Site icon وضوح الاخبارى

تصاعد التوترات على الحدود السودانية الإثيوبية .. اشتباكات عنيفة ونشر قوات

تصاعد التوترات على الحدود السودانية الإثيوبية .. اشتباكات عنيفة ونشر قوات 3

كتبت : د.هيام الإبس

فى تطور مثير للقلق على الساحة الإقليمية، شهدت المنطقة الحدودية بين السودان وإثيوبيا اشتباكات عنيفة لليوم الثانى على التوالى بين الجيش الإثيوبى النظامى ومجموعة “فانو” المسلحة.

هذه التطورات تسلط الضوء على الوضع المتوتر فى المنطقة وتثير مخاوف من تصاعد محتمل للصراع.

وفقًا لمصادر عسكرية سودانية، تركزت المعارك فى جنوب منطقة عبد الرافع القريبة من محلية القريشة فى ولاية القضارف.

وقد استخدم الطرفان أسلحة ثقيلة وخفيفة فى هذه المواجهات، مما يشير إلى شدة القتال وخطورة الوضع.

من جانبه، استخدم الجيش الفيدرالى الإثيوبى، فى محاولة للتصدى لهجوم مليشيات فانو؛ المدفعية الثقيلة والرشاشات، وقد نجحت القوات الحكومية فى صد الهجوم، مما أدى إلى انسحاب عناصر المليشيات بعد تكبدهم خسائر فادحة.

وفى رد فعل سريع على هذه التطورات، قامت الحكومة الإثيوبية بنشر تعزيزات عسكرية كبيرة فى المنطقة، هذه التعزيزات، التى تقدر بحوالى كتيبتين، تم تزويدها بأسلحة ثقيلة وأجهزة اتصال متطورة، بالإضافة إلى عربات قتالية، وقد تمركزت هذه القوات فى مقر الشرطة الفيدرالية بمدينة شهيدى، القريبة من محلية باسندة الحدودية فى ولاية القضارف.

يبدو أن هذا الانتشار العسكرى يأتى فى إطار جهود الحكومة الإثيوبية لاستعادة السيطرة على المنطقة واستئناف الحركة التجارية عبر معبر القلابات الحدودى، هذا المعبر، الذى يربط بين السودان وإثيوبيا، وكان قد توقف عن العمل منذ أغسطس الماضى بعد سيطرة المليشيات المتمردة على مدينة المتمة وإحراق مبانى الجمارك والجوازات الحدودية.

تصاعد التوترات على الحدود السودانية الإثيوبية .. اشتباكات عنيفة ونشر قوات 1

فى المقابل، تسعى مليشيات فانو إلى تعزيز وجودها فى المنطقة.

فقد تمكنت من السيطرة على عدد من المدن والقرى الحدودية فى محليتى باسندة والقريشة بولاية القضارف، وتسعى الآن إلى إنشاء قاعدة عسكرية على الحدود، كما قامت بإنشاء معسكرات تدريب خاصة بأفرادها والشباب الذين يدعمونها فى تلك المدن، مما يشير إلى نيتها فى توسيع نفوذها وزيادة قدراتها العسكرية.

تطورات تثير مخاوف احتمال امتداد الصراع إلى مناطق أخرى

هذه التطورات تثير مخاوف جدية حول مستقبل الاستقرار فى المنطقة الحدودية بين السودان وإثيوبيا، فمع استمرار الاشتباكات وتصاعد التوترات، تزداد المخاوف من احتمال امتداد الصراع إلى مناطق أخرى أو تأثيره على العلاقات بين البلدين.

وفى ظل هذه الظروف المعقدة، يبدو أن هناك حاجة ملحة لتدخل دبلوماسى وإقليمى لنزع فتيل التوتر وإيجاد حل سلمى للأزمة، فاستمرار الصراع قد يكون له تداعيات خطيرة ليس فقط على السودان وإثيوبيا، بل على استقرار منطقة القرن الأفريقى بأكملها.

