تعمّق الخلافات بين بايدن ونتنياهو ورفض أمريكي للعملية الاسرائيلية في رفح
كتب -محمد السيد راشد
تسببت الانتقادات النادرة التي وجّهها الرئيس الأميركي جو بايدن إلى لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن الحرب على غزة، في تعمّق الخلافات بينهما، التي أصبحت أكثر وضوحاً خلال رحلتي وزير الخارجية أنتوني بلينكن الأخيرتين إلى المنطقة، بما في ذلك الزيارة التي اختُتمت يوم الخميس.
وقال بايدن، خلال مؤتمر صحافي في البيت الأبيض مساء الخميس الماضي ، إن الردّ العسكري الإسرائيلي في قطاع غزّة “تجاوز الحد”.
ونقلت شبكة “أن بي سي نيوز” الأميركية عن مسؤول كبير في إدارة بايدن قوله إن تعليقات الأخير تعكس انقساماً متزايداً بين الولايات المتحدة ونتنياهو، بشأن صفقة الأسرى المحتملة والحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة.
وأشار المسؤول إلى أن نتنياهو ظهر في مؤتمر صحافي بعد اجتماعه مع بلينكن يوم الأربعاء الماضي، معلناً رفضه الموقف الأميركي قبل أن يتمكن بلينكن من مخاطبة وسائل الإعلام.
وخلال رحلة بلينكن التي اختتمت يوم الخميس الماضي، رفض نتنياهو على الفور ردّ حركة حماس على صفقة الإطار، التي ساعد مدير وكالة المخابرات المركزية “سي آي آيه” بيل بيرنز في التوسط فيها في باريس لوقف الحرب والإفراج عن الأسرى، واصفاً إياه بـ”الوهمي”.
وبعد ساعات قليلة من إدانة نتنياهو لردّ حماس، قال بلينكن في مؤتمر صحافي في تل أبيب “في حين توجد بعض الأمور غير الواضحة في ردّ حماس، فإننا نعتقد أنه يخلق مساحة للتوصل إلى اتفاق”، مستدركاً: “هناك نقاط لم تُقبَل في ردّ حماس على المقترح، وواشنطن ستواصل التركيز على إعادة الرهائن”.
وقال المسؤول الأميركي للشبكة إن إسرائيل لا تزال تشارك بشكل خاص في المفاوضات بشأن الأسرى. وقال اثنان من كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية إن الإدارة تعتقد أن تعليقات نتنياهو العلنية هي جزئياً تكتيك تفاوضي للتوصل إلى اتفاق أفضل مع حماس، إلى جانب محاولة طمأنة وزيري حكومته إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش بأنه لن يقبل صفقة سيئة.
ووفقاً للمسؤول الأميركي، هناك خلاف أكثر حدة بين الولايات المتحدة ونتنياهو، حول العدد الكبير من الضحايا المدنيين. وقد وصل الأمر إلى ذروته بعد إشارة الأخير إلى الاستعداد لهجوم بري في رفح المكتظة بالنازحين من شتى مناطق القطاع المدمر، في حين أوضح بلينكن معارضته لهذه العملية، وقال البيت الأبيض إنه لن يؤيدها.
خلافات نتنياهو ورئيس الأركان
وكجزء من جهوده الأخيرة للاجتماع بشكل منفصل مع القادة العسكريين وقادة المعارضة الرئيسيين في إسرائيل، كان بلينكن قد حدد موعدًا لعقد اجتماع مع رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هيرتسي هليفي في أثناء وجوده في تل أبيب. ووفقاً لمسؤول كبير في الإدارة الأميركية ومسؤول إسرائيلي سابق، “اقتحم بيبي (بنيامين نتنياهو) الاجتماع” حتى لا يجتمع رئيس الأركان مع الوزير على انفراد، بحسب ما أوردت الشبكة.
والتقى بلينكن بشكل منفصل في اليوم التالي أحد أعضاء المعارضة في الحكومة الائتلافية، الجنرال السابق بيني غانتس، وكذلك الجنرال غادي آيزنكوت، الذي انتقد علناً استراتيجية الحرب التي ينتهجها نتنياهو.
وبينما يوجد أيضًا خلاف حول الحاجة الملحّة لإيصال المزيد من المساعدات الإنسانية إلى غزة، قال اثنان من كبار مسؤولي الإدارة الأميركية ومسؤول إسرائيلي سابق للشبكة، إن الولايات المتحدة وإسرائيل تتفقان على استخدام وكالة “أونروا” لتوصيل المساعدات إلى غزة في الوقت الحالي، إلى حين التمكن لاحقاً من استبدالها.
“عدم الثقة” في حكومة نتنياهو
وفي سياق متصل، ذكرت صحيفة نيويورك تايمز، أنها حصلت على تسجيل أعرب فيه نائب مستشار الأمن القومي للرئيس، جون فاينر، عن “عدم الثقة” في حكومة نتنياهو، خلال اجتماع مع زعماء الأقلية الإسلامية والعربية هذا الأسبوع.
وأكد مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض أن تعليقات فاينر، كما ذكرت الصحيفة، كانت دقيقة.
وفي السياق، قال مسؤول في الإدارة لـ”أسوشييتد برس” إن فاينر كان يتحدث، على وجه التحديد، عن التزام حكومة نتنياهو بالسعي إلى حل الدولتين، وهو الحل الذي تتعايش فيه إسرائيل مع دولة فلسطينية مستقلة، بمجرد انتهاء الحرب، في وقت عارض نتنياهو طوال حياته السياسية إنشاء دولة فلسطينية.
وقالت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي، أدريان واتسون، في بيان “كان الرئيس والسيد فاينر يفكران في المخاوف التي كانت لدينا منذ بعض الوقت، بشأن الخسائر في أرواح الفلسطينيين في هذا الصراع، والحاجة إلى الحد من الأضرار التي لحقت بالمدنيين”.
وأضافت واتسون: “لقد أوضح الرئيس منذ الأيام الأولى لهذا الصراع أننا نشارك في هدف هزيمة حماس، ولكن يجب على إسرائيل أن تقلّل، قدر الإمكان، من تأثير عملياتها على المدنيين الأبرياء”.
وتحدث فاينر في التسجيل أيضاً عن “الأخطاء” التي ارتكبتها إدارة بايدن، وأعرب عن أسفه لأن الإدارة ربما تركت “انطباعاً ضاراً للغاية” في وقت مبكر من الحرب، من خلال “المحاسبة العامة غير الكافية على الإطلاق لمدى تقدير الرئيس والإدارة والدولة لحياة الفلسطينيين”.