تضارب الأخبار حول ثروة عائلة الأسد: إمبراطورية عقارية دولية توازي ثلاثة أرباع اقتصاد سوريا
بالفيديو ..صحيفة وول ستريت تكشف: عائلة الأسد تجهزت جيدا للمنفى بثروة ضخمة
كتب – محمد السيد راشد
تشير التقارير الدولية إلى أن عائلة الأسد بنت ثروة ضخمة تُقدّر بمليارات الدولارات، مستغلةً موارد سوريا الوطنية وأزمات البلاد. بينما يعيش 70% من السوريين تحت خط الفقر وفقاً لتقديرات البنك الدولي لعام 2022، تحافظ العائلة الحاكمة على نمط حياة باذخ.
وذكرت تقرير لصحيفة إندبندنت البريطانية أن هذه الأموال جمعت غالباً من خلال احتكار الدولة لقطاعات معينة، إلى جانب تجارة المخدرات، بخاصة مادة الكبتاجون الأمفيتامين، وجزء كبير من هذه الأموال أعيد استثماره في مناطق تخضع لحماية قانونية تحول دون وصول القانون الدولي إليها. وواصلت ثروة عائلة الأسد النمو خلال سنوات الحرب الأهلية السورية التي اندلعت عام 2011، بينما كان المواطنون السوريون يعانون تداعيات الصراع.
إمبراطورية خفية
تُقدّر قيمة الأصول والأعمال التجارية المرتبطة بعائلة الأسد بما يتراوح بين مليار و12 مليار دولار، وفق تقرير لوزارة الخارجية الأميركية عام 2022. تشمل مصادر هذه الثروة احتكار قطاعات اقتصادية، تجارة الكبتاجون، واستثمارات في العقارات الفاخرة حول العالم، منها موسكو، لندن، ودول خليجية.
وتميز عديد من الشخصيات البارزة في نظام الأسد بطابعهم التجاري إلى جانب دورهم العسكري، وعلى رأسهم أسماء الأسد، زوجة بشار الأسد البريطانية المولد، والتي كانت تعمل مصرفية في بنك “جي بي مورغان” قبل انضمامها إلى دائرة السلطة. وقال المحامي المتخصص في حقوق الإنسان في “غورنيكا 37 إنترناشيونال جاستس تشامبرز” بلندن توبي كادمان، والذي حقق في أصول الأسد، “كانت العائلة الحاكمة خبيرة بقدر ما في العنف الإجرامي كما كانت في الجريمة المالية”.
وقد تعذر وصول الصحيفة إلى بشار الأسد وأفراد عائلته المباشرين للحصول على تعليق. ومن المرجح أن يكون العثور على أصول عائلة الأسد وتجميدها مهمة معقدة، فقد نفذت الولايات المتحدة حملة عقوبات طويلة الأمد ضد النظام، دفعت القائمين على إدارة أموال الأسد إلى إخفاء ثرواتهم خارج الغرب وعبر ملاذات ضريبية، كما واجه المحققون الذين قادوا جهود تعقب المليارات المخبأة من قبل صدام حسين ومعمر القذافي تحديات كبيرة على مدى سنوات، إذ تعاملوا مع شركات وهمية ورفعوا دعاوى قضائية دولية لاستعادة الأموال، لكن النتائج كانت محدودة.
عائلة الأسد وتكديس الثروات
كانت عائلة الأسد بدأت تكديس ثروتها بعد فترة وجيزة من استيلاء حافظ الأسد على السلطة في سوريا عقب انقلاب أبيض. وعندما تولى حافظ الأسد السلطة، عين صهره محمد مخلوف، الذي كان حينها موظفاً متواضعاً في شركة طيران، مسؤولاً عن احتكار البلاد المربح لاستيراد التبغ، وفقاً لأيمن عبدالنور، صديق بشار الأسد خلال الجامعة. وأشار عبدالنور الذي أصبح لاحقاً مستشاراً غير مدفوع الأجر لبشار الأسد إلى أن محمد مخلوف حصل على عمولات كبيرة من قطاع البناء المزدهر.
وعندما خلف بشار والده في قيادة البلاد عام 2000، نقل مخلوف إمبراطوريته التجارية إلى ابنه رامي. وقال المحامي الفرنسي ويليام بورودون الذي حقق في أصول عائلة الأسد إن عائلة مخلوف كانت متوقعة أن تجمع الأموال نيابة عن الرئيس وتمول النظام وعائلته الحاكمة عند الحاجة. وأضاف بورودون، “عائلة مخلوف هم بمثابة الحجاب لعائلة الأسد”.
وأصبح رامي مخلوف لاحقاً الممول الرئيس للنظام السوري، إذ امتلك أصولاً واسعة في قطاعات المصارف والإعلام والأسواق الحرة وشركات الطيران والاتصالات، وبلغت ثروته ما يصل إلى 10 مليارات دولار وفقاً لتقرير وزارة الخارجية الأميركية. وكانت قد فرضت الحكومة الأميركية عقوبات على مخلوف عام 2008 بتهمة الاستفادة من الفساد العام الذي يمارسه مسؤولو النظام السوري وتقديم الدعم لهم.
تجارة الكبتاجون
برزت تجارة المخدرات، خصوصاً الكبتاجون، كمصدر أساسي للتمويل. تشير التقارير إلى أن عائدات هذه التجارة بلغت 2.4 مليار دولار سنوياً بين 2020 و2022. وأشرف ماهر الأسد، شقيق بشار الأسد، على تهريب الكبتاجون باستخدام فرق عسكرية، مما ساعد النظام على تخطي العقوبات الدولية.
العقوبات الدولية
واجه النظام السوري حملات عقوبات طويلة الأمد، مما دفع العائلة إلى نقل أموالها إلى ملاذات آمنة. جُمدت أصول بقيمة 90 مليون يورو لرفعت الأسد في فرنسا عام 2019، بينما جمدت بريطانيا وسويسرا أصولًا أخرى تُقدّر بعشرات الملايين.
نمط حياة باذخ
بينما يعاني السوريون، يمتلك أفراد عائلة الأسد عقارات فاخرة وسيارات رياضية، ويعيشون حياة مترفة. يظهر هذا التناقض الصارخ كرمز لاستغلال موارد البلاد لصالح العائلة.
إرث ثقيل ومستقبل غامض
مع استمرار الجهود الدولية لتعقب أصول الأسد، يبقى السؤال: هل يمكن استعادة هذه الثروات للشعب السوري؟ يرى المراقبون أن استرجاع الأموال يتطلب إرادة سياسية قوية وتعاوناً دولياً مستمراً، وسط استمرار معاناة الملايين من السوريين.