تدهور الأوضاع الأمنية فى الأمهرة

جاء تصاعد الاشتباكات بين مليشيا فانو والقوات الحكومية بالتزامن مع التحذيرات التى أشارت إليها بعض التقارير المحلية والإقليمية بشأن تفاقم الأوضاع الأمنية فى إقليم الأمهرة، الذى يُعد ثانى أكبر الأقاليم الإثيوبية بعد أوروميا، حيث تنتشر العديد من المليشيات والجماعات المسلحة فى الإقليم، فضلاً عن الجماعات الخارجة عن القانون التى تستفيد من موقع الإقليم الاستراتيجى، بحدوده مع السودان وإريتريا واتصاله بأربعة أقاليم إثيوبية مُجاورة؛ لتنمية تجارتها غير المشروعة وتهريب الأسلحة، وتشير بعض التقارير إلى انضمام بعض المجموعات المسلحة فى إقليم الأمهرة إلى مليشيا فانو لدعمها فى مواجهة القوات الحكومية الإثيوبية، وهو ما قد يزيد المشهد تعقيداً.

تصاعد التوترات على الحدود السودانية الإثيوبية .. اشتباكات عنيفة ونشر قوات 2

مزاعم بوجود دعم خارجى لمليشيا فانو

ويتركز وجود مليشيا فانو فى منطقة “المتمة” بشمال غرب الأمهرة، المتاخمة للحدود السودانية، حيث عمدت المليشيا خلال الأيام الأخيرة إلى تصعيد هجماتها بالمدفعية الثقيلة ضد معسكرات القوات الحكومية فى المناطق القريبة من مدينة المتمة، وهو ما اعتبرته بعض التقديرات بمثابة تحول فى النمط القتالى الذى كانت تتبعه المليشيا فى السابق، والذى كان قائماً بالأساس على الكر والفر لاستنزاف القوات الحكومية فى المناطق الجبلية التى كان يدور فيها القتال؛ إذ تتجه المجموعة حالياً لتكثيف هجماتها بالقرب من المناطق الحدودية مع السودان، وهو ما ربطته هذه التقديرات بالمزاعم المنتشرة حالياً بوجود دعم خارجى لمليشيا فانو من قبل بعض الأطراف الإقليمية، وربما يتسق ذلك مع التهديدات التى لوّح بها قادة الصومال خلال الآونة الأخيرة بإمكانية القيام بدعم المجموعات المتمردة فى إثيوبيا، كرد فعل للتوترات المتزايدة بين مقديشو وأديس أبابا؛ بسبب مذكرة التفاهم التى وقعتها الأخيرة مع جمهورية أرض الصومال (صوماليلاند) فى يناير 2024، لكن حتى الآن لا يوجد ما يؤكد صحة هذا الطرح.

تداعيات مُحتملة على المشهد السودانى

يضم إقليم الأمهرة الإثيوبى العديد من النازحين السودانيين بسبب الحرب الراهنة فى السودان، ومنذ اندلاع هذه الحرب فى إبريل 2023 ظل معبر “المتمة” هو الوحيد أمام السودانيين للدخول إلى إثيوبيا؛ ومن ثم فتفاقم الاشتباكات المسلحة فى إقليم الأمهرة بين مليشيا فانو والحكومة الإثيوبية يمكن أن يفاقم الأوضاع الداخلية فى الإقليم، بما فى ذلك الملاجئ الخاصة بالسودانيين، وقد يمتد تأثير هذه الاشتباكات إلى الداخل السودانى، سواء من خلال التأثير فى استمرار مرور السودانيين إلى إثيوبيا، أو حدوث نزوح عكسى إلى السودان وتفاقم حالة السيولة الأمنية على الحدود الإثيوبية السودانية.

فى الختام، تبقى الأنظار متجهة نحو تطورات الأحداث فى الأيام القادمة، مع الأمل فى أن تتمكن الأطراف المعنية من التوصل إلى حل يضمن الاستقرار والأمن فى هذه المنطقة الحساسة.

 

 

Exit mobile version