تقرير: البصمات الإسرائيلية واضحة في اغتيال عمر النايف ببلغاريا
اتسمت تعليقات المسؤولين الإسرائيليين على نبأ اغتيال الأسير الفلسطيني السابق في العاصمة البلغارية بالتحفظ منذ لحظة الإعلان عنه. فقال مسؤول لموقع ويلا الإلكتروني ‘لا علاقة لنا بالحادث’، رغم مسارعة الفصائل الفلسطينية إلى اتهام جهاز الموساد الإسرائيلي بالعملية التي وقعت داخل سفارة فلسطين، حيث لجأ النايف قبل شهرين ونصف هربا من مذكرة جلب إسرائيلية.
لكن وزارة الخارجية الإسرائيلية لم تنف في المقابل أنه ‘أسير فار’، وأن القضاء العسكري الإسرائيلي ‘طلب تسليمه فعلا’. لكنها قالت إن ‘خبر موته سمعناه من وسائل الإعلام.. ونحن نطلع على التفاصيل’.
غير أن الحقائق ما لبثت أن ظهرت بالتدريج على ألسنة أطراف الملف على الضفتين الفلسطينية الإسرائيلية، لتضعف الرواية الرسمية الإسرائيلية عن الاغتيال. ففي معرض تعليقها على الحادث يوم الإعلان عنه في 26 فبراير 2016 قالت يافا بنحاسي شقيقة المستوطن الإسرائيلي إلياهو عمادي الذي أدين النايف قبل ثلاثة عقود بقتله، لوسائل الإعلام الإسرائيلية ‘قبل شهرين، أبلغتنا وزارة الخارجية باكتشاف المخرب’.
بيد أن كاشف النايف -شقيق عمر- صحح هذه المعلومة عندما سئل عنها في سياق مقابلة بثتها قناة ‘بي تي في’ البلغارية قبل يومين، فقال إن ضابطا إسرائيليا قال لرانيا النايف (أرملة عمر) قبل 21 عاما عند سفرها من جنين وعبورها الجسر في طريقها إلى بلغاريا للاقتران به، ‘أبلغي تحياتنا لزوجك في بلغاريا’. وزاد كاشف النايف -الذي قدم إلى بلغاريا من الضفة لمواساة عائلة شقيقه في محنتها- إن الصحافة الإسرائيلية سبق لها أن نشرت ‘مطالبات تقول: ما دمنا نعرف عمر أين هو، فلماذا نصمت على وجوده؟’.
ويعطي المختص بالشؤون الإسرائيلية حلمي موسى بعدا آخر للإصرار الإسرائيلي على ملاحقة النايف، فهو يقول -في مقال نشرته ‘السفير’ اللبنانية في 27 فبراير إن ‘من الجائز أن نجاح الشهيد في الفرار من يد السجّان الإسرائيلي، مثّل شهادة له في الجرأة، خصوصا أن مثل هذا العمل يعتبر نادرا، لكنه أيضا وفر الأساس الدائم لملاحقته. فهو -عدا نجاحه في الهرب- كان متهما ومدانا من محكمة إسرائيلية، وبالتالي فهو مطلوب بدرجة إلحاحية لأجهزة الأمن الإسرائيلية وانتقامها’.
أما المعلق في صحيفة معاريف الإسرائيلية يوسي ميلمان، فأقر بأن إسرائيل هي المشتبه بها الأساسي في اغتياله، لأنها طالبت بتسليمه قبل شهرين. وأوضح أن هناك احتمالات عدة بشأن المنفذين: ‘إذا كانت إسرائيل فعلا ضالعة، فهذا يقتضي أن تكون العملية تمت بأيدي الموساد المسؤول عن العمليات الخاصة خارج الدولة’. أما الاحتمال الثاني فهو ‘أن يكون المنفذ شخصا من الداخل من موظفي السفارة أو أحدا يعرفه ويلتقي به داخل المبنى’.
وبخصوص المعلومات الأولية التي أشارت إلى أن مقتل النايف قد يكون سببه السقوط من طابق مرتفع، يقول ميلمان إن ذلك ‘يمكن أن يفسر كانتحار أو شبه انتحار’، بمعنى أن أحدا يريد الإيهام بأنه انتحر.
في المحصلة لا يبدو أن ملابسات مقتل النايف داخل السفارة الفلسطينية التي كانت تفتقر إلى الحرس وأجهزة المراقبة، ستتضح قريبا بسبب التعقيدات المواكبة للجريمة ولجوئه إلى السفارة قبلها.
لكن التعقيب العفوي لشقيقة المستوطن القتيل يبدو ملفتا، مع الأخذ بعين الاعتبار تجربة الموساد الإسرائيلي في ملاحقة الناشطين الفلسطينيين واغتيالهم أو اختطافهم، كما حصل مع محمود المبحوح في دبي وضرار أبو سيسي في أوكرانيا.
فقد قالت بنحاسي لوسائل الإعلام الإسرائيلية ما نصه: ‘النتيجة اليوم تغطي كل السنوات التي تجوّل (عمر) حرا خلالها، اعتقدنا أنه يخطط لعملية أخرى إلى أن أبلغونا في نهاية الأمر أنهم عثروا عليه. كان الأمر مخيفا ومحبطا، لكن النهاية سعيدة وكل شيء جيد، وفي هذا عزاؤنا. لقد أغلقت الدائرة’.