تصاعد الرفض الإقليمي والدولي للحكومة الموازية في السودان
مجلس الأمن يرفض الحكومة الموازية ويدعو للحوار بين كل أطراف النزاع

✍ كتبت: د. هيام الإبس
اصطدمت فكرة الحكومة الموازية التي تسعى قوات الدعم السريع لإعلانها في مناطق سيطرتها بموجة واسعة من الرفض الإقليمي والدولي، حيث اعتبرت تهديدًا لوحدة السودان وخطوة نحو تقسيم البلاد. في المقابل، تبنت بعض الدول موقف الحياد تجاه التطورات الأخيرة.
قلق دولي من “ميثاق نيروبي”
أثار توقيع “ميثاق نيروبي”، الذي شمل أحزابًا سياسية وجماعات مسلحة وقوات الدعم السريع، قلق الأمم المتحدة والولايات المتحدة ومجلس الأمن الدولي، حيث اعتُبر تصعيدًا خطيرًا لا يخدم تحقيق السلام والاستقرار في السودان.
وشمل الميثاق توقيع دستور انتقالي، ينص على علمانية الدولة، وإلغاء الوثيقة الدستورية الانتقالية لعام 2019، إلى جانب جميع القوانين والمراسيم السابقة، وهو ما أدى إلى تصاعد ردود الفعل المعارضة.
رفض دولي واسع لتشكيل حكومة موازية
سارعت العديد من الدول إلى رفض الخطوة، أبرزها:
- مصر، المملكة العربية السعودية، قطر، الكويت، الأردن، تركيا، الصومال، والتي أكدت أن الإجراءات غير شرعية وتهدد وحدة السودان.
- الصين حذرت في مجلس الأمن من أن إعلان حكومة موازية قد يؤدي إلى تقسيم البلاد.
- روسيا أكدت أن الحل الوحيد يكمن في التعاون مع الحكومة المركزية.
- المؤتمر الدولي لمنطقة البحيرات الكبرى أعرب عن قلقه الشديد من الخطوة، معتبرًا أنها تقوض السلام الإقليمي.
في المقابل، لم تصدر الإمارات موقفًا رسميًا، رغم اتهامها سابقًا بتزويد قوات الدعم السريع بالأسلحة، وهي مزاعم نفتها أبوظبي.
ردود الفعل السودانية: رفض قاطع للمبادرة
رحبت وزارة الخارجية السودانية بمواقف الدول الرافضة لتشكيل حكومة موازية، معتبرة أن كينيا تتحمل مسؤولية دعم “ميليشيا الإبادة الجماعية”، في إشارة إلى قوات الدعم السريع.
ودعت الخارجية المجتمع الدولي إلى إدانة الخطوة واعتبارها تهديدًا خطيرًا للأمن الإقليمي، مشيرة إلى أن الحكومة الكينية تحاول شرعنة جرائم الحرب التي ترتكبها قوات الدعم السريع.
مجلس الأمن يرفض الحكومة الموازية
اعتمد مجلس الأمن الدولي بيانًا أعرب فيه عن قلقه البالغ إزاء توقيع ميثاق نيروبي، مؤكداً أن أي خطوة أحادية الجانب قد تفاقم الأزمة السودانية.
وشدد البيان على أهمية:
- وقف فوري للأعمال العدائية
- الحوار السياسي بين أطراف النزاع
- التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار
اعتقال ياسر عرمان في نيروبي.. أبعاد سياسية؟
أعلنت السلطات الكينية اعتقال ياسر عرمان، رئيس الحركة الشعبية – التيار الثوري الديمقراطي، بموجب مذكرة توقيف دولية صادرة عن الحكومة السودانية.
ورغم إطلاق سراحه لاحقًا، أكد مني أركو مناوي، حاكم إقليم دارفور، أن توقيف عرمان جاء بسبب مخاوف من تخريبه لمشروع الحكومة الموازية.
سيناريوهات مستقبلية
يرى محللون أن المجتمع الدولي قد يضطر للتعامل مع الحكومة الموازية كأمر واقع في المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، خاصة فيما يتعلق بإيصال المساعدات الإنسانية.
في المقابل، حذر الخبير في العلاقات الدولية، د. ياسر محمد، من أن الحكومة الموازية لن تحظى بأي شرعية دولية، ما يجعلها غير قادرة على إصدار عملة أو وثائق رسمية، مشيرًا إلى أن الدعم السريع يستخدم فكرة تشكيل الحكومة كورقة ضغط سياسية.
ختامًا.. السودان عند مفترق طرق
في ظل استمرار الحرب منذ أبريل 2023، والتي أدت إلى مقتل عشرات الآلاف ونزوح 12 مليون شخص، تتزايد المخاوف من أن يؤدي تشكيل حكومة موازية إلى تعقيد المشهد السوداني، مما يهدد بترسيخ الانقسام الداخلي ويطيل أمد الصراع.