشاحنات والسيارات التجارية الكبيرة، في إطار رقابة مشددة على حركة البضائع بين الجانبين منذ اندلاع النزاع في السودان.
تباين الروايات حول أسباب القرار
تضاربت الروايات بشأن الدوافع الحقيقية وراء إغلاق المعبر، إذ أفادت بعض المصادر بأن الخطوة جاءت لدواع أمنية عقب تصاعد التوترات على الجانب السوداني من الحدود، بينما ربطت مصادر أخرى القرار بالتدخلات الجديدة لقوات الدعم السريع وفرضها إتاوات مالية على حركة البضائع، وهو ما اعتبرته السلطات التشادية خرقاً للترتيبات الحدودية السابقة.
التحركات المحلية لمعالجة الأزمة
ذكرت المصادر أن لجنة مجتمعية مشتركة من ممثلين سودانيين وتشاديين عقدت اجتماعاً طارئًا في مدينة إدري لبحث سبل حل الأزمة واستئناف حركة العبور.
وخلال الاجتماع، أبلغت السلطات التشادية اللجنة بأنها توقفت مؤقتاً عن السماح بدخول أي مواد أو وقود إلى السودان، بعد تلقيها تقارير تفيد بأن مسلحين سودانيين تابعين للدعم السريع فرضوا رسوماً غير قانونية على القوافل الصغيرة المتجهة إلى الداخل السوداني.
الأهمية الإنسانية والاقتصادية للمعبر
يعتبر معبر إدري الحدودي أحد أهم الممرات الإنسانية والتجارية بين تشاد وغرب السودان، إذ تمر عبره المساعدات الدولية والسلع الغذائية الأساسية التي تعتمد عليها المجتمعات المتضررة في ولايات دارفور، خاصة مع صعوبة إيصال المساعدات عبر الممرات الداخلية بسبب استمرار المعارك وانهيار البنية التحتية.
ويخشى مراقبون من أن يؤدي إغلاق المعبر إلى مفاقمة الأزمة الإنسانية في شمال دارفور، حيث يعيش مئات الآلاف من النازحين في ظروف معيشية صعبة ونقص حاد في الإمدادات.
ويأتى إغلاق معبر إدري في وقت حساس تشهد فيه دارفور تصاعداً في حدة الصراع بعد سيطرة قوات الدعم السريع على الفاشر، وسط مخاوف من توسع نطاق المعارك نحو الحدود الغربية.
ومن شأن استمرار إغلاق المعبر أن يعمق عزلة المناطق السودانية الحدودية، ويزيد من الضغط على المنظمات الإنسانية التي تعتمد على هذا الممر لإيصال المساعدات.
وفى ظل هذا المشهد، تبقى العلاقات بين تشاد والسودان أمام اختبار صعب، حيث تسعى انجمينا إلى الحفاظ على أمن حدودها دون الانخراط المباشر في الصراع الدائر داخل السودان.
نزوح أكثر من 4500 شخص من بارا بشمال كردفان
من جهة أخرى، تشهد ولاية شمال كردفان موجة نزوح متسارعة من محلية بارا إلى مدينة الأبيض، إثر تدهور الأوضاع الأمنية واستمرار الانتهاكات المنسوبة لقوات الدعم السريع ضد المدنيين، بحسب ما أفادت شبكة أطباء السودان في تقرير ميداني صدر اليوم الجمعة 31 أكتوبر 2025.
وقالت الشبكة إن عدد النازحين تجاوز 4500 شخص، بينهم 1900 وصلوا بالفعل إلى مدينة الأبيض، بينما لا يزال الباقون في طريقهم وسط ظروف إنسانية قاسية ونقص حاد في الغذاء والمياه والمأوى.
وأضافت المصادر الطبية لشبكة أطباء السودان أن معظم الأسر النازحة وصلت وهي في حالة إنهاك شديد، حيث سُجّلت إصابات متعددة بحالات الإسهال وسوء التغذية، خاصة بين الأطفال وكبار السن، مشيرة إلى أن المرافق الصحية في الأبيض تعاني من ضغط متزايد يفوق طاقتها التشغيلية بسبب النقص الكبير في الأدوية والمستلزمات الطبية والكوادر العاملة.
وأدانت شبكة أطباء السودان ما وصفته بـ”عمليات التهجير القسري” التي يتعرض لها المدنيون في مدينة بارا على يد قوات الدعم السريع، معربة عن قلقها البالغ من تفاقم الوضع الإنساني.
ودعت الشبكة، المنظمات الإنسانية والسلطات المحلية إلى التدخل العاجل لتوفير الاحتياجات الأساسية للنازحين، كما ناشدت منظمة الصحة العالمية وشركاء القطاع الصحي دعم المرافق الطبية في الأبيض، محذّرة من أن استمرار موجة النزوح ينذر بـأزمة إنسانية جديدة في حال عدم التحرك السريع لتدارك الموقف.
تعرض المئات لعنف جنسي وإصابات في الفاشر
فى الأثناء، وصف آدم رجال، الناطق باسم المنسقية العامة للنازحين واللاجئين، اليوم الجمعة، ما جرى في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور على يد قوات الدعم السريع من قتلٍ وعنفٍ جنسي بأنه “فظيع ومروّع ويتطلب محاسبة عاجلة”.
وقال آدم رجال: إن قوات الدعم السريع أطلقت الرصاص الحي على الفارّين من مدينة الفاشر.
وأضاف أن أكثر من 450 شخصًا أُدخلوا إلى مستشفى طويلة، جزءٌ منهم مصاب بأعيرة نارية وآخرون تعرّضوا لعنف جنسي، وأشار إلى أن الناجين من الفاشر يحتاجون إلى دعمٍ نفسي عاجل لما شاهدوه من فظائع وقتلٍ وتنكيل.
وأوضح أن النازحين في طويلة يحتاجون إلى الغذاء والدواء والكساء ومياه الشرب النظيفة والصرف الصحي.
ولفت إلى أن آلاف النازحين يقضون حاجاتهم في العراء، مما يؤدي إلى زيادة الأمراض، خاصة الكوليرا المنتشرة في منطقة طويلة، على حدّ قوله.
ودعا رجال، طرفي الصراع إلى السير في اتجاه إيقاف الحرب لوقف معاناة الشعب السوداني من القتل والتشريد، كما طالب بفتح الطرق والمسارات لإيصال المساعدات الإنسانية من خلال وقف إطلاق النار والتوصّل إلى سلامٍ شامل.
 
				